كتب سمير الحجاوي: العداء
الغربي ضد العرب والمسلمين ليس جديدا من عصر
الحروب الصليبية وحتى الآن، منذ أن أعلن بابا الفاتيكان أوربان الثاني الحرب الصليبية المقدسة ضد "الكفار" المسلمين في نوفمبر 1095 بمجمع رجال الدين في مدينة كليرمونت فران الفرنسية، وذلك لتنفيذ "إرادة الرب" لتحرير القبر المقدس.
هذه الحروب الصليبية لم تنته بل تركت آثارها على عالمنا كما تقول عالمة الأديان كارين آرمسترونغ في كتابها الموسوعي "الحروب الصليبية وأثرها على العالم اليوم"، وهي أسست لحالة من العداء والكراهية، تظهر في المناهج الدراسية الغربية والثقافة العامة والإعلام والأفلام، ويجري استخدام هذا المصطلح على ألسنة قادة غربيين كما فعل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عندما أعلن الحرب الصليبية على "
الإرهاب الإسلامي" في إمبراطورية الشر الممتدة من أندونيسيا وحتى المغرب. وبشر بأن هذه "الحرب الصليبية الجديدة" ستكون طويلة.
اليوم تعود ذات النغمة وبقوة في المجر وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وعدد كبير من الدول الأوروبية، ولعل أسوأ ما صدر حتى الآن أطلقه المترشحان الجمهوريان لانتخابات الرئاسة الأمريكية بن كارسون الذي وصف السوريين بأنهم "كلاب مسعورة، ودونالد ترامب الذي طالب بوضع المسلمين تحت رقابة مشددة.
قال كارسون وهو جراح أعصاب متقاعد: "يجب أن نتبع آليات للفرز، من أجل تحديد الكلاب المسعورة بكل صراحة، ومن هم الأشخاص الذين يريدون القدوم إلى هنا وإلحاق الضرر بنا، ويريدون تدميرنا". وطالب بـ"اعتماد آليات تدقيق لتمييز الكلاب المسعورة". وصرح إنه يرفض أن يحكم شخص مسلم بلاده.
أما زميله المترشح الجمهوري الآخر لانتخابات الرئاسة دونالد ترامب فطالب "بتأسيس قاعدة بيانات لكل المسلمين في الولايات المتحدة، ووضع المسلمين تحت الرقابة المشددة والتجسس على الجالية المسلمة في أميركا، ومراقبة المساجد، وهو ما يحدث فعلا على أية حال، والتفتيش بدون إذن قضائي، وتعهد بطرد اللاجئين السوريين وإصدار هويات خاصة للمسلمين تميزهم عن غيرهم في حال فوزه"، وتزامنت هذه التصريحات العنصرية مع إقرار مجلس النواب الأميركي، تعليق استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين"، أما في أسكتلندا وفرنسا وبلجيكا وغيرها، فوقعت عشرات الاعتداءات على المسلمين والمساجد، وصلت إلى 64 اعتداء في يوم واحد في فرنسا، ونفس الشيء في أسكتلندا، وتم حرق مساجد للمسلمين ومتاجر ومراكز ثقافية وشتم الشخصيات الإسلامية البارزة، وللأسف فإن هذه الاعتداءات الكثيرة لم تحظ بتغطية إعلامية،. وذهب مسؤولون غربيون إلى القول إن المسلمين يهددون الهوية المسيحية لأوروبا والغرب.
الغرب الذي يعلن الحرب على ما يسمى "الإرهاب الإسلامي" هو الأقل تعرضا للهجمات ، وقال "المؤشر العالمي للإرهاب" الذي صدر قبل أيام: إن 78% من الهجمات "الإرهابية" وقعت في خمس دول عربية ومسلمة هي العراق وسوريا وأفغانستان وباكستان ونيجيريا "ذات الغالبية المسلمة"، في حين باقي العالم كله بما في ذلك أوروبا وأمريكا لم تشهد إلا 22% من الهجمات، وهو مسح يطال 162 بلدا في العالم.
المفارقة أن ضحايا الإرهاب "عرب ومسلمين " كما يقول تقرير "مؤشر الإرهاب" ويؤكد "أن الدول الغربية كانت الأقل عرضة للهجمات التي ينفذها على الأرجح أفراد غير مرتبطين بجماعات التطرف السياسي أو القومية أو العرقية أو الدينية وليس ما يسمى "بالتطرف الإسلامي"، بحسب التقرير، وللأسف فإننا لا نسمع شيئا عن هذا. ما يعكس الاستهداف الغربي لكل ما هو عربي ومسلم.
الغرب يصنع الكراهية والعنصرية ويقتل في بلاد العرب والمسلمين، ومع هذا لا يتردد عن إلصاق هذه التهم بالعرب والمسلمين، مما يعكس ثقافة غربية ملوثة ومسمومة ضدنا.
(عن صحيفة الشرق القطرية- 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)