نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية تقريرا حول العلاقة والتواصل بين إقليم
كردستان العراق وتنظيم الدولة، خاصة وأن الجانبين يتشاركان حدودا تمتد على أكثر من ألف كيلومتر، ما يجعل التنسيق والحوار ضروريا في بعض الحالات، رغم العداء الشديد والحرب الدائرة بين الطرفين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "راديو السلام"، الذي يبث موجاته من منطقة عين كاوه في ضواحي مدينة
أربيل التي تمثل عاصمة إقليم كردستان العراق، يوجه بثه نحو أولئك الذين تركوا كل شيء وراءهم، وهربوا من "وحشية"
تنظيم الدولة.
ونقلت عن فينسون جيلو، منسق الراديو الذي تم إطلاقه في نيسان/ أبريل الماضي من قبل منظمة "إذاعات بلا حدود"، قوله :"نحن نبث موجاتنا في دائرة قطرها 80 كيلومترا، وبالتالي فإن أولئك الذين يعيشون تحت سيطرة تنظيم الدولة يمكنهم أيضا الاستماع إلينا، بشرط أن يسمح مقاتلو التنظيم للناس باستعمال أجهزة الراديو".
وذكرت الصحيفة أن سكان أربيل، البالغ عددهم حوالي مليون نسمة، تعودوا منذ أكثر من سنة على العيش على بعد كيلومترات قليلة من ألد أعدائهم، مقاتلو تنظيم الدولة. ورغم خطر اندلاع المواجهات أو حدوث انفجار في أي لحظة، فإن الحياة تبدو طبيعية، والمقاهي والمطاعم مكتظة في هذه المدينة؛ التي اهتزت على وقع انفجار في نيسان/ أبريل الماضي، استعمل فيه تنظيم الدولة سيارة مفخخة، ما أدى إلى سقوط أربعة قتلى وحوالي 20 جريحا، وقد تبين حينها أن العملية قد قام بها شخص متشدد دينيا ينتمي إلى أكراد أربيل.
وقالت الصحيفة إنه رغم الحرب الضروس بين الجانبين، فإن العلاقات لم تنقطع بشكل كلي بين إقليم كردستان العراق وتنظيم الدولة، ويمكن لأي زائر هذه المنطقة أن يقوم بجولة على الطريق في اتجاه مدينة مخمور في الجنوب، لكي يلاحظ أن خطوط الكهرباء على سبيل المثال لم يتم قطعها في خطوط التماس بين الجانبين.
ونقلت الصحيفة عن الناشط أمير جريجس، عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يسيطر عل الحياة السياسية في الإقليم، قوله: "إن تنظيم الدولة تنظيم إرهابي خطير، وقد نجح في السيطرة على مساحة تعادل تقريبا مساحة دولة كاملة، يعيش فيها بين 8 و10 مليون شخص، ونحن نتشاطر معه خطا حدوديا يمتد على 1050 كيلومترا، وهو ما يجعل إقليم كردستان العراق مضطرا في بعض الحالات للتعامل مع هذا التنظيم، لحل بعض المسائل".
ونقلت الصحيفة عن "دارا براوي"، وهي أيضا عضو في المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، قولها :"لقد دخلنا في مفاوضات مع تنظيم الدولة، حتى نتمكن من استرجاع جثامين بعض مقاتلي البيشمركة، الذي سقطوا أثناء القتال، وفي الفترة الأخيرة حاولنا إقناعهم بتحرير 25 من جنودنا الذي وقعوا أسرى لديهم، ولكن كل جهودنا ذهبت سدى، حيث إن تنظيم الدولة لم يوف بتعهداته، وقام بقطع رؤوس ثمانية من مقاتلي البيشمركة في أيلول/ سبتمبر الماضي. وهو ما جعل الحوار مع هذا التنظيم أكثر صعوبة، خاصة وأنه لا يهتم باستعادة مقاتليه الذي يقعون في قبضة الأكراد".
وأشارت الصحيفة في السياق ذاته؛ إلى أن مقاتلي تنظيم الدولة يفضلون دائما الانتحار على الوقوع في أيدي أعدائهم، ولكن رغم ذلك فإن المقاتلين الأكراد نجحوا في بعض المرات في أخذ أسرى من عناصر التنظيم، ولكن المسؤولين في كردستان العراق يمتنعون عن تقديم أي معلومات بشأنهم، ويكتفون بالتأكيد على أنهم تتم معاملتهم أسرى حرب.
وذكرت الصحيفة أنه تم في الفترة الأخيرة إلقاء القبض على 43 من مقاتلي تنظيم الدولة في منطقة مخمور، بعد أن عبروا نهرا يفصل بين الجانبين، وقد قالوا إنهم يريدون تسليم أنفسهم للقوات الكردية، وتبين فيما بعد أنهم ليسوا أجانب بل عراقيون، وأكدوا أنهم تم إجبارهم على القتال في صفوف تنظيم الدولة، ولكن رغم ذلك فهم يخضعون للتحقيق حتى يتم التأكد من أمرهم.
ونقلت الصحيفة عن الضابط في البيشمركة، عزيز ويسي، الذي أصيب مرتين خلال المعارك الدائرة، قوله: "المفاوضات بين الطرفين تنحصر غالبا في مسائل تهم الماء وري المزروعات والتزود بالكهرباء، ففي بداية شهر آب/ أغسطس 2014، سيطر تنظيم الدولة على سد
الموصل، وهو أكبر سد في العراق، وتصل سعته إلى أكثر من 10 مليارات متر مكعب من المياه، ثم بعد بضعة أسابيع نجحنا في استعادة هذا السد بعد معارك مميتة، وكان بإمكاننا قطع إمدادات المياه على مناطق زراعية كبيرة تابعة لتنظيم الدولة، ولكننا لم نفعل ذلك".
وأضاف ويسي: "أن الموصل تضم مليوني نسمة، لا يمكنهم العيش عند قطع الكهرباء والماء، ونحن لن نقوم بهذا الإجراء الذي سيصعب حياتهم، خاصة وأن 90 في المئة منهم يعيشون مكرهين تحت سيطرة تنظيم الدولة ولا يساندونه بشكل حقيقي"، وفق قوله.