نشرت صحيفة ليبيراسيون الفرنسية تقريرا حول شاب فرنسي يدعى يونس، كان يعيش مشكلات اجتماعية ونفسية كبيرة، متعلقة ببحثه عن هويته في مجتمع وعائلة يؤمنان بالعلمانية، وانتهى به الأمر إلى مغادرة
فرنسا برفقة زوجته وابنته الرضيعة إلى
سوريا، ليلتحق بصفوف
تنظيم الدولة في مدينة الرقة، التي تعتبر عاصمة التنظيم.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن يونس غادر منذ سنة برفقة ابنته وزوجته، من بيسانسون الفرنسية باتجاه سوريا، مدعيا أنه ذاهب إلى بروكسل ليبحث عن عمل، بعد أن أمضى الفتى عمره وهو يبحث عن شخصيته ويبحث لنفسه عن موقع وسط المجتمع الفرنسي.
وذكرت الصحيفة أن رحلة يونس مع المشكلات الاجتماعية والنفسية بدأت منذ سنة 1990، عندما انفصل أبواه عن بعضهما وهو في سن الخامسة، بعد أن كانت أمه الجزائرية قد غادرت بلادها إلى فرنسا، رغبة منها في أن تكون متحررة من قيود الشرق، وتزوجت هناك من الفرنسي آرموند.
وأشارت إلى أن هذين الأبوين من أبرز المتابعين لصحيفة شارلي إيبدو الساخرة، والمعروفة بعدائها للإسلام، ذلك أنهما كانا ينتميان فكريا إلى منهج العلمانية. وقد كان الطفل قبل طلاق الأبوين صغيرا على فهم الأمور المتعلقة بالهوية والعنصرية، ولكنه رغم ذلك كان يرفض أن ينادى باسم يونس، لكونه اسما عربيا، الشيء الذي أحرجه مع أصدقاء طفولته وجعله يفضل أن يدعى سيباستيان.
وذكرت الصحيفة أن يونس ذهب وهو في سن السابعة ليعيش مع والدته بمدينة فيسول في فرنسا، بعد أن تزوجت من رجل آخر عقب طلاقها من والده، وهو أمر تسبب في تغيير جذري في شخصية يونس ونظرته للحياة.
وأصبح يونس في شبابه متابعا للأفلام الأمريكية وقصص المانغا اليابانية، وكان منفصلا عن جذوره الأسرية، فلم تكن له علاقة لا بعائلة أمه ولا بعائلة أبيه، لذا كان الشاب يبحث عن جذوره، قبل أن يقرر أن يكون الإسلام هو الطريق ليكتشف ذاته.
ومنذ ذلك الوقت، في سنة 2003؛ بدأت تظهر على يونس علامات التدين، فأطلق لحيته ولبس القميص، وبدأ يمضي الليالي في تلاوة القرآن والصلاة، حينها أرسلته أمه ليعيش مع أبيه في بيسانسون بعد أن اجتاز امتحان ختم التعليم الثانوي.
وقالت الصحيفة إن يونس أصبح متدينا إلى درجة أنه أصبح يرفض أن يحمل هوية أبيه الفرنسي، وسعى في تغييرها ليحمل هوية أمه الجزائرية نجمة، وبدأت هنا تبرز على الفتى علامات
التطرف.
وأضافت أن يونس كان يساند الهجوم الذي وقع في مقر صحيفة شارلي إيبدو، الذي نفذه الأخوين كواشي، وسط صدمة الأب الذي كان من المشتركين بصفة دائمة في الصحيفة، ومتابعا لها منذ إطلاقها في الثمانينيات.
وذكرت أن جهاز المخابرات الفرنسية قام بمتابعة يونس في سنة 2007، لشبهة انتمائه للتيار السلفي الجزائري، وفي هذه الفترة بدأ الشاب يرفض مصافحة النساء أو الذهاب إلى السينما أو الاستماع للموسيقى والأغاني، إلا الأناشيد الدينية كتلك التي يبثها تنظيم الدولة في تسجيلات الفيديو والبيانات.
وقالت صحيفة ليبيراسيون إن يونس تزوج من ثلاث نساء على التوالي، تعرف عليهن عبر الإنترنت، وكنّ يتشاطر معهن الفكر ذاته، لكنه لم ينسجم معهن فطلقهن واحدة بعد الأخرى، ليتزوج في سنة 2012 من فتاة تونسية تدعى نادية، كانت تعيش في فرنسا، وأنجبت له ابنته ثريا في نيسان/ أبريل سنة 2013.
ونقلت الصحيفة ما ذكره آرموند، والد يونس، عن موقفه عندما اتصلت بابنه المخابرات الجزائرية، حيث قال: "في ذلك الوقت كان ابني يزداد تطرفا، حيث كان يتردد على مساجد يسيطر عليها التيار السلفي في بيسانسون، وكانوا يتحدثون عن الجهاد وعن الذهاب إلى سوريا والعراق وحتى مالي".
وبحسب الصحيفة، خطط يونس للذهاب إلى سوريا سنة 2014، عندما أعلن تنظيم الدولة عن قيام دولته، فخدع أهله وأخبرهم أنه ذاهب إلى بروكسل للبحث عن عمل، وعندما اتصل الوالدان بإمام المسجد الذي كان يتردد عليه يونس، أخبرهم أن ابنهم التحق بتنظيم الدولة في سوريا.
وبعد جهد جهيد استطاع الأبوان الاتصال بيونس وعائلته، ليخبرهم بأنه يعيش بخير وأنه لا يحمل السلاح ولا يقاتل، وإنما يقوم بمراقبة السلع الواردة والصادرة عن الرقة، حيث إن تنظيم الدولة كلفه بمهام غير حساسة لأنه اشتبه في أن يكون جاسوسا للمخابرات الفرنسية.
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن أخبار يونس انقطعت عن العائلة، عندما قام تنظيم الدولة بتعطيل شبكة الإنترنت في الرقة، والمعلومات المتوفرة الآن حوله شحيحة، لكن ما يتأسف له والده هو أن يونس أدخل ابنته وزوجته في صراع إقليمي دولي سياسي لا ناقة لهما فيه ولا جمل، فيما تتواصل حيرة أمه نجمة وخوفها كلما سمعت أخبار الحرب في سوريا.