نشرت صحيفة لكسبرس الفرنسية تقريرا حول الهجوم المسلح التي استهدف مصنعا للغاز في شرق
فرنسا، ورأت أن فرنسا أصبحت مستهدفة بشكل واضح من التنظيمات المسلحة، وأن ذلك يعود إلى تدخلها عسكريا في عدة مناطق من القارة الإفريقية والعالم الإسلامي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن فرنسا شهدت هجوما مسلحا في مدينة تولوز في سنة 2012 نفذه محمد مراح، ثم هجمات صحيفة شارلي إيبدو التي نفذها الإخوان كواشي، بالتزامن مع الهجوم الذي نفذه أحمدي كوليبالي على المتجر اليهودي في بداية السنة الجارية، وهجوم منطقة إيزار الذي وقع يوم الجمعة الماضية على يد ياسين الصالحي وأدى لمقتل رجل وجرح اثنين، وهذا ما يطرح تساؤلات عديدة حول سبب تركيز التنظيمات المسلحة على فرنسا.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من أن الأبحاث لا تزال جارية، فإن الأعلام التي وجدت في مكان الجريمة في مصنع الغاز، وكانت تحمل شعارات إسلامية، لا تترك أي مجال للشك في دوافع الجريمة.
وأضافت إن هناك عوامل عديدة تفسر تفاقم الهجمات ضد فرنسا، وأهمها مشاركتها في التحالف الدولي ضد
تنظيم الدولة في سوريا والعراق، بالإضافة إلى التدخل في مالي ضد تنظيم أنصار الدين، ومنع ارتداء النقاب على الأراضي الفرنسية، ومشاركتها سابقا في غزو أفغانستان بقيادة الولايات المتحدة، وهي كلها عوامل، كما تقول الصحيفة، كفيلة بإقناع الشباب الغاضب بالقيام بهجمات ضد المصالح الفرنسية في داخلها وفي باقي أنحاء العالم.
ورأت الصحيفة أن مشاركة فرنسا في العمليات الجوية التي تستهدف مواقع تنظيم الدولة في سوريا والعراق، هي في حد ذاتها تعد كافية ليصنف التنظيم فرنسا كدولة معادية له ويأمر أنصاره من الذئاب المنفردة بشن هجمات ضدها، حيث كان التنظيم قد أصدر بيانا "طالب فيه المسلمين بقتل الفرنسيين في أي مكان وبأي طريقة".
كما ذكرت الصحيفة أن التنظيم لم يتردد أبدا في تسخير كل قدراته المالية والإعلامية لشن حملة دعاية، لتشجيع أكبر عدد ممكن من المتعاطفين معه على القيام بهذه الهجمات، وقد تمكن من تحقيق هذه الأهداف بفضل المساحة التي يسيطر عليها وكثرة موارده، بالإضافة لكثرة المقاتلين الأجانب في صفوفه، ويبلغ عدد الفرنسيين بينهم حوالي 450 مقاتلا، يتم عند التحاقهم بالتنظيم تدريبهم على شن مختلف أنواع الهجمات، ثم يبقى أمامهم الاختيار بين المشاركة في المعارك الدائرة في سوريا والعراق، أو العودة لفرنسا وتنفيذ هجمات مسلحة.
وأوضحت الصحيفة أن التهديدات التي تواجهها فرنسا لم تبدأ مع ظهور تنظيم الدولة؛ ففي سنة 2010 صرح عالم السياسة الفرنسي جون بيار بايار، بأن "تعرض فرنسا في المستقبل لهجمات إرهابية سيكون سببه سياستها الخارجية، خاصة قرارات نيكولا ساركوزي، الذي أقدم على المشاركة في عمليات عسكرية في العراق، وهو ما أغضب تنظيم القاعدة، والتدخل في منطقة الساحل الإفريقي ضد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؛ بهدف تحرير الرهينة ميشال غارمانو، وهو ما زاد من النقمة على فرنسا.
وقالت الصحيفة إن التدخل الفرنسي في ليبيا في أثناء المعارك بين الثوار ونظام معمر القذافي، أدى لزرع الفوضى في ليبيا، ومهد لظهور تنظيمات مسلحة عديدة تابعة لتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة. كما تسببت الفوضى الليبية في اشتعال الحرب في مالي، وهو ما دفع بفرنسا للتدخل مجددا ضد مجموعة أنصار الدين، وفق الصحيفة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أن هذه التنظيمات المسلحة استفادت كثيرا في نشر دعايتها، من الإجراءات التي اتخذتها فرنسا ضد المظاهر الإسلامية، على غرار منع ارتداء النقاب.