علقت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية على زيارة وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو، بأنها محاولة لبناء جسور العلاقات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويشير التقرير إلى أن وزير الدفاع البالغ من العمر 30 عاما، ويقود الحملة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن، سيلتقي يوم غد الجمعة ببوتين، على هامش منتدى سان بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، في لقاء يظهر الكيفية التي تبحث فيها موسكو عن حلول للنزاع في
سوريا.
وتبين الصحيفة أن
روسيا كانت من أكبر الداعمين لنظام الرئيس السوري بشار
الأسد، الذي دخل في حرب أهلية منذ أربعة أعوام، ويواجه المعارضة المعتدلة، التي تطالب برحيله، والتنظيمات المتشددة، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة.
ويوضح التقرير أن
السعودية تدعم الجماعات الإسلامية المعتدلة، على أمل أن تقوم هذه الجماعات بالتخلص من نظام الأسد.
وتلفت الصحيفة إلى أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تأتي في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة ودول الخليج تشجيع روسيا على دعم عملية انتقال سياسي للسلطة بعيدا عن الأسد.
ويذكر التقرير أنه منذ تولي الملك سلمان السلطة في بلاده، بعد رحيل أخيه الملك عبدالله في كانون الثاني/ يناير، أعادت الرياض تركيز جهودها لمواجهة منافستها في المنطقة
إيران، وتبنت التدخل العسكري في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وتورد الصحيفة أن السعودية بحثت عن وسائل لإعادة بناء علاقاتها الشائكة مع تركيا وقطر، وذلك لتقوية التعاون بين جماعات المقاتلين المتفرقة في سوريا.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن الأستاذ في جامعة جورج ميسون في الولايات المتحدة مارك كاتز، قوله إن طالما أن الأسد سينهار بطريقة أو بأخرى، فإنه من الأفضل لروسيا العمل مع السعودية لتحسين فرص تشكيل حكومة للمعارضة المعتدلة لتحل مكان الأسد.
وفي المقابل يرى كاتز أن مواصلة موسكو دعمها للأسد، قد تؤدي إلى إضعاف جماعات المعارضة المعتدلة، ما سيسمح لتنظيم الدولة وجبهة النصرة بتسلم السلطة في حال سقوط نظام الأسد، بحسب الصحيفة.
وتنوه الصحيفة إلى أن زيارة الأمير سلمان تأتي بعد شهر من رحلة قام بها وزير الخارجية الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى موسكو. وتشترك روسيا والإمارات في موقف متشابه من الإسلام السياسي. وقد قام نائب وزير الخارجية ومبعوث بوتين للشرق الأوسط ميخائيل بوغاندوف بزيارة إلى العاصمة الرياض.
وبحسب التقرير، فقد علق المحلل في المركز الملكي للدراسات الدولية "تشاتام هاوس" نيكولاي كوزهانوف، قائلا إن روسيا تشعر بالإحباط من الأسد؛ لرفضه فتح حوار مع المعارضة العلمانية، في ظل تصاعد التهديد الجهادي.
وتفيد الصحيفة بأن دبلوماسيا إيرانيا قد اتهم روسيا بأنها تلعب لعبة مزدوجة في سوريا، وقال إن "روسيا تحاول أن تلعب على أكثر من مسار في الوقت الحالي، فهي تدعم الحكومة السورية، وتحاول التأثير على المعارضة، وتحضر لمستقبل دون الأسد".
ويستدرك التقرير بأنه رغم أهمية السلاح الروسي للنظام السوري، إلا أن موسكو خففت من وجودها في سوريا بشكل كبير، وسحبت حوالي مئة من مستشاريها العسكريين. ومع ذلك فلا نية لروسيا للتخلي عن الأسد؛ لأن المعارضة السورية ضعيفة، بحسب ما يقول دبلوماسي روسي سابق.
وتجد الصحيفة أنه برغم الخلافات الروسية السعودية حول إيران، إلا أن ذوبان الجليد في العلاقات الأمريكية الإيرانية، يمكن أن يشكل منطقة أخرى من العلاقات المشتركة بين الرياض وموسكو، خاصة أن دول الخليج تشعر بالقلق من تحرك الرئيس باراك أوباما باتجاه توقيع اتفاقية مع إيران حول ملفها النووي، بشكل سيقود إلى تخفيف العقوبات عن طهران.
ويقول كاتز للصحيفة إن الأمير محمد بن سلمان سيؤكد لبوتين أن الجهود الروسية لتنمية العلاقات مع إيران ستتبدد، وأن مصالح روسيا ستكون أفضل إن تعاونت مع السعودية.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مستشار الرئيس بوتين للشؤون الخارجية يوري أوشاكوف، كان قد أكد أن الموضوع السوري سيكون على أجندة المحادثات، واصفا الاجتماع بأنه "حقيقي وعملي للتعاون بين البلدين". وبالإضافة إلى سوريا، فستكون المصالح العسكرية على الأجندة، بالإضافة إلى حصول السعودية على منظومة "إسكندر-3" الصاروخية.