نشرت صحيفة "
لوموند" الفرنسية تقريرا حول الوجود الأمريكي على الأراضي الأفغانية، قالت فيه إن تأزم الأوضاع الأمنية في البلاد والفشل الذي منيت به القوات الأمريكية في الإيفاء بوعودها، يجعل رحيلها من أفغانستان مستحيلا في المرحلة الحالية.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي 21"، إن خطاب باراك أوباما، الذي أدلى به في 27 أيار/ مايو 2014، والذي تعهد فيه بأنه "مع حلول نهاية العام 2016، سينخفض الحضور العسكري الأمريكي في كابول، ليقتصر فقط على وجود سفارة عادية، كما هو الحال في العراق"، تم استحضاره من قبل النائب الجمهوري جون ماكين، في جلسة استماع للجنرال جون كامبل، قائد القوات الأمريكية في أفغانستان يوم الثلاثاء الماضي.
وأضافت أن كلام ماكين جاء على أثر قصف القوات الأمريكية لمستشفى "أطباء بلا حدود" في مدينة قندوز شمال أفغانستان، الذي ذكر الجميع أنه بعد تسعة أشهر من الإعلان رسميا عن انتهاء العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان، لا تزال الأوضاع هشة ولا يزال الحضور العسكري ضروريا لحماية المؤسسات الرسمية التي تحاول واشنطن إرساءها بأي ثمن.
وأشارت الصحيفة إلى أن المثال العراقي الذي ذكره أوباما متباهيا في ذلك الخطاب، جاء قبل أيام قليلة من سيطرة تنظيم الدولة على مدينة الموصل بطريقة استعراضية ومثيرة، في حزيران/ يونيو من السنة نفسها. فقد أدى الانخفاض في تعداد القوات الأمريكية في العراق إلى خفض نفقات
الجيش، ولكنه في المقابل أدى لخسارة شركاء مهمين في العملية السياسية بسبب السياسات الطائفية التي اعتمدها رئيس الوزراء نوري المالكي، والتي أدت لتغذية الانقسامات والصراعات في البلاد.
واعتبرت الصحيفة أن رحيل الرئيس الأفغاني حامد كرزاي، الذي كانت علاقته بالإدارة الأمريكية متوترة، سيؤدي لتحسين العلاقات بين البلدين، ولكن ضعف الجيش الأفغاني ومؤسسات الدولة سيبقى شاهدا على فشل استراتيجية أوباما.
وذكرت الصحيفة أن الجنرال كامبل ذكر خلال جلسة الاستماع أمام الكونغرس عدة نقائص تعاني منها القوانين الأمريكية في العراق، خاصة في مجالات الطيران، وجمع المعلومات، والقوانين الخاصة. وهو ما يعني أن واشنطن يتوجب عليها البقاء لفترة أطول في أفغانستان، والإبقاء على عدد أكبر من القوات للاستجابة للتحديات الأمنية بقطع النظر عن التعهدات السياسية.
وأضافت الصحيفة أن خطاب رئيس الحكومة الأفغانية عبد الله عبد الله، في اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك في الثاني من الشهر الجاري، كشف عن مخاوف كبيرة من أن تفجر الأحداث في مدينة قندوز جاء ليؤكد هشاشة الوضع في البلاد.
ونقلت عنه قوله: "إن قرار وضع جدول زمني للانسحاب من أفغانستان عائد للولايات المتحدة، ولكنني متأكد من أن الجنرالات الأمريكيين ونظراءهم الأفغان يتفقون على أن بقاء القوات الأمريكية لما بعد سنة 2016 أمر ضروري".
وأشارت الصحيفة إلى أن القوات الأمريكية لا تواجه أي عقبات سياسية أو قانونية أمام تمديد تواجدها في أفغانستان، فقد جاء صمت السلطات الأفغانية تجاه مأساة قصف مستشفى في قندوز، ليؤكد أن الأمور اختلفت عما كانت عليه في عهد حميد كرزاي، الذي لم يكن يخفي تنديده بالمآسي التي سببتها الغارات الجوية لقوات الناتو في بلاده.
ونقلت الصحيفة عن النائبة الأفغانية فوزية كوفي قولها "إن السلطات الأفغانية تخشى من أن يقوم الرئيس أوباما بالتخلي عنها في حال ما وجهت له انتقادات مباشرة بشأن الحوادث التي سببتها قواته".
وأضافت "لوموند" أن وزارتي الدفاع والداخلية قدمتا تصريحات مشابهة لتصريحات هذه النائبة، حيت أكدتا في البيانات التي تلت حادثة مستشفى قندوز، أن "تواصل الحضور الأمريكي على الأراضي الأفغانية ضروري لتجنب السيناريو العراقي".
واعتبرت الصحيفة أن هذه المخاوف تعززها السهولة التي نجحت بها طالبان في غزو هذه المدينة في شمال البلاد، وإن كان ذلك لفترة وجيزة.
وفي الختام قالت الصحيفة إن ما آلت إليه الأوضاع في أفغانستان من فشل أمني وسياسي، يطرح تساؤلات عديدة بشأن جدوى 14 سنة، قضتها القوات الأمريكية على الأراضي الأفغانية أنفقت خلالها مليارات الدولارات وخسرت أربعة آلاف من جنودها.