نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريرا قالت فيه إن
الجيش الإسرائيلي توصل بعد
التحقيق في حدث "الجمعة السوداء" أو بروتوكول هنبعل، الذي قد يكون أكثر الأحداث إثارة للجدل خلال الحرب على
غزة الصيف الماضي، إلى أن هناك أخطاء إجرائية قد حصلت من الجيش الإسرائيلي، وليس
جرائم حرب.
ويشير التقرير، الذي اطلعت عليه "عربي21"، إلى أنه بالرغم من ذلك فإن قاضي الجيش داني عفروني سيتخذ قراره النهائي بالنسبة للحادثة التي قادت إلى مقتل 180 فلسطينيا مدنيا، وقد يكون الرقم نصف ذلك، بحسب الاختلاف بخصوص عدد العسكريين منهم، الذي يقدر بـ 40 إلى 144.
وتقول الصحيفة إن الحادثة قد حصلت بينما كانت وحدة من لواء جيفاتي تقوم بالبحث عن أنفاق خلال هدنة إنسانية، حيث تم اختطاف الملازم هادار غولدن، وبعدها أرسل الجيش وحدة صغيرة لمحاولة منع الخاطفين من الهروب، واكتشف التحقيق أن الطائرات الإسرائيلية ضربت 19 هدفا عسكريا، كما قامت طائرات الهليوكبتر والقوات الأرضية بضرب مئات الصواريخ والقنابل على 14 هدفا عسكريا.
وتوضح "جيروزاليم بوست" أن التقرير هو نتيجة تحقيق قام به القادة العسكريون لتحليل الحادثة من وجهة النظر العسكرية، وليس من وجهة النظر القانونية. وهم يقومون بتنسيب توجيه تهم بجرائم الحرب للقاضي العسكري، وهو غير ملزم رسميا بقبول رواية تلك القيادات للأحداث.
ويلفت التقرير إلى أن تقرير التحقيق نشر قبل أن يتخذ القاضي قراره، ما يعني أنه لا يوجد عليه ضغط شعبي، ما يسهل عليه القرار إذا توصل للاستنتاج ذاته. وقد أذاع راديو الجيش جانبا من التقرير يوم الثلاثاء، وقال المتحدث باسم الجيش إن مكتبه وافق على النشر.
وتبين الصحيفة أنه لم يكن واضحا إن كان القاضي عفروني وافق على تسريب أجزاء من التقرير، كما أن قادة جيفاتي قاموا بحملة إعلامية يبررون فيها أفعالهم، وللضغط على قاضي الجيش، لئلا يفتح تحقيقا جنائيا، ومثل هذه الحملة أمر غير معهود عندما يكون هناك تحقيق جار.
ويبين التقرير المسرب أن القيادات العليا في الجيش، وبينهم قائد جيفاتي عوفر ونتر، وبالرغم من عدم تورطهم في اتخاذ القرار، إلا أنهم كانوا راضين عن قرارات القيادات الميدانية ذات العلاقة بالحادثة.
وتفيد الصحيفة بأنه خلال التحقيق قال ونتر إن الوحدة كانت تعمل في منطقة غير آمنة، وإنها ما كانت لتدخلها لولا كان هناك وقف لإطلاق النار ساري المفعول.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن ونتر قوله: "إن خطة اللواء أخذت بعين الاعتبار الهدنة، وكانت على أساس أنه في الثامنة صباحا ستتوقف القوات عن الهجوم، وبعد السيطرة على المنطقة فقط تبدأ في البحث عن الأنفاق. ولكن لم يكن هذا هو الحال عندما بدأ وقف إطلاق النار، حيث دخلت دورية للبحث في منطقة لم نكن سيطرنا عليها في قطاع غير آمن".
وتورد الصحيفة أن ونتر أشار إلى أن الجنود أطلقوا النار على أهداف غير مقصودة؛ بسبب سوء فهم حول الوضع على الأرض، ويقول: "من خلال تحليل لما فعلته الوحدة نستطيع الاستنتاج بأنه، وعلى عكس الحرب التقليدية والتعليمات البسيطة التي أعطيت خلال عملية الجرف الصامد، استطعنا أن نحير المقاتلين، وأن نجعلهم في وضع غير معقول.. ففي تلك الظروف كان يجب إعادة تقييم الوضع مع قائد الفوج قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ".
ويظهر التقرير أنه عندما تم إعلان حالة "بروتوكول هنبعل"، وهو استخدام القوة في منطقة يعتقد الجيش الإسرائيلي أن العدو يحاول خطف جندي مأسور، تم أخذ القرار بفتح النيران الكثيفة.
وتذهب الصحيفة إلى أن مجموعات حقوق الإنسان والفلسطينيين يدعون أن الجيش الإسرائيلي استخدم القوة غير المتكافئة. ولكن التفاصيل التي نشرت من التحقيق تصف صورة مغايرة، وهي أن الجيش الإسرائيلي رد بقوة متكافئة.
وينوه التقرير إلى أن القادة العسكريين قبلوا موقف ونتر، الذي يقول: "أننا افترضنا أن هادار غولدن كان حيا، وبناء عليه استخدمنا القوة الضرورية لمنع حركة خلية الخاطفين".
وتذكر الصحيفة أن ونتر قد أوضح أن استخدام القوة كان لقطع الطريق على "الإرهابيين"، ومنعهم من الهروب مع غولدن. وفي هذه المرحلة، بحسب ونتر، فإن النار كانت لتساعد القوات البرية على الاستمرار في طريقها إلى رفح.
ويكشف التقرير عن أن النتائج الأولية للتحقيق تؤيد رواية ونتر، من أن استخدام القوة وحده هو الذي منع "الإرهابيين" من الخروج من النفق. وليست هناك توضيحات كافية عن كيف يمكن لهذا الحجم من النار أن يكون قانونيا، كما أوضحته التقارير النهائية الصادرة عن قاضي الجيش في حوادث أخرى.
وتختم "جيروزاليم بوست" تقريرها بالإشارة إلى أن مسؤولين كبارا في الجيش قرروا أن القوة المستخدمة كانت متوازنة وفاعلة للمهمة، وأنها كانت موازية لحجم الحدث، ولم تخرق القانون الدولي. وقالت إذاعة الجيش إن قاضي الجيش سيصدر قراره النهائي قريبا.