مر عامان على الحراك الثوري الجديد في
مصر، وتبدو خريطة معارضي الانقلاب بمصر في اتساع وتناقص في وقت واحد، وبالرغم من عدم نجاحها إلا أنها لم تفشل، بحسب عدد من السياسيين والنشطاء.
ففي الوقت الذي تتقلص فيه حريات الثوار في التظاهر في الشوارع والميادين بسبب عمليات القتل والاعتقال، يزداد الرفض الشعبي للنظام لدى فئات شعبية جديدة، مع ظهور مطالب بضرورة تبني استراتيجيات ثورية جديدة من ناحية، وفتح الآفاق أمام تعدد الأساليب واستيعاب الآخرين من جهة أخرى.
حلول الخلاص
يقول ثروت نافع، رئيس البرلمان المصري السابق المنعقد في تركيا، إن "الخيار الثوري المتواصل ربما لم يكن هو الحل الأمثل للتخلص من الانقلاب، والذي كان يحتاج إلى استراتيجيه سريعه في رد الفعل، وكذلك إيجاد البدائل".
وأضاف لـ"
عربي21": "ولكنه كان سببا في ألا تنطوي صفحه الثورة المصرية، وتظل قضيتها مشتعلة أمام الضمير العالمي، ما سمح للكثيرين ممن خدعوا، سواء عن جهل أو قله خبرة، أن يراجعوا مواقفهم".
ورأى نافع أن هذا الصمود الثوري "تاريخي بكل المقاييس"، وقال إنه "ليس مقصورا فقط على حراك الشارع، وإن بدا ضعيفا في بعض الأحيان، ولكن أيضا في اختلاف وتعدد أساليب المعارضة، حتى في الخارج وكيفية إيصال صوتها للداخل".
وأكد أنه ما زال يؤمن أن "السبيل الوحيد لهزيمة الدولة العميقة بمؤسساتها الفاسدة وتمويلها المشبوه؛ هو توحد الشارع المصري، والسمو على أي مصالح ضيقة لمجموعات أو أفراد".
وشدد على أن الثورة ستنجح "ولكن توقيتها يعتمد على سرعه عوده الاصطفاف الثوري، بعيدا عن ثنائيه وهميه خلقتها الثوره المضاده."
الثورة خيار لا اختيار
أما المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية، إسلام الغمري، فقد أكد أن الضغوط الأمنية التي تمارس بحق معارضي الانقلاب قوية وقاسية، ولكنها لا تضعفه بقدر ما تقويه.
وقال لـ"
عربي21": "ندرك حجم المعاناة التي يلاقيها الثوار، سواء في الميادين أو سجون الانقلاب، كما ندرك أن الصراع لاستعادة الحقوق وتحقيق مطالب الثورة شديد ومرير، خاصة عندما يكون خصمك دمويا، ويحاربك بسلاح الوطنية".
وتابع: "الخيار الثوري ليس هدفا لذاته، فـ(عبد الفتاح)
السيسي أغلق كل الطرق وجر البلاد إلى حالة احتراب داخلي، وحولها إلى ساحة اقتتال، وجعل من دماء الشهداء وحرية المعتقلين وقودا للثورة".
ورأى أن استمرار الحراك الثوري حتى الآن يمثل "نجاحا للصمود، وفشلا ذريعا للنظام الدموي، الذي لن يمكنه الثوار من استكمال وجوده، خاصة بعد تراجع الكثير من المغرورين عن تأييده".
أداء المعارضة دون المستوى
أما الناشط الحقوقي والسياسي، هيثم أبو خليل، فقد رأى أن الأداء لمعارضي الانقلاب لم يكن على المستوى المطلوب، "لأنه لم يحقق مكاسب قوية داخليا أو خارجيا، في الوقت الذي استطاع فيه السيسي التمكين لنفسه في الداخل والخارج".
وقال لـ"
عربي21": "إن هناك بعض القيادات في المرحلة الانتقالية يجب استبعادها"، مطالبا بضرورة "البعد عن المصطلحات التي تدغدغ المشاعر، وتقلب الحقائق من أمثال "الانقلاب يترنح"، "النظام في الرمق الأخير"، "صراع الأجنحة داخل النظام"، والبدء في اتخاذ استراتيجيات ثورية جديدة، وتطوير الحراك الثوري بما يتناسب مع طبيعة المرحلة".
وأوضح أبو خليل أن أحد أسباب نجاح النظام، وفشل الثورة في القضاء عليه "غياب الأجواء الجدية في إحداث توافق بين قطاع عريض من رافضي الانقلاب، ومن خارجه أيضا بما يحقق قاعدة أكبر، وعدم وجود رؤية واضحة".
وقال إن "الافتقاد للأدوات والأساليب في ظل وجود قيادات متصلبة الرأي أو التفكير؛ لن يساعد على إنهاء حكم العسكر الذي لن تقوم لمصر قائمه في ظل وجوده على رأس السلطة".
السيسي يوحد معارضي الانقلاب
من جهتها، أكدت المنسقة العامة للتحالف الثوري لنساء مصر، منال خضر، أنه لا يمكن الحكم على حجم خريطة الحراك الثوري "بسبب استمرار إغلاق الميادين، واستخدام القوة المفرطة والقاتلة مع الثوار".
وقالت لـ"
عربي21": "المؤكد أن هناك تكتيكات استجدت لا تعتمد فقط على النزول للشارع، خاصة إذا علمنا أنه لم يعد بمقدور الرجال والنساء الركض في الشوارع بين زخات الرصاص، ولكن مساحة المعارضة زادت في صدور آخرين لا يمكن تجاهل تأثيرهم لحظة الصفر".
ورفضت خضر فكرة اللجوء إلى أي مسار آخر على حساب دماء وحريات الثوار. أضافت: "لقد ساعد السيسي بهمجيته ورعونته على توحيد مواقف معارضي الانقلاب، وأن التقارب بينهم بات وشيكا"
وشددت على أن "الحراك الشعبي المتواصل هو بعبع يخيف نظام السيسي، الذي زرع الشوك بالقتل والاعدام والاعتقال، فالمسار التصالحي لا وجود له، ولا يتبادر للأذهان؛ لأنه خرج من يد من كان يسيطر عليه"، حسب تقديرها.