ضاقت الأرض بما رحبت على عشرات
النازحين السوريين العالقين في ريف
درعا، جنوب
سوريا، بعد منع الأردن من دخولهم لأراضيه، واستغلال السماسرة لهم، ورفض الفصائل المقاتلة عبورهم نحو الشمال خوفا من مبايعة
تنظيم الدولة، ليبقى مصيرهم معلقا ما بين إغلاق الحدود وتخمينات اللجوء لمناطق التنظيم، وسط ظروف إنسانية بالغة في السوء.
أبو إبراهيم، وهو أحد العالقين في منطقة اللجاة في ريف درعا، قال لـ"
عربي21" خلال اتصال خاص معه: "بدأت رحلة المجهول بنا عندما هاجمت طائرات التحالف الدولي مدينة الرقة، والتي لم تميز بين مدني أو عنصر من تنظيم الدولة، اضطررت على أثرها للنزوح مع عائلتي إلى جنوب البلاد باتجاه الأردن، عن طريق سماسرة من "بدو اللجاة"، بهدف تجاوز مناطق سيطرة وكمائن النظام السوري".
وأضاف: "رحلة العناء والشقاء كلفتني لكل فرد من عائلتي مبلغ 85 ألف ليرة سورية، أي ما يقارب 300 دولار أمريكي، ومسيرا طويلا على الأقدام، ومن ثم ركوب سيارات شحن لنقل المواشي، لنصل أخيرا إلى منطقة رويشد (الأردنية) على الحدود الأردنية السورية، وانتظرنا 70 يوما ليصل الدور إلينا لدخول مخيم اللاجئين، إلا أن حرس الحدود الأردني قام بقذفنا نحو الأراضي السورية، رافضا عبورنا نحو المخيم".
وتابع أبو إبراهيم: "ضاقت الأرض بنا أكثر فأكثر، ولم نجد سوى بعض المحسنين لإيوائنا في منطقة اللجاة بريف درعا، وقررت العودة بعائلتي إلى الرقة، ومن ثم انتظرت مدة 15 يوما لحين تأمين المبلغ المطلوب للمهربين حتى أتمكن من العودة إلى الرقة"، حسب تأكيده لـ"
عربي21".
ولكن، يضيف أبو إبراهيم، "بعد تأمين المبلغ تفاجأت أن المهربين رفعوا الرقم المالي المطلوب ليصل إلى 135 ألف ليرة سورية، ثم اضطررت للانتظار أكثر إلى حين تأمين ما يريدون، وبعد تأمينه، طُلب منا تأمين موافقات عبور من جبهة
النصرة ليسمحوا لنا بالعبور نحو مناطق سيطرة تنظيم الدولة، والتقينا أحد أمراء الجبهة في درعا، أعطانا الأذن، بعد توقيعنا على تعهدات وأيمان مغلظة بعدم مبايعة التنظيم".
وفي الخطوة التالية، يوضح الناشط الإعلامي يوسف العبد الله، في حديث خاص لـ"
عربي21"، أنه "تم تجميع العائلات والأشخاص الراغبين في التوجه نحو الحدود التركية أو مناطق الشمال السوري، وانطلقت سيارة الشحن من منطقة اللجاة، ليتفاجأ المدنيون والنازحون من عائلات وشباب؛ بتوقيفهم من قبل حاجز عسكري مشترك تابع لألوية العمري المسلحة وجبهة النصرة لعدة ساعات وسط الحر الشديد".
وبحسب الناشط العبدل الله، فقد "قام عناصر الحاجز بعزل الرجال عن النساء والأطفال، وتلقيم الأسلحة بوجههم بسبب إلحاح المدنيين على العبور، ليقوم الحاجز المشترك بضربهم، وهم يقولون لهم: تريدون العبور باتجاه الشمال من أجل مبايعة داعش، ومن ثم تعودوا لقتالنا، لن نسمح لكم بالعبور"، حسب قوله لـ"
عربي21".
وكما يقول العبد الله، فإن الحاجز المشترك طلب من المهربين إعادتهم إلى منطقة "الغارية الغربية" في ريف درعا، وأنه ممنوع مرور اللاجئين نحو تركيا أو الشمال السوري حتى إشعار آخر، "وفعلا أعادهم المهربون إلى المنطقة بعد خصم قسم من المبلغ المالي عليهم، ومازال اللاجئون وعدد من أبناء ريف درعا في مكانهم في "الغارية الغربية" لا دخول للأردن، لا عبور نحو الحدود التركية".
من جهته، قال القيادي في "ألوية العمري" إياد القطاعنة، لـ"
عربي21" خلال اتصال خاص معه: "لقد منعنا اللاجئين من العبور قبل فترة حرصا على سلامتهم، فالطرق أصبحت خطيرة للغاية، وتجار الحروب يأخذون أموال اللاجئين ثم يرمونهم دون أي اكتراث لمصيرهم، وفي حال تعرض أي مدني للسوء تكثر الأحاديث حولنا لماذا سمحنا لهم بالعبور والتعرض للمخاطر"، حسب تعبيره.
وأردف القطاعنة قائلا: "الشباب ممنوعون من العبور الشمال السوري، خوفا من مبايعتهم لتنظيم الدولة، بسبب توجه عدد من الشباب إلى مبايعة تنظيم الدولة، وهذا السبب هو وراء منعنا لهم بالعبور نحو المناطق الشمالية".