أكدت دراسة
مصرية حديثة أن التوسعة الجديدة في قناة
السويس توفر 1 بالمائة فقط من وقت رحلة نصف عدد السفن، وأن عائدات القناة يتحكم فيه حجم التجارة العالمي المتغير.
وقال معد الدراسة المهندس ممدوح حمزة "إن وصف التوسعة بـ"قناة جديدة" مبالغة أو مغالطة غير مقبول أن تصدر عن الحكومة المصرية"، مشيرا إلى أن "التعريف المناسب هو "توسعة قناة السويس"، بزيادة المسار المزدوج لمرور السفن، وتوحيد العمق بكامل القناة"، على حد تعبيره.
وقال ممدوح في دراسته التي نشرتها جريدة "التحرير" المصرية "لنا الفخر في ما أنجزنا، لكننا تنازلنا عن حقنا في "الفخر بالحفر تحت الماء"، وتنازلنا أيضا عن سابقة الخبرة في هذا المجال، وأعطيناه للأجانب من أجل إنهائه خلال عام واحد، في عجالة لم يكن لها عائد اقتصادي، بل على العكس، وبتكلفة عالية تفوق أسعار السوق العالمية".
وقالت الدراسة: " كانت مصر قبل إنشاء قناة السويس تحقق عائدا كبيرا متنوعا نتيجة موقعها المتميز من خلال دخول التجارة الدولية إلى أراضينا من السويس، حيث كان يتم إعادة تصديرها من الإسكندرية، بعد تعامل الشعب معها، وتحصيل الجمارك، فكان الشعب يستفيد استفادة مباشرة بالتربح من خلال التعامل مع البضاعة من النشاط الصناعي، واللوجيستي، والخدمي، الذى كان موجودا بالفعل".
وأشار منجز الدراسة إلى أن "تحصيل الرسوم كان يمارس على البضاعة المارة قبل إنشاء القناة، إضافة إلى أن الحكومة كانت تحقق أيضا عائدا من الجمارك، ولكن توقفت كل تلك الاستفادات المباشرة للشعب مع بدء تشغيل قناة السويس".
وأضافت الدراسة أنه "في ظل عمق محدد لقناة السويس (24 مترا حاليا) فإن دخل القناة من الملاحة دخل مستقل عن أي مجهود تقوم به الحكومة المصرية، بل هو دخل مرتبط ارتباطا وثيقا بحجم التجارة العالمية من جهة، وبالطرق البديلة لهذه البضاعة، "التي يجب أن تكون تكلفة رسومنا أقل من تكلفتها".
وتابع معد الدراسة: "بذلك فإن القول إن التوسعة الجديدة ستزيد ناهيك عن أن تضاعف دخل القناة، يكون صحيحا في حالة تجاوز حجم التجارة العابرة قدرة استيعاب القناة قبل إنشاء التوسعة أي أن يزيد متوسط عدد السفن العابرة عن 78 سفينة يوميا، وهي القدرة الاستعابية الآمنة الحالية للقناة".
دخل مرتبط بمرور السفن
وأضافت الدراسة أن "القيمة الرقمية للزيادة لا تعكس بالضرورة زيادة في الدخل الفعلي للبلاد، كما أن دخل قناة السويس الصافي في هذا العام لا يشكل أكثر من 1.5% من الدخل القومى المصري، مما يعني أننا نتحدث عن دخل ضئيل بالنسبة للناتج القومي، ليس لنا فيه يد.. بل إن "العوامل الخارجية" هى التى تتحكم فيه، أي أن دخل قناة السويس من الملاحة مرتبط ارتباطا وثيقا بمرور السفن، والشأن العالمي في الاقتصاد، وليس بالشأن الداخلي لهيئة القناة".
وخلص الخبير الهندسي إلى أن: "النتيجة المستخلصة من ذلك هي أن مصر ليس لها ناقة أو جمل في زيادة أو نقصان حجم التجارة العالمية المارة في قناة السويس، وبالتالي ليس لها تأثير في محاولة زيادة دخل قناة السويس من الملاحة الآن، اللهم إلا إذا زاد العمق لتستوعب نوعيات أكبر من السفن".
لماذا كان الاستعجال؟
وقال معد الدراسة إنه "إذا كان دخل قناة السويس مرتبطا بحجم التجارة العالمية، وإذا كانت القناة تستطيع أن تستوعب سفنا أكثر مما تستوعبها الآن في حالة زيادة التجارة العالمية، كما حدث في السابق، فما الحاجة للاستعجال، وحفرها في سنة واحدة؟ ولماذا لم تقم آليات الهيئة بالحفر بنفسها وتوفر 2.1 مليار دولار، ويكون الإنجاز منسوبا لنا والفخر وتراكم الخبرات أيضا لنا؟".
واستطرد حمزة: "حتى لو استمرت أعمال الحفر ثلاث سنوات فإن هذا لم يكن ليؤثر على عائد الملاحة من القناة مطلقا، ولنا أن نتخيل الحال لو أننا كنا قد وضعنا هذا المبلغ الكبير 2.1 مليار دولار لبدء مشروع تطوير محور قناة السويس منذ سنة ماضية، خصوصا أن تخطيط ورسومات تطوير ميناء شرق بورسعيد، وهو نقطة البداية لمشروع تطوير المنطقة موجود ومعتمد منذ عام 2010، ويبدؤون في تنفيذه الآن متأخرين سنة عن الممكن".
وشدد الخبير الهندسي على أن "الزيادة في دخل قناة السويس كانت نتيجة مباشرة لزيادة حجم التجارة العالمية بين الشرق والغرب، وليست بسبب إنشاء أو توسعات"، متسائلا: هل كان من الضروري أن يتم تنفيذ التوسعة الجديدة خلال عام؟ وهل هناك تأكيدات من الدراسات أن الملاحة العالمية ستزيد على القيمة الاستيعابية الحالية للقناة، وهي نحو 78 سفينة في اليوم علما بأن ما يمر الآن هو 50 سفينة في اليوم؟
وأضاف: الحقيقة الثابتة عن التوسعة الجديدة هي ما أدلى به رئيس الجمهورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها هدية مصر للعالم، والسؤال: هل لدينا فائض لنعطي هدايا؟!
وتابع حمزة تساؤلاته: هل تم عرض البيانات المذكورة في هذه الدراسة المستقاة من موقع هيئة قناة السويس، والمؤكدة من بيانات البنك الدولي على "الرئيس" السيسي حين عرض عليه المشروع، وتحمس له لدرجة الأمر بتنفيذه في سنة واحدة بدلا من ثلاث سنوات رغبة منه في الحصول على العائد في أقرب فرصة؟
واستطرد: هل تم إخطار "رئيس الجمهورية" أيضا بأن التوسعة الجديدة ستوفر ست ساعات لنصف عدد السفن العابرة من إجمالي طول رحلة نحو 25 يوما، أي أن نسبة التوفير لدافع الرسوم هي فقط ست ساعات مقسومة على 25 يوما في 24 ساعة، أي توفير قدره نحو 1% من زمن الرحلة، وهذا الوقت الضئيل جدا لا يناظره زيادة في رسوم العبور، وقد تم تأكيد "عدم الزيادة"، في الرسوم للطن نتيجة التوسعة الجديدة من مسؤولي الهيئة للزائرين في أثناء التنفيذ؟
واختتم حمزة دراسته بالقول: "أنا مع تحسين الملاحة في قناة السويس، وإنشاء التوسعة الجديدة، لكنني لا أستطيع أن أتفهم أن نضطر إلى تنفيذها في سنة واحدة بدون دراسة وافية، وبخسارة 2.1 مليار دولار، مما يضر ميزان المدفوعات، وزيادة عجز ميزانية الدولة"، وفق قوله.