كتب سركيس نعوم: علّق المسؤول الرفيع جداً في "الإدارة" المهمة نفسها داخل الإدارة الأمريكية التي تحارب الإرهاب في الداخل والخارج بوسائل غير عسكرية على كلامي عن خوف تركيا الخليج العربي من إيران، الذي يدفعها إلى دعم تنظيمات إرهابية رغم خوفها منها أيضاً، قال: "في أي حال المعلومات التي في حوزتنا تجعلنا نعتقد أن دول الخليج لا تدعم "
النصرة" و"
داعش" ولا تساعدهما. ربما تأتيهما المساعدات من مكان آخر". علّقتُ: قال مسؤول
قطري في مجلس خاص: نحن ندعم "النصرة" أو بالأحرى نؤيدها.
ردّ: "أعترف بذلك. جبهة "النصرة" تدعمها قطر وربما غيرها في الخليج. أما تنظيم "داعش" فهناك نوع من التساهل يؤدي إلى دعمه. قطر تتصرّف جيداً وتتعاون معنا في مكافحة "داعش". ونحن مرتاحون لتعاملها الجيد، بل لتعاونها الجيد في موضوع الإرهاب.
السعودية تتعاون أيضاً في الموضوع نفسه.
لكنْ هناك أمور ذكرتُ بعضها، تجعلها تعتمد أحياناً سياسة "التطنيش"، وهذا أمر يعذِّبنا. لكنها كدولة لا تموِّل "داعش" ولا تدعمه. وتعذِّبنا أيضاً دولة
الكويت التي يقول مسؤولوها إنهم أصدروا كل القوانين اللازمة لمحاربة الإرهاب. لكننا نلاحظ أن التعاون معها حول مكافحة الإرهاب "غير ماشٍ" لأن الجهود لترجمة القوانين الصادرة والإجراءات المُتخذة لا تُبذل.
ودولة الإمارات العربية المتحدة تتعاون جيداً في الموضوع نفسه". سألتُ: ماذا عن تركيا؟ إنها تُدخل القادمين إليها للعبور إلى سوريا والعراق للإشتراك مع "داعش" و"النصرة" وغيرهما في القتال. فإذا كانت تعرف بذلك وتسهِّله مشكلة. أما إذا كان يتم من دون علمها فإنها تكون في مشكلة أكبر. هي لا تدفع فلوسا أي لا تموِّل. لكنها تسهِّل أو تسمح "بعبور" السلاح والأموال والمقاتلين.
ردّ: "يقول الأتراك إنهم واعون لمصلحتهم ويعرفون خطر "داعش" عليهم. لكن وضعهم جيّد ولا خوف عليه. وإذا كان عند أحد من الدول معلومات عن إرهابيين دخلوا تركيا للانتقال منها إلى سوريا أو العراق فليعطوها للسلطات التركية. وهي تتصرَّف. هي على كل حال عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي يقف ضد الإرهاب ويحاربه".
علّقتُ: لكنها عضو يشاغب ويفرض شروطاً ويقبل أمورا ويرفض أخرى. ردّ: "تعتبر تركيا أن "التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب" لا يقاتل الرئيس السوري بشار الأسد، أو لا يساعد الذين يريدون القضاء على نظامه. مشكلتها الأساسية الأكراد وهي تسعى إلى حلّها، وتعتقد أنها تستطيع ذلك". علّقتُ: تركيا أردوغان إسلامية معتدلة مع نظام علماني أو صار نصف علماني. كانت مثالا أو أنموذجا.
ردّ: "لكن ما جرى في مصر من وصول "الإخوان المسلمين" إلى السلطة عبر رئيس الجمهورية محمد مرسي وفشلهم فيها، أفقد الأنموذج التركي الأردوغاني بريقه لأن "حزب العدالة والتنمية" الحاكم له جذور "إخوانية" أو إسلامية".
علّقتُ: لا تنسَ شيئاً اسمه غرور القوة. وقعت فيه إيران عندما ظنَّت أنها لا تُقهر في حين أنها خسرت على الأقل 50 في المئة من كل من الأوراق الإقليمية التي كانت في يدها وهي سوريا والعراق وفلسطين ولبنان. إذا وقع أردوغان في هذا الغرور فإنه سيتأذى ومعه تركيا وخصوصاً إذا كان مقتنعاً فعلاً بإعادة تأسيس امبراطورية تركية وإن على نحو غير مشابه للسلطنة العثمانية.
ردّ: "لا تنسَ قصره الأسطوري. أحلامه تعود إلى الحقبة العثمانية. على كل يقول الكثيرون في المنطقة إن النظام الإقليمي فيها الذي وُضع بعد الحرب العالمية الثانية انهار. في رأيي ربما انهار في المشرق (Levant) حيث يمكن أن تتغيّر الحدود. لكنني لا أرى ذلك في الخليج. في ليبيا مشكلات كثيرة وحروب، لكنها ليست حاسمة بعد. ما هو النظام الإقليمي الجديد؟".
شرحت له الأوضاع في دول المنطقة والتغيرات التي قد تطرأ على دولها وأشرتُ إلى أن اتفاقا أمربكيا إيرانيا قد يساعد في ترتيب الأوضاع. ردّ: "أنا لا أعرف ما هو النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط، ولا أعرف عن الذي جرى في اليمن منذ 1961 و1962. قرأت عنه في "النيويورك تايمز".
عند المسيحيين (في الغرب) حصلت مذابح قبل مئات عدة من السنين، أوصلت إلى معاهدة وستفاليا التي أعقبتها إصلاحات ونهضة".
وأنهى المسؤول الرفيع جدا نفسه اللقاء بالتأكيد ردا على سؤالي، إن حاكم مصرف لبنان لم يبلِّغ أمريكا عن لبنانيين متهمين بتبييض الأموال، وبالإشارة إلى أنه عادة لا يخوض في موضوعات كهذه مع أحد.
(عن صحيفة النهار اللبنانية، 4 تموز/ يوليو 2015)