تناولت صحيفة "الغارديان" موضوع التسريبات
السعودية، التي سربها يوم الجمعة موقع "
ويكيليكس"، وضمت 60 ألف برقية ووثيقة تقدم، كما تقول، رؤية نادرة عن عادات المملكة بشراء التأثير ومراقبة المعارضة.
ويقول كاتب التقرير إيان بلاك إن ما نشر هو جزء من نصف مليون وثيقة وعد بها جوليان أسانج، وتظهر اهتماما سعوديا بالمنافسة
إيران، ودعم الانقلاب في مصر والحلفاء في اليمن ولبنان والعراق وبقية دول الشرق الأوسط.
ويضيف بلاك أنه لم ينشر في البرقيات الجديدة ما يحرج السعودية، مثل البرقية التي سربت عام 2010، وكشفت مطالبة العاهل السعودي الراحل عبدالله إدارة الرئيس الأمريكي بقطع رأس الحية، أي إيران. وكشفت عن حفلات خمور ومخدرات ينظمها الأمراء الصغار في جدة.
ويشير التقرير إلى أن البرقيات، التي يعود بعضها إلى شهر نيسان/ إبريل، تظهر انشغالات وزارة الخارجية والمملكة المحافظة وأكبر منتج للنفط في العالم في فترة مضطربة من الشرق الأوسط، وخاصة في الفترة التي تلت الربيع العربي عام 2011.
وتبين الصحيفة أنه بحسب
الوثائق، فقد كانت الدولة النفطية مستعدة لدفع عشرة مليارات دولار لتأمين الإفراج عن الرئيس المصري حسني مبارك، وهو ما يؤكد مزاعم بدرت من سياسيين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين.
ويذكر الكاتب أن وثيقة تعود إلى عام 2012، وتحدثت عن تلقي إيران "رسائل مغازلة أمريكية"، تشير إلى موافقة أمريكية للتوصل إلى صفقة مع طهران حول ملفها النووي، طالما أنها حصلت على ضمانات من روسيا. وتظهر أخرى محاولات السعوديين إنشاء قناة معادية لإيران تنطلق من البحرين، وأخرى تتحدث عن التشويش على قنوات فضائية إيرانية.
ويلفت التقرير إلى أن الوثائق تتحدث عن مخاوف الرياض من أي ميزات إيجابية قد تحصل عليها طهران. وتفيد وثيقة بأنه لو عقدت القمة العربية في موعدها عام 2012 في بغداد، فإن هذا يعني "تقديم العراق هدية إلى إيران". كما تظهر الوثائق جهود السعودية لدعم معارضي رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، المعروف بطائفيته وعلاقته الوطيدة بإيران.
وتكشف الصحيفة عن أن الوثائق تبرز الرسائل المتبادلة بين السفارة في بيروت وبين حزب القوات اللبنانية وزعيمه سمير جعجع، الذي طلب مساعدات مالية لتخفيف المشكلة التي يمر بها حزبه. ودافع جعجع عن السعودية التي تعارض نظام بشار الأسد، وأظهر، كما تقول البرقية، استعدادا للعمل بتوجهات المملكة.
وينوه بلاك إلى أن صحيفة "الأخبار" اللبنانية قد نشرت وثائق ويكيليكس، مشيرا إلى أن "الأخبار" تعد داعما قويا لرئيس النظام السوري الأسد، وهي مقربة من حزب الله اللبناني. ولم تظهر الوثائق التي تم فحصها أي ذكر لدعم السعودية للجماعات المعارضة للأسد؛ لأن هذه الجماعات تتعامل مباشرة مع الأجهزة الأمنية السعودية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن الرسائل المتبادلة بين الخارجية ولندن، تظهر تصوير المتظاهرين، ومناقشة في اتخاذ إجراءات قانونية ضد "الغارديان" بسبب مقال كتبه المعارض السعودي سعد الفقيه. وقد أدى ظهور الأخير على قناة "أون تي في"، للنقاش حول كيفية التأثير عليه وشرائها. ولأن مالك القناة الملياردير نجيب ساويرس لم يكن راغبا بمعاداة سياسات الحكومة أمر بعدم مقابلة الفقيه مرة أخرى.
وبحسب الصحيفة، فقد كتب إياد البغدادي أن مدى انتشار ظاهرة بيع النظام المصري الحاكم لمؤسساته من أجل الحصول على المال السعودي محرج وليس مفاجئا. ووصف معارض بحريني الخزينة من البرقيات بأنها تقدم "نظرة نادرة عن أكثر بلد غامض في العالم".
وينقل الكاتب عن توبي ماتثيسن من جامعة كامبريدج، قوله: "بالنسبة لخبراء السعودية، فإن الوثائق لا تكشف جديدا، ولكن التفاصيل ستضر بالكثير من الأشخاص الفاسدين".
ويورد التقرير أن الوثائق تضم عددا من الإشارات إلى
الإعلام المعادي. بالإضافة إلى مذكرة غير مؤرخة تظهر تأثير الإخوان المسلمين على قناة "الجزيرة". وتظهر الوثائق كيف قامت الخارجية عام 2010 بشراء اشتراكات في منشورات تصدر في دمشق وأبو ظبي وبيروت والكويت والأردن وموريتانيا من أجل الحصول على تغطية جيدة.
وتوضح الصحيفة أنه بالنسبة لشراء الولاءات بالمال، فهو موضوع حاضر في الوثائق. فهناك وثيقة من صنعاء تقول إن عوائد بيع ثلاثة ملايين برميل نفط لم تصل إلى خزينة الدولة. وهناك وثيقة تتهم قطر بمحاولة التحريض على ثورة قبلية في الجيش، ومنع انتخاب عبد ربه منصور هادي عام 2012.
وتشير صحيفة "سيدني مورنينغ" إلى أن الحكومة السعودية أمرت سفارتها في كانبيرا بتقديم أموال لصحف ناطقة بالعربية ومؤسسات إعلامية في أستراليا.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن صحيفة "صندي تايمز" ذكرت أن السعودية قد تعهدت بدفع تعويضات مقدارها مليون جنيه إسترليني لصحافي "بي بي سي" فرانك غاردنر، الذي أصيب أثناء تغطيته لهجمات تنظيم القاعدة في الرياض عام 2004. وأخبر غاردنر الصحيفة أنه لم يحصل على التعويض.