بعد بدء معركة تحرير مدينة
جسر الشغور، غربي محافظة
إدلب، بدأت أكثر من 20 ألف عائلة رحلة جديدة من النزوح، فيما توجهت نحو خمسة آلاف عائلة إلى ريف
اللاذقية، قاصدين الحدود السورية التركية، وباحثين على الأمان بعيدا عن قصف قوات النظام السوري.
الشيخ أحمد، أحد هؤلاء
النازحين، تحدث لـ"عربي21" عن رحلته بقوله إنه بعد تحرير مدينة إدلب على يد جيش الفتح، بدأ شبيحة النظام السوري بالتشديد الكبير على المدنيين داخل مدينة جسر الشغور، حيث منعوا خروج أي شخص منها.
وأضاف: "كوني كنت أعمل مؤذنا لجامع الرحمن داخل المدينة، فقد تلقيت تبليغا بعدم رفع الأذان داخل الجامع، إضافة إلى مصادرة المكبرات من قبل قوات النظام من أغلب مساجد المدينة، باستثناء المسجد الكبير، وذلك لأن قوات النظام كانت على علم بأن الثوار سيوجهون الضربة القادمة باتجاه مدينة جسر الشغور، ولمنعهم من استخدام مكبرات الجوامع للتواصل مع المدنيين كما حدث في إدلب".
وتابع الشيخ أحمد حديثه: "في اليوم الثالث من المعركة، وبعد تحرير الثوار معظم المدينة، خرجنا بمساعدة الثوار من المدينة باتجاه ريف الجسر لتأمين حياتنا، حيث كانت قوات النظام حينها تستهدف المدينة بعدد كبير من الصواريخ والغارات التي لا تعد للطيران الحربي والمروحي".
وتوجه الشيخ أحمد مع عائلته المكونة من زوجتين وستة أطفال إلى ريف اللاذقية. وقال: "استطعت تأمين خيمة لي في مخيم قريب من الحدود أسكن فيها مع عائلتي، بسبب النقص الكبير بالخيم، حيث تحصل كل عائلتين على خيمة واحدة لتسكن فيها داخل المخيم، على الرغم من العمل المتواصل على توسيع
المخيمات لاستقبال النازحين".
أما أم خالد، التي سكنت في أحد مخيمات ريف اللاذقية، فقالت لـ"عربي21": "لقد خرجت من مدينة جسر الشغور؛ لأن منزلي بالقرب من مشفى الجسر" الذي شهد أعنف الاشتباكات، وبقيت تتحصن فيه قوات الأسد إلى حتى الأسبوع الماضي.
وتضيف أم خالد: "توجهت في البداية إلى منزل ابنتي التي تقيم في ريف جسر الشغور الغربي، مع ابني الوحيد، الذي بلغ من العمر الثلاثين، ولكنه مختل عقليا، لذلك بقي معي. وبعد عدة أيام أصر على العودة إلى المنزل، وقبل وصوله إلى المنزل أصيب برصاصة في صدره". وتابعت: "أطلق عليه أحد الشبيحة من مشفى الجسر، فسارع عدد من الأشخاص إلى إسعافه إلى أحد المشافي الميدانية".
وأوضحت أم خالد أنها لم تكن على بما حصل مع ولدها، "ولكن وبعد بحث استمر أكثر من عشرة أيام، استطعت العثور عليه داخل احد المشافي الميدانية، وبعد تخريجه من المشفى توجهنا إلى ريف اللاذقية، وجلسنا هنا منذ ما يقارب الأسبوع".
وتوضح أم خالد أن "المكان هنا أفضل. لا يوجد قصف ولا طيران. وأنا لا أهتم بنفسي، بقدر ما أريد مكانا آمنا أجلس فيه مع ابني"، حسب قولها.
من جهته، يبين عبد الجبار خليل، وهو مدير أحد المخيمات في ريف اللاذقية، أن المشكلة التي يعانون منها هي الأعداد الكبيرة للنازحين.
وقال لـ"عربي21": "لم نكن نتوقع توجه هذا العدد الكبير من النازحين باتجاه ريف اللاذقية. فبعد تحرير مدينة إدلب توجه عدد من عائلاتها إلى المخيم. استطعنا استقبالهم بشكل كامل وتلبية حاجتهم. أما الآن فالمشكلة أكبر، وأعداد النازحين كبير".
وأضاف: "أغلب أهالي مدينة جسر الشغور توجهوا إلى هنا بحكم موقع ريف اللاذقية القريب منها، حيث أن مخيمنا كان يضم ما يقارب 500 عائلة، والآن وصل العدد إلى أكثر من 1500 عائلة، مع العلم أننا لو استطعنا استقبال أعداد أكبر لكان يمكن أن يصل عدد عائلات المخيم إلى أكثر من 2000 عائلة"، حسب قول مدير المخيم.
وأكد خليل أن إدراة المخيم تحاول الآن توسيع المخيم، وإنشاء مخيم آخر بالقرب منه لاستقبال العائلات التي بقيت إلى الآن دون سكن، وتبحث عن مكان تسكن فيه".
وختم خليل حديثه بقوله: "مع هذا العدد الكبير من العائلات، فنحن بالإدارة نعمل على تأمين الطعام والمياه لهم. ولكن نحتاج إلى المساعدة من المنظمات العاملة على الأرض، لذلك نعمل على التواصل معهم لكي يساعدونا بتأمين ما نحتاج من أجل العائلات الجديدة".
يشار إلى أنه تم مؤخرا إنشاء ستة مخيمات في ريف اللاذقية لاستقبال النازحين القادمين من مدينة جسر الشغور. ولا تتبع هذه المخيمات لأي منظمة أو مؤسسة، ويغيب عنها الدعم من أي جهة، حسب ما يؤكد القائمون عليها.
وفي هذا السياق، حذر الأطباء في المشافي الميدانية في ريف اللاذقية من انتشار الأمراض داخل هذه المخيمات، خصوصا مع قدوم فصل الصيف، في ظل عدم توفر المياه النظيفة في المنطقة، حيث يستخدم معظم النازحين مياه الأنهار الصغيرة للشرب والغسيل.