في الوقت الذي أكد فيه مسؤولون في تل أبيب أن
إسرائيل أكثر الأطراف استفادة من مشروع قناة
السويس الجديد، فقد استخلص مستشرقان إسرائيليان بارزان أن الاحتفالات التي نظمتها
مصر بهذه المناسبة تدلل على أن عبد الفتاح
السيسي معني بالقضاء على الثقافة العربية والإسلامية لمصر، وإحلال الثقافة الفرعونية محلها.
وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر الأحد، نوه البروفيسور إيلي فودا، رئيس دائرة الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية، والباحث في دائرة إليعاد جلعادي، إلى أن طريقة إحياء احتفالات شق تفريعة قناة السويس تدلل على أن السيسي يريد إعادة مصر بقوة إلى ماضيها الفرعوني.
وأوضح فودا وجلعادي أن ارتداء الفرق الكشفية التي استقبلت السيسي بالزي الفرعوني، إلى جانب الطابع الفرعوني للرمز الجديد لقناة السويس، يدلل بشكل واضح على اتجاه الأمور بالنسبة لمصر في عهد الحكم الحالي.
وأوضح الباحثان أن مصممي "تمثال النهضة" الذي تم نصبه بالقرب من المنصة التي تواجد عليها السيسي خلال الاحتفال أُغرق بالرموز الفرعونية، مشيرين إلى أن مصممي التمثال حرصوا على تضمينه صورة امرأة ترمز للإله الفرعوني "إيزيس".
ولفت فودا وجلعادي، الأنظار إلى مركزية دور الجيش في إحياء الاحتفالات، مشيرين إلى أن السيسي يريد من خلال إبراز دور العسكر تكريس مكانته الرائدة في المجتمع المصري.
واعتبر المستشرقان أن السيسي أسهم من خلال حرصه على ارتداء البزة العسكرية خلال الحفل في تأكيد مركزية الجيش في الحياة المصرية العامة.
وشدد جلعادي على أن السيسي معني بقمع المركبات الإسلامية والعربية المنغرسة بعمق في الهوية المصرية.
وأكد الباحثان الإسرائيليان أن الطريقة التي أخرجت بها احتفالات قناة السويس تدلل على أن السيسي لا يسير على الطريق الذي انتهجه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، على الرغم من أن الكثيرين قارنوا في البداية بين السيسي وعبد الناصر.
وبحسب فودا وجلعادي، فإن عبد الناصر حرص على إضفاء قدسية على المركب العربي في الشخصية والهوية المصرية، في حين أن السيسي معني بإضعاف هذا المركب لصالح الطابع الفرعوني.
وأوضح المستشرقان أن وسائل الإعلام المصرية تبالغ كثيرا في تشبيه مشروع قناة السويس ببناء الأهرامات.
واستدرك الباحثان بأنه سيمر وقت طويل قبل أن يتمكن السيسي من إعادة الاستقرار السياسي والاقتصادي لمصر.
وفي سياق متصل، كشف مسؤول إسرائيلي بارز، النقاب عن أن إسرائيل ستكون من أكثر الأطراف استفادة من مشروع قناة السويس الجديد.
وفي دراسة أعدها يغآلمور، مدير سلطة الموانئ في وزارة الموصلات الإسرائيلية، ونشرها في مجلة دورية تصدر عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، قال إنه سيكون بإمكان إسرائيل أن تقيم الآن مرافئ قريبة تساعد في تقديم الخدمات اللوجستية للسفن التي تبحر في قناة السويس.
وأشار مور في دراسته التي نشرت في العدد الثاني من المجلد الثامن لمجلة "عيدكون استراتيجي" الصادرة عن المركز، إلى أن قدرة مصر على القيام بمثل هذه المشاريع حاليا محدودة، معتبرا أن هذه تمثل فرصة نادرة النسبة لإسرائيل.
واعتبر مور أن مشروع قناة السويس الأخير منح إسرائيل فرصة غير مسبوقة لتحسين قدرتها على تسويق منتوجها الكبير من الغاز الطبيعي.
واعتبر مور أن وجود مصر حاليا تحت حكم حليف مثل نظام السيسي يسهم في تأمين حركة الملاحة البحرية التي عبرها يتم التبادل التجاري الإسرائيلي، مشيرا إلى أن 90 بالمئة من التجارة الإسرائيلية تتم عبر النقل البحري.
وشدد على أن تماسك المحور "السني المعتدل"، الذي يضم مصر والأردن ودول الخليج، يضمن استقرار البيئة الأمنية في قناة السويس والبحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو المسار الذي يتم خلاله التبادل التجاري بين إسرائيل ودول جنوب شرق آسيا.