في الوقت الذي هزت فيه صورة الطفل السوري الغريق مشاعر الملايين من كافة أنحاء العالم على اختلاف مذاهبهم ودياناتهم وشاهدنا المظاهرات في الدول الأوربية التي تطالب باستيعاب اللاجئين ومعاملتهم معاملة إنسانية تليق بكرامة الإنسان، ومع استيعاب بعض الدول الأوروبية لمئات الآلاف من اللاجئين واستيعاب تركيا لحوالي مليوني لاجئ سوري.
ومع استمرار كوارث الموت الجماعي التي يتعرض لها اللاجئين السوريين ومع كل الحملات الإعلامية المطالبة بوضع حد لمعاناة اللاجئين.
مع كل ذلك ما يزال الموقف
الخليجي الرسمي غارقا في الصمت والسلبية واللامبالاة وكأن شيئا لم يكن.
ندرك جميعا جسامة التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن جميع هذه التحديات لا تبرر التغاضي المعيب عن مأساة اللاجئين السوريين التي تضع الجميع أمام مسؤوليات دينية وإنسانية وقومية لا يمكنهم حيالها السكوت والاستمرار في الموقف السلبي وسياسة اللامبالاة.
ولا تتفق هذه اللامبالاة مع حرص دول الخليج على الحضور السياسي المؤثر والفاعل الذي يستوجب التفاعل الجاد مع المآسي الإنسانية الحساسة الناجمة عن التدخل الإيراني الطائفي لمساندة نظام ديكتاتوري فاسد.
في مقدور دول الخليج أن تتحرك وتعمل إلى إيجاد ملاذات آمنة للهاربين من بطش
النظام السوري وجحيم الحرب، في مقدور الخليج الإعلان عن مبادرة خليجية لحل مشكلة اللاجئين وستجد هذه المبادرة تفاعلا كبيرا من الشعوب العربية والإسلامية والمجتمع الدولي.
وفي مقدور الخليج إذا كان لا يرغب في تقديم مبادرات -مع ضرورة ذلك- تأييد المبادرات الإقليمية والدولية ومنها المبادرة التركية التي طرحت مشروع إنشاء منطقة آمنة للاجئين شمال
سوريا.
لا يوجد أي مبرر لعدم مساندة هذه المبادرة أو الإعلان عن مشروع مبادرة خليجية عملية وسريعة لمعالجة مأساة النازحين المستمرة، ولا سميا أن المتابع لمأساة النازحين يتأكد له أن ما يحدث هو جريمة تطهير طائفي للسورين السنة يتبناها المشروع الصفوي الإيراني ولا تقل خطورة عن جرائم المليشيات الطائفية في اليمن المدعومة من النظام الإيراني.
إن غياب أي مبادرة خليجية لمعالجة مشكلة النازحيين السوريين سيضع الكثير من علامات الاستفهام حول الموقف الخليجي من هذه الكارثة، وسيصب كل ذلك في خدمة أجندة المشروع الإيراني، وقد يصبح الكثير من هؤلاء اللاجئين فرائس سهلة لجماعات العنف وتستخدمهم المخابرات الإيرانية وغيرها لتهديد أمن واستقرار المنطقة.