في الوقت الذي تشهد المناطق الشيعية وضعا أمنيا مضطربا منذ أشهر، ازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة عمليات الخطف والمساومة وفرض
الأتاوات بقوة السلاح، تنفذها
مليشيات الحشد الشعبي بهدف تمويل هذه المليشيات وقياداتها.
وطالت هذه العمليات العشرات من التجار، وأصحاب متاجر المصوغات الذهبية، وعائلات ميسوري الحال، من أبناء الطائفية الشيعية في عدد من مناطق بغداد.
وقال أبو زيد الموسوي، صاحب محل لبيع الذهب بالقرب من أحد المراقد
الشيعة بمدينة الكاظمية، إنه طالته يد المليشيات في وضح النهار وبمرافقة عناصر أمنية مكلفة بحماية المرقد، وسرقوا منه عنوة تحت تهديد السلاح كميات كبيرة من المصوغات الذهبية والمجوهرات الثمينة، يقدر سعرها بملايين الدناتير
العراقية.
وأضاف الموسوي في حديث مع "عربي21": "فوجئت بدخول 15 شخصا محلي، وكانوا مدججين بمسدسات كاتمة للصوت، في تلك اللحظات العصيبة شلت يدي، وانعقد لساني، لم أحرك ساكنا، ورحت أفكر: هل سيعطونني فرصة ثانية للبقاء على قيد الحياة؟".
وأشار إلى أن العملية وقعت "رغم أن دوريات الشرطة كانت بجواري و لا تبعد عني سوى أمتار قليلة"، لكنها لم تفعل شيئا لمنع السرقة.
وتابع: "إنها وسيلة جديد بدأت تتبعها فصائل مليشيا الحشد للحصول على المال بطريق غير شرعية عبر فرض الأتاوات بحجة تمويل مقاتليها، وشرهم ما عاد محصورا بالمناطق السنية، وباتت الدولة عاجزة عن إيقاف هذه العمليات أو الحد منها".
وعلى الرغم من انتشار دوريات الشرطة، فإن الكثير من أصحاب المتاجر المعروفة والشركات؛ يتعرضون للاختطاف باسم الدفاع عن المذهب الشيعي من تنظيم الدولة.
ويروي حيدر الربيعي، التاجر المعروف في مدينة بغداد، حكاية اختطافه على يد المليشيات الشيعية، بعد رفضه دفع 60 ألف دولار لأحد قيادات الحشد الشعبي في منطقة الكرادة، معقل المليشيات.
ويقول: "في أثناء خروجي من المنزل متوجها إلى مكان عملي، اعترضت طريقي سيارتان من الطراز الحديث، إحداهما سوداء اللون ترجل منها شخصان، وعلى الفور تم وضعي في مؤخرة السيارة وقيدوا يدي إلى الخلف، وأخضعوني للاستجواب وكأني متهم بالإرهاب".
وأضاف: "عرضوا علي صورا لثلاثة رجال ينتمون لتنظيم الدولة، وقالوا إن هولاء الرجال أدلوا بمعلومات خطيرة حولي"، ومن بين هذه المعلومات المزعومة "أنك تمول التنظيم بالمال لاستهداف أبناء جلدتك من الشيعة".
وقال الربيعي إنه اضطر لدفع المبلغ المطلوب مقابل الإفراج عنه فورا، وإسقاط هذه الاتهامات المزعومة وتسوية الأمر.
وقال التاجر حيدر: "إننا نعيش بين مجموعة مافيات وعصابات تدعي زورا وبهتانا الدفاع عن المقدسات ووحدة العراق، فهم أخطر من تنظيم الدولة آلاف المرات"، بحسب قوله.
بدوره، يؤكد مقاتل في صفوف الحشد، فضل عدم ذكر اسمه، في حديث خاص لـ"عربي21"، أن الحرب مع تنظيم الدولة "أنهكت خزينة الدولة العراقية؛ فهناك المئات من قادة الحشد يلجأون لهذه الطريقة للحصول على الأموال، ولا يشعرون بالحرج من أي مصدر، كان الاختطاف أم السرقة، المهم إدامة زخم المعركة ودفع رواتب المقاتلين بالميدان".
وذكر أن معظم الأموال التي تؤخذ من الأتاوات تحت مسمى تمويل الحشد، تذهب في جيوب الفاسدين، بحسب قوله.