ذكرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية أن الحكومة
العراقية تجري محادثات سرية مع قادة سابقين لحزب
البعث والمليشيات السنية؛ في محاولة لحشدها وإقناعها بالمشاركة في القتال ضد
تنظيم الدولة.
وتقول جوديت نيورينك في تقريرها الذي نشرته الصحيفة: "بدأت الحكومة العراقية محادثات سرية مع عناصر من المليشيات السنية وأعضاء في حزب البعث، في محاولة للحصول على دعم سني كبير في القتال ضد تنظيم الدولة".
وتشير الصحيفة إلى أن جولة من المحادثات انعقدت الشهر الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، أما الجولة الثانية فجرت في تنزانيا بعدها بأسبوعين. وهناك خطة لعقد ثلاث جلسات أخرى، وذلك نقلا عن مصادر مطلعة.
وتكشف الكاتبة عن أنها شاهدت صورا للقاء الذي عقد في تنزانيا، حيث ظهر فيها ممثلون عن حكومات غربية وأفريقية، إلى جانب ممثلين عن الحكومة التي يقودها
الشيعة في بغداد. وتقوم الحكومة الأمريكية والأمم المتحدة بالتوسط في المحادثات.
وينقل التقرير عن مطلعين على مجرى المحادثات قولهم: "إن تقدما مهما قد حصل، حيث يعترف مسؤولون في نظام صدام السابق بأن منطقة الحكم الذاتي في شمال كردستان يمكن أن تحصل على استقلال كامل في المستقبل القريب. فيما تصر بعض الجماعات السنية على أهمية الحفاظ على العراق موحدا".
وترى الصحيفة أن ضم العرب
السنة في الجهود يعد حيويا في قتال تنظيم الدولة، خاصة أن الحرمان والتهميش اللذين شعر بهما السنة، وتحديدا في ظل حكومة نوري
المالكي، كانا وراء صعود تنظيم الدولة.
وتلفت نيورينك إلى أنه من بين تسع جماعات حضرت اللقاء، كانت هناك جماعات مسلحة أسهمت في صعود تنظيم الدولة، وساعدته للسيطرة على مدينة الموصل في حزيران/ يونيو 2014.
ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن هناك مشكلة تواجه الجماعات السنية التي تقف في وجه التنظيم، حيث تم ذبح 70 فردا من قبيلة سنية عارضت الجهاديين. وقتل أبناء العشيرة؛ لأن أبناء قبيلتهم "البونمر" خدموا في الجيش العراقي، وهي القبيلة التي دعمت القوات الأمريكية في حربها ضد تنظيم القاعدة في الفترة ما بين 2006- 2007.
وتبين الصحيفة أن ممثلين عن الجيش الإسلامي العراقي وكتائب الطريقة النقشبندية قد شاركا في المحادثات، وكلاهما ظهر بعد الغزو الأمريكي للعراق. وقاتل الفصيلان مع تنظيم الدولة العام الماضي، قبل أن ينفصلا عنه بسبب أساليبه المتطرفة.
وتذكر الكاتبة أن المالكي قد اتهم بتعزيز الطائفية التي ظهرت فيما بعد غزو عام 2003، والتمييز الذي مورس ضد المسؤولين ممن لهم صلات مع البعث. بالإضافة إلى أنه استخدم سياسة "فرّق واحتل" في المناطق السنية، التي تم نشر قوات شيعية فيها، وهو ما دفع أعدادا من السنة إلى حمل السلاح.
ويورد التقرير أن عددا من العسكريين الكبار في نظام صدام حسين السابق، قد انضموا لتنظيم الدولة، وأصبح عدد منهم أعضاء فيما يسمى بالمجلس العسكري له. مشيرا إلى أن مسؤولين سابقين في حزب البعث وقادة عشائر سنية قد حضروا الاجتماع.
وتنوه الصحيفة إلى أنه سيتم عقد جولة متقدمة من المحادثات، حيث سيتم دفع المشاركين إلى الالتزام بالدستور الذي أقر عام 2005، الذي اعترف بأن الشيعة غالبية سكان العراق، لكنه أعطى وزنا متساويا للسنة والأكراد. وبعد جولات من المحادثات وافقت الأطراف التسعة على الالتزام بالدستور.
وتوضح نيورينك أنه لم يكشف عن الطريقة التي سيتم فيها قتال تنظيم الدولة، مستدركة بأن الممثلين السنة في الاجتماعات طلبوا عدم مشاركة المليشيات الشيعية في القتال لتحرير الموصل. ويشعر سكان المدينة بخيانة الجيش العراقي لهم، بعد هروب قادته عندما دخلها تنظيم الدولة.
ويذهب التقرير إلى أنه يؤمل بأن تقود المحادثات إلى منح دور للسنة في الحكومة العراقية، فقد أدى استبعادهم من العملية السياسية وسجن قادتهم إلى الاحتجاجات التي استغلها تنظيم الدولة لاحقا.
وتكشف الصحيفة عن أن اللقاءات تبعها اتفاق بين السنة العراقيين والحكومة العراقية لزيادة الحقوق السياسية لسنة العراق. مشيرة إلى أن هناك ثلاثة لقاءات يخطط لها في الدوحة وباريس والسعودية.
وتذكر الكاتبة أن الحكومة الأمريكية مارست ضغوطا على الحكومة العراقية كي تشارك في المداولات، على أمل إصلاح العلاقات المتصدعة بينها وبين السنة، والاتحاد معا لطرد تنظيم الدولة من العراق.
ويفيد التقرير بأن الجيش العراقي قد فشل بالسيطرة على مدينتي بيجي والرمادي، حيث توقفت المحاولات، أما برنامج تدريب أبناء القبائل، فقد عانى من مشكلات بسبب نقص المعدات، كما أشار تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية. وأصبح تحسين أساليب التدريب ملحا بعد دخول الروس إلى سوريا.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن الزميل الباحث في معهد "بروكينغز" ويليام ماكانتس، يقول: "إنه يجب، وعلى المدى البعيد، ضم القبائل السنية في النظام السياسي العراقي، كون ذلك جزءا من خطة لهزيمة تنظيم الدولة". وأضاف: "ينظر تنظيم الدولة للقبائل السنية العربية على أنها حجر الرحى، ويجب أن يفعل أعداؤه الأمر ذاته".