منذ تسع سنوات كاملة وسلطات الاحتلال
الإسرائيلي تضع قطاع
غزة تحت حصار خانق، دفع منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة ماكسويل جيلارد إلى وصفه بأنه "اعتداء على الكرامة الإنسانية".
هذا الاعتداء الصارخ ضد 1.9 مليون فلسطيني في قطاع غزة تشارك فيه مصر التي يجثم الانقلابي عبد الفتاح السيسي على صدرها، ويساهم نظام الجنرالات بفعالية وقوة إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي في إحكام
الحصار على القطاع وأهله، الأمر الذي اعتبره حقوقيون دوليون جريمة إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بحق شعب بأكمله.
من العار على العرب والأنظمة العربية الحاكمة أن يستمر قتل 1.9 مليون فلسطيني عربي مسلم تحت نظر العرب وسمعهم، وسوف يسجل التاريخ بأحرف من الخزي الأسود أن العرب أسهموا أو صمتوا بحصار شعب عربي حتى الموت، دون أن يحركوا ساكنا، بل إن العار يصل إلى أقصى مداه حين تشارك سلطة رام الله بالحصار على قطاع غزة، ولا يخجل مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى بتفجير مفاجأة كبيرة، ويعلن أنه قال لرئيس سلطة رام الله محمود عباس: "طلبنا منكم رسميا أن تكونوا طرفا، لكنكم لا تريدون العمل من أجل غزة". وهو ما سبق أن قاله وزير خارجية الكيان الصهيوني أفيجيدور ليبرمان في وقت سابق.
الحصار على غزة ليس مسألة عابرة، فهو قتل بطيء لمئات آلاف الفلسطينيين، وهو إبادة جماعية لأطفال غزة، وحرق للمستقبل الفلسطيني في القطاع، وهو إبادة ثقافية واجتماعية واقتصادية وفكرية وتعليمية وصحية وعلمية، فالحصار يشمل جميع مرافق الحياة، من قلم الرصاص وحتى أدوات المختبرات اللازمة للتعليم في المدارس والجامعات، ومن رضاعات الأطفال وحتى معاول الرجال في الحقول والمزارع، ومن الأدوية حتى مستلزمات الحياة الضرورية.
إغلاق غزة يحاصر التجار والصناعيين ورجال الأعمال، ويحاصر قدرة الفلسطينيين على التواصل مع العالم، فهم معزولون عن العالم عزلة حقيقية، فلا طلاب الجامعات قادرين على الالتحاق بجامعاتهم في العالم، ولا أساتذة الجامعات قادرين على المشاركة في المؤتمرات والمنتديات وورش العمل، ولا الرياضيين قادرين على المشاركة في النشاطات الرياضية الدولية والإقليمية، ولا المعاقين والمرضى قادرين على تلقي العلاج في الخارج، ولا الصحفيين قادرين على التفاعل الشخصي مع محيطهم العربي والإقليمي والدولي.
الحصار على غزة جريمة كبيرة، جريمة ضد البشرية جمعاء وضد الكرامة والحرية، وضد حقوق الإنسان، وهي إهانة لكل معنى صالح لدى البشر، لأنه يقتل الإنسان نفسيا وجسديا وعاطفيا وروحيا، ويحوله إلى كائن بلا أمل وبلا تواصل مع البشر الآخرين.
كل شيء يدخل إلى قطاع غزة بالقطارة، حتى لا يموت الفلسطيني المحاصر، فالأدوية والأغذية والمحروقات ومواد البناء وأدوات التعليم وأجهزة الكمبيوتر والألبسة تدخل إلى غزة بمقدار يمنع الفلسطيني من أن يموت دون رفده بما يساعده ويسمح له بحياة كريمة عادية.
لا بد من رفع الحصار عن قطاع غزة، ولا بد من رفع الأغلال والقيود المفروضة على 1.9 مليون فلسطيني في القطاع المحاصر، فتواصل هذا الحصار ضد العروبة والإسلام والمنطق والأخلاق والإنسانية والدين والضمير.
(نقلا عن صحيفة بوابة الشرق)