باستثناء صحيفة أو صحيفتين.. تخلَّت الصحف
المصرية الصادرة الجمعة 18 كانون الأول/ ديسمبر 2015 عن الالتزام بالمعايير المهنية الواجبة لدى نقل ما ورد في التقرير الذي أعلنته الحكومة البريطانية، أمس، حول أنشطة جماعة الإخوان المسلمين.
وأبدت الصحف شماتة قوية في جماعة الإخوان المسلمين، وفرحة هستيرية بالنتائج التي خلص إليها التقرير، مدعية أنه يصم الإخوان بالإرهاب (لم يقل التقرير هذا)، زاعمة أنه يؤكد صحة الموقف المصري باعتبار الإخوان "جماعة إرهابية"(!)
وبأسلوب دعائي تعاملت مع التقرير، الذي احتل صدارة الاهتمام في غالبيتها، بل هلَّلت الصحف للحكومة البريطانية، على الرغم من أنها هي نفسها كانت محط سخط تلك الصحف، واتهامات لها بإحراج رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، لدى زيارته إلى
بريطانيا، الشهر الماضي، بل والتشكيك في نزاهتها، على إثر قرارها بسحب السياح البريطانيين من مصر، في أعقاب حادثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.
الآن اختلف الوضع مائة وثمانين درجة، وصدرت المانشيتات الدعائية لصالح هذه الحكومة، في صحف الجمعة، كما سيستعرضها التقرير التالي، بل ونسبة ما لم تقله إليها، وتأويل بعض العبارات الواردة، في التقرير، بغير ما يحتمل، ومنها كمثال:
"ضربة إنجليزية موجعة على أم رأس الإخوان.. أكبر هزيمة للإخوان في بريطانيا.. سقوط الإخوان في أكبر معاقلها بـ"أوروبا".. باعتراف بريطانيا: الإخوان أصل الإرهاب في العالم.. الإخوان تحت "كماشة بريطانيا" بعد تأكيد علاقتها بالتطرف.. تفاصيل انقلاب بريطانيا على الإخوان".
ومما جاء من تلك المانشيتات أيضا ما يلي: بريطانيا تربط الإخوان بالمنظمات الإرهابية.. وكلمة السر سيد قطب.. بريطانيا: عضوية "الإخوان" دليل تطرف وعنف.. بريطانيا تعترف بعنف الإخوان.. لندن: علاقـــــة مشبوهة للجماعـــــة بالتطـــــرف".. ضربة بريطانية للجماعة: أفكار "الإخوان" مصدر الإرهاب".
والآن لنتناول هذه المانشيتات.. واحدا بعد الآخر.
ضربة إنجليزية موجعة على أم رأس الإخوان
هكذا قال إبراهيم عيسى بصحيفة "المقال "، في جريدته "المقال"، التي يرأس تحريرها، منتشيا بالتقرير، ومعتبرا أنه: "نقلة قوية وضربة موجعة".
وأوضح عيسى: "نقلة قوية ومهمة وفارقة في موقف الحكومة البريطانية من جماعة الإخوان، والتيار الإسلامي السياسي عموما، وخطوة كاشفة عن تحول غربي في التعامل مع هذه الجماعة التي تشكل العمود الفقري، وال"جي إن إيه" الرئيسي للتطرف، والإرهاب في العالم"، وفق قوله.
واستطرد:" البيان (يقصد التقرير) هو أقصى مما كنا ننتظره وضوحا، وأهم مما كنا نتوقعه حسما، في تقييم هذه الجماعة الإخوانية"، مشددا على أن "هذه لحظة انكشاف مدهشة لابد من استثمارها مصريا"، على حد تعبيره.
باعتراف بريطانيا: الإخوان أصل الإرهاب في العالم
هكذا جاء مانشيت صحيفة المساء الحكومية، مبالغا، وناسبا إلى بريطانيا ما لم تعترف به، مواصلا في الصفحة الرابعة القول: "باعتراف بريطانيا.. الإخوان إرهابيون" (!).
ونقلت "المساء" عن رؤساء وقادة أحزاب قولهم إن التقرير تحول جذري يكشف الغطاء عن الجماعة، وإنه أيضا اكتشاف متأخر.. لكن يجب استثماره ومخاطبة المنظمات الحقوقية والقانونية والعالمية، بهذا التقرير، "الذي يكشف الغطاء عن الجماعة الإرهابية"، وفق الصحيفة.
أكبر هزيمة للإخوان في بريطانيا
واعتبرت صحيفة "اليوم السابع" أن "التنظيم الدولــي لجماعة الإخوان الإرهابية تلقى أكبر ضربة في تاريخه، بعدمــا أدان التقرير الذي أعدتــه لجنة التحقيق البريطانيــة، المكلفــة مــن حكومــة بلادها، ورئيــس الوزراء البريطانــي ديفيــد كاميــرون، للبحــث في أنشــطة الجماعة "الإخــوان"، وأكــد أن عقيدتهــا وأيديولوجيتهــا تتنافى مع قيــم ومصالــح وأمــن بريطانيــا، وأثبــت انتهاجهــم العنف، وارتباطهــم بالإرهــاب"، بحسب "اليوم السابع".
سقوط الإخوان في أكبر معاقلها بـ"أوروبا"
وصدرت "الوطن" بهذا المانشيت، قائلة: "سقوط الإخوان في أكبر معاقلها بأوروبا.. كاميرون: لن نصدر تأشيرات زيارة للإخوان والمرتبطين بهم.. وتجربة "الحرية والعدالة" في حكم مصر أثبتت فشل الجماعة.. تقرير لجنة تحقيق بريطانية: العقيدة الفكرية لـ"التنظيم" تصف المجتمعات الغربية بأنها منحلة وغير أخلاقية".
وفي التفاصيل قالت "الوطن": "بعدما يزيد على عام ونصف العام من إعلان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن إطلاق تحقيق في أنشطة جماعة الإخوان، ومدى خطرها على بريطانيا، التي تعد أهم وأكبر معقل للتنظيم في أوروبا، أفصحت لندن أمس عن نتائج التحقيق التي كشفت أن جماعة الإخوان روجت لسياسات متطرفة، واختارت اللجوء إلى العنف أحيانا، وفي بعض الأحيان لجأت للإرهاب".(لم يقل التقرير هذا على الإطلاق).
تفاصيل انقلاب بريطانيا على الإخوان
ولم تغرد "الأهرام المسائي" بعيدا عن صحف الجمعة، إذ نقلت - تحت المانشيت السابق - تصريحات خاصة أدلى بها إليها، "مسؤول بحكومة كاميرون"، وفي رواية أخرى: "متحدث باسم شؤون المجلس الوزاري البريطاني".
ومن ذلك قوله - بحسب الصحيفة -: "سنخضع الجماعة لـ"الفحص والتدقيق".. ولن نطالب مصر بإشراكها في العملية السياسية"، وتشديده على أن "الانتماء لـ"التنظيم" يشوبه تطرف وعنف.. وأفكاره تخالف الديمقراطية.. وإدراجه في قائمة الإرهاب مرهون بنتيجة مراقبة نشاطه".
"الجمهورية" تلفق ما لم يقله التقرير أيضا
ونسبت صحيفة "الجمهورية" إلى التقرير ما لم يقله أيضا.
فقالت بمانشيتها: "رفضت إصدار تأشيرات دخول لأعضاء الجماعة.. أخيرا.. بريطانيا تعترف بعنف الإخوان.. لندن: علاقـــــة مشبوهة للجماعـــــة بالتطـــــرف".(لم تعترف بريطانيا بعنف الإخوان، ولم تقل: "علاقـــــة مشبوهة للجماعـــــة بالتطـــــرف").
وأشارت الصحيفة إلى أن "كاميرون سلم بيان الحكومة للبرلمان وأكد تناقض أنشطة الجماعة مع الأمن القومي".
واستهلت الصحيفة تغطيتها بالقول: "أصدرت الحكومة البريطانية أمس خلاصة المراجعات التي تمت بشأن جماعة الإخوان، ومدى اتساق أفكارها ونشاطها بالقانون البريطاني، أو تهديده للأمن في البلاد، ووقوعه تحت طائلة استراتيجية مكافحة الإرهاب البريطانية".
ضربة بريطانية للجماعة: أفكار "الإخوان" مصدر الإرهاب
وعلى طريقة "الجمهورية" في المبالغة والادعاء، والتسييس، قالت جريدة "الأخبار": "ضربة بريطانية للجماعة: أفكار "الإخوان" مصدر الإرهاب.. رسائلهم للغرب تناقض خطاباتهم للمجتمعات العربية.. وتجربتهم في حكم مصر فاشلة.. كاميرون: رفض منح أعضاء الجماعة تأشيرات دخول.. ومراقبة المرتبطين بها".
بريطانيا تربط الإخوان بالمنظمات الإرهابية.. وكلمة السر سيد قطب
وحاولت صحيفة "الشروق" أن تلتزم الحياد في نشر مقتطفات من التقرير، وتصريحات رئيس الوزراء البريطاني، مضيفة، تحت المانشيت السابق، قولها: "كاميرون: الإخوان لم يشجبوا استغلال "القاعدة" لكتابات قطب.. وبعض مؤيديهم شاركوا في العنف.. والخارجية: يعضد موقف شعب وحكومة مصر تجاه التنظيم".
لكن "الشروق" زعمت في الوقت نفسه أن مصادر دبلوماسية بريطانية (لم تسمها) أوضحت أن "القرار يُعد خطوة للأمام في اتجاه الموقف الرسمي المصري"، لافتة إلى أنه "بمنزلة هزيمة للإخوان"، وفق "الشروق".
بريطانيا: عضوية "الإخوان" دليل تطرف وعنف
إلى حد ما حاولت صحيفة "المصري اليوم" الالتزام بقدر من المهنية، وعدم تحريف التقرير عن مواضعه.
ومع صورة "كاميرون"، قالت الصحيفة - في مانشيتها -: "بريطانيا: عضوية الإخوان دليل على تطرف وعنف.. ونبحث حظر التنظيم ومحاصرة أمواله.. الخارجية: دعم لموقف مصر.. والجماعة: سنلجأ للقضاء".
وفي التفاصيل، قالت "المصري اليوم": "قال تقرير الحكومة البريطانية حول نشاطات جماعة الإخوان، الذي نشرته، أمس، إن عضوية الجماعة - أو الارتباط بها - يجب أن تُعد مؤشرا ممكنا للتطرف. وشدد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، على أن التقرير وجد أن لفروع الجماعة صلة بما وصفه بـ"التطرف العنيف"، وأن قرار حظر الجماعة من عدمه في بريطانيا لازال قيد المراجعة".
ومستعرضة أبرز ما جاء في التقرير، وأقوال رئيس الوزراء البريطاني، أبرزت بيان وزارة الخارجية المصرية، الذي زعم أن نتائج التقرير البريطاني تؤكد الإدراك المتزايد دوليا بالطبيعة المتطرفة والعنيفة لتنظيم الإخوان، ومنافاته لقيم الديمقراطية والتعايش السلمي، وأن المجتمع الدولي أصبح مطالبا اليوم أكثر من أي وقت سبق، بأن يقدم الدعم الكافي لمصر في مواجهتها مع تلك التنظيمات، علاوة على تهديد جماعة الإخوان بمقاضاة حكومة بريطانيا، وتأكيدها أن رئيس الحكومة ديفيد كاميرون تعرض لضغوط خليجية لإصدار التقرير بهذا الشكل.
الإخوان تحت "كماشة بريطانيا" بعد تأكيد علاقتها بالتطرف
وهذا ما ذهبت إليه صحيفة "الأهرام"، في موضوعها الرئيسي تحت المانشيت، الذي خصصته لافتتاح السيسي مصنع إنتاج الأسمدة الزراعية، والتصريحات التي أدلى بها.
وبحسب "الأهرام": "قررت الحكومة البريطانية أمس وضع أنشطة جماعة الإخوان الإرهابية تحت الرقابة المكثفة، وأكدت وجود علاقة بين الانتماء للجماعة وبين التطرف، وقالت إن قرار حظر الجماعة "قيد المراجعة".
وأشارت إلى "تسليم حكومة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون - أمس إلى البرلمان البريطاني بمجلسيه - التقرير الكامل لمراجعة أنشطة الإخوان، الذي أعدته لجنة برئاسة السير جون جينكينز السفير البريطاني الأسبق لدى السعودية، وتأجل الإعلان عنه أكثر من مرة".
وأشارت "الأهرام" إلى أنه "على الرغم من أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية حاولت إظهار أن تقرير المراجعة لم يرق إلى حد المطالبة بحظر أنشطة الجماعة في بريطانيا، إلا أن الحكومة البريطانية أكدت بوضوح أن قرار حظر الجماعة وإعلانها منظمة إرهابية "قيد المراجعة"، وأن قرارا بشأن ذلك سيصدر لاحقا".
ونقلت الصحيفة - أخيرا - عن "مسؤول بريطاني بارز" القول إن: "حركة الإخوان تحت رقابة غير مسبوقة في بريطانيا، وسنلاحق أي شخصيات منها تتورط في ممارسات غير قانونية، وننسق مع الجانب المصري في هذا الملف، على أعلى المستويات".