أعلن فريق
الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، الأربعاء، أن احتجاز الناشطة الحقوقية
يارا سلام كان تعسفيا، وطالب بتعويض فوري.
ودعا عدد من
المنظمات الحقوقية، وهم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة
المصرية للحقوق الشخصية، ومرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، السلطات المصرية إلى تنفيذ قرار فريق الأمم المتحدة العامل، وجبر وضع يارا سلام، مطالبين باعتماد هذا الرأي فيما يتعلق بالعديد من الحالات المماثلة من احتجاز مدافعين حقوقيين "تعسفيا"، تطبيقا لقانون التظاهر الذي وصفوه بالقمعي.
كما طالبوا – في بيان لهم اليوم- بالإفراج الفوري دون شروط عن جميع المدافعين الحقوقيين المحتجزين في مصر بموجب
قانون التظاهر، وبينهم ضمن آخرين ماهينور المصري، ويوسف شعبان، ولؤي محمد عبد الرحمن، وعلاء عبد الفتاح.
وفي آب/ أغسطس 2014، قام مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بإحالة قضية يارا سلام إلى فريق الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي.
وكانت يارا سلام، مسؤولة ملف العدالة الانتقالية في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وقد حُكم عليها في كانون الأول/ ديسمبر 2014، أمام محكمة الاستئناف، إضافة إلى 22 متظاهرا آخرين، بينهم سناء سيف العضوة بحركة "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين"، بالسجن لمدة عامين وعامين من المراقبة الشرطية، بتهمة "خرق قانون التظاهر"، وهذا بموجب قانون التظاهر، وذلك إلى جانب تهم "تخريب ممتلكات عامة"، و"حيازة مواد حارقة"، و"المشاركة في استعراض القوة بهدف ترويع الجمهور"، وتم الإفراج عن يارا سلام في 23 أيلول/سبتمبر 2015 بعفو رئاسي.
وفي رأي تم تبنيه في كانون الأول/ ديسمبر 2015، خلص فريق الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي إلى أن "سلام حُرمت من حريتها لممارستها حقها في حرية التعبير وحرية الانضمام لجمعيات، كما تكفله المادتان 19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادتان 19 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، ولذا يندرج حرمان يارا سلام من حريتها ضمن الفئة الثانية من الفئات الثلاث التي ينظر الفريق العامل فيها بوصفها الحرمان من الحرية شكلا تعسفيا.
علاوة على هذا، فإن فريق الأمم المتحدة العامل اعتبر أيضا أن "عدم مراعاة المعايير الدولية المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والحرية والأمان، المرساة في المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، هو في هذه الحالة من الجسامة بحيث يضفي على حرمان سلام من حريتها صبغة تعسفية"، مع اندراج حرمانها من حريتها أيضا ضمن الفئة الثالثة من الفئات الثلاث المذكورة أعلاه.
وعلى هذا، فقد قام فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي بمطالبة "الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة لجبر وضع "سلام" وتوفيقه مع المعايير والمبادئ المبينة في الإعلان العالمي والعهد الدولي".
من جانبه، قال رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان كريم لاهيجي: "بينما ترحب منظماتنا بالرأي الذي أبداه فريق الأمم المتحدة العامل المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي، فإننا نود التذكير بأن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان ما زالوا يقبعون خلف القضبان في مصر دون وجه حق. كما نكرر نداءنا للسلطات المصرية بالإفراج الفوري دون شروط عن جميع المدافعين الحقوقيين المحتجزين حاليا في انتهاك لحقهم في حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات".
وأكد أن قضية يارا سلام إنما هي مثال على اتجاه أوسع نطاقا يتمثل في قمع المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، فقانون التظاهر التقييدي (القانون رقم 107 لسنة 2013)، الذي يحظر تجمع عشرة أشخاص أو أكثر بدون إذن تصدره السلطات، استخدم مرارا وتكرارا من قبل السلطات كأداة للتضييق على المدافعين الحقوقيين وسجنهم، إذا تجرؤوا وجهروا بانتقاد السياسات الحكومية التي تنتهك حقوق الإنسان.
وقال الأمين العام لمرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان جيرالد ستابيروك: "طالما بقي قانون التظاهر المصري، الصادر في 2013، ساريا، فإن حقوق الإنسان في مصر، ومنها الحقوق في حرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، ستتعرض لانتهاكات مستمرة وممنهجة. وعلى السلطات المصرية تعديل هذا القانون بالكامل وتوفيقه مع التزامات البلاد بموجب القانون الدولي".
وأضاف مدير برنامج مصر في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان محمد زارع أن قضية يارا سلام ليست فريدة من نوعها، فطوال العامين الماضيين تم اعتقال المئات من الأشخاص وحرمانهم من حرياتهم في ظروف مماثلة لما حكم الفريق العامل بأنها ظروف تعسفية. ومن المهم للحكومة المصرية أن تدرك أن الاستقرار سيتحقق فور التزام السلطات بسيادة القانون وبحقوق مواطنيها. وقرار الفريق العامل بشأن يارا هو تذكرة بهذا.