بعد صدور نتيجة
الانتخابات، لم يخطر في أذهاننا أننا سنذهب إلى انتخابات مبكرة في البداية، لكن الواقع الذي نعيشه اليوم يقربنا منها شيئا فشيئا، وحسب ما ينص عليه الدستور التركي، فإنه إن لم يتم تشكيل الحكومة في 45 يوما، فإن ذلك سيكون سببا رئيسيا لإجراء انتخابات مبكرة. مثل ما هو الحال في الدول
الديمقراطية عندما تواجه المصير نفسه، تجري بين أطرافها مفاوضات لتشكيل الحكومة الائتلافية، وقد تستغرق تلك المفاوضات أشهرا حتى يتم الاتفاق بينهم.
نعم هنالك احتمالات لتشكيل حكومة ائتلافية في
تركيا، لكن من جهة المعارضة، هنالك الموقف الرافض والقطعي لحزب الحركة القومية، من دخوله في حكومة تضم حزب الشعوب الديمقراطية الكردي، بالإضافة إلى إدراجه ثلاثة شروط صعبة لكي يقبل بالتحالف مع
العدالة والتنمية، وضع الأخير في وضع لا يمكنه التحالف مع الشعوب الديمقراطي أو الحركة القومية، وفي هذه الحالة لم يبق لنا سوى تحالف العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري.
الاحتمال الوحيد هذا، لا شك وأنه سيصعب من عملية التفاوض بين الطرفين، إلا انه الاحتمال والحل الوحيد المتبقي، والحقيقة أن تخفيف شدة هذه الصعوبة بيد العدالة والتنمية إلى حد ما، لأنه شرع في استخدام ورقة الـ45 يوما، لأنه يعتقد أن الأحزاب المعارضة سقطت من عيون الكثيرين هذه المدة، وأن شريحة واسعة منهم ندموا لأنهم لم يصوتوا لصالح العدالة والتنمية في الانتخابات.
ولكن ماذا لو أخطأ حزب العدالة والتنمية في الحسابات، ولم يغيّر الناخب التركي من رأيه، بل وذهب ناخبوه وانتخبوا أحزاب أخرى، ماذا سيحدث في تلك الحالة، هل ندخل إلى مرحلة 45 يوما من جديد، ونذهب مرة ثانية إلى انتخابات مبكرة، حتى يتمكن حزب العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة بمفرده.
لابد أن تخرج تركيا من هذه الدوامة، لاسيما أن الإرادة الشعبية حتمت علينا تشكيل حكومة ائتلافية، ولا يجوز لأي جهة أن تحاول قلب هذه النتيجة بالمغالطات. وحادثة الانتخابات بذاتها، هي الميزان الحساس في النظم الديمقراطية، ولايصح المساس بها.
ولكن من جهة ثانية، هل يصح الخروج بحكومة فاشلة، عوض الذهاب إلى انتخابات مبكرة، والكثيرون يسألون أنفسهم هذا السؤال.
لكن لماذا يطلقون على الحكومة الائتلافية صفة الفاشلة من دون رؤية أدائها، وخصوصا جيل الشباب الذي نضج على حكومة العدالة والتنمية على مدى 13 عاما.
في الحقيقة، الواقع الذي خرج من صناديق الاقتراع، هو ما أراده الجيل الشاب. ولذلك لابد أن نعطي فرصة لحكومة ائتلافية.