كشف الحساب الجهادي الشهير "مزمجر الشام" عن مبادرة أطلقتها مجموعة من طلبة العلم والشخصيات المستقلة ومجلس شورى أهل العلم، تهدف إلى توحيد الفصائل المسلحة في الشمال السوري.
وبحسب "مزمجر"، فإن "القائمين على المبادرة شكلوا لجنة مهمتها التواصل مع قادة الجماعات وعرض تفاصيل المبادرة عليهم، مع وضع شرط أساسي يقضي بفضح الجماعات التي تعطل نجاح المبادرة، وعزلها شعبيا وإعلاميا ببيانات واضحة".
"مزمجر الشام" قال إن "لجنة المبادرة تواصلت مع كافة الجماعات، وأبدت تحمسها وموافقتها دون شروط، فيما عمدت
جبهة النصرة إلى المماطلة، حيث إن بقية الفصائل اشترطت على النصرة أن تفك ارتباطها بتنظيم القاعدة".
ووفقا لـ"مزمجر الشام"، طالبت "جبهة النصرة" اللجنة المعنية بالمبادرة بتوضيح موقف بقية الفصائل من مؤتمر الرياض شرطا للتفاوض حولها، وهو ما قوبل برفض من قبل لجنة المبادرة، بوصفه "امتحانا لعقيدة الجماعات ومناورة".
وواصل "مزمجر الشام" الحديث قائلا إن "الشيخ أبا محمد الجولاني دعا فصائل جيش الفتح لاجتماع عاجل، وطالبت لجنة المبادرة بحضور وفد منها لهذا الاجتماع، ووافقت النصرة على حضوره، بعد ضغوط من
أحرار الشام وغيرها".
وأكمل قائلا: "مبادرة الجولاني التي فاجأت لجنة المبادرة، ارتكزت على عدة نقاط، أبرزها: تحكيم الشريعة، ورفض العملية السياسة، وحماية المهاجرين، وتوحيد الإمارة والقضاء".
"مزمجر الشام" قال إن "الشيخ الجولاني ولكي يظهر بمظهر الحريص على التوحد، أعلن في الاجتماع أنه سيتنازل عن الإمارة واسم الجماعة في سبيل التوحد، وهو طرح قابله موقف متخبط من فصائل جيش الفتح، حيث أبدى قسم موافقة مبدئية، وقسم آخر اشترط فك ارتباط النصرة بالقاعدة، والقسم الأخير لم يعط موقفا واضحا".
ووصف "مزمجر الشام" مبادرة الجولاني بـ"مبادرة ضرار"، قائلا إنها تأتي للتشويش على المبادرة الأصلية التي لاقت قبولا من الغالبية، مضيفا: "رفض الجولاني شرط فك ارتباط النصرة بالقاعدة، واقترح إخراج بيان بعدم ارتباط الكيان الجديد بأي جهة خارجية دون التدليل على القاعدة".
وعزا "مزمجر الشام" رفض الجولاني لمناشدات الفصائل بفك الارتباط بالقاعدة؛ لمعرفته أن فك الارتباط يعني انشقاق أعداد كبيرة من عناصره لصالح تنظيم الدولة، وفق قوله.
بدورهم، انبرى عدد من عناصر تنظيم جبهة النصرة للرد على تغريدات "مزمجر الشام"، قائلين إنه "حرّف حقيقة ما جرى"، ومؤكدين أن "جبهة النصرة لم ولن تكون عائقا أمام أي توحّد".
"أبو عمّار الشامي"، أحد مسؤولي "جبهة النصرة"، ردّ على تغريدات "مزمجر الشام"، كاشفا كافة تفاصيل الاجتماع الذي جرى بين قادة الفصائل في الشمال السوري.
"الشامي" أوضح أن المبادرة التي طرحها "أبو محمد الجولاني"، لم تأت للتشويش على مبادرة أخرى، مبينا أنه في وقت طرح الجولاني مبادرته لم تكن هناك أي مبادرة جديّة، وإنما اقتصرت على مبادرات شفوية من بعض طلبة العلم والعوام.
وتابع قائلا: "استضافت جبهة النصرة فصائل جيش الفتح؛ للارتقاء من التنسيق العسكري إلى الاندماج الكامل بعد موافقة مبدئية منهم، ودُعي لهذا الاجتماع اثنان من طلبة العلم شاهدين ومذكرين، وكانت الكلمة الأولى منهما دون غيرهما، ثم ثني بقادة الفصائل، وكان آخرهم الشيخ الجولاني".
وأضاف: "قدم الشيخ الجولاني طرحا فيه العديد من الضوابط الشرعية والسياسية لمواجهة التحديات الحالية، بما فيها حاكمية الشريعة والحفاظ على المهاجرين، وتعهدت جبهة النصرة بالالتزام بقرارات مجلس شورى الجسم الجديد وبرايته وبميثاقه، وتخلت عن إمارته؛ دفعا منها لإنجاح هذه الخطوة".
"أبو عمّار الشامي" قال إن "جبهة النصرة تغافلت عن البيانات السياسية وعلاقات الفصائل والجهات الداعمة لها؛ تغليبا لجمع قوة المجاهدين، مع تحفظها على تلك العلاقات وآثارها على الساحة الشامية، في وقت تشكل فيه الجبهة رأس حربة لكل معركة، ولله الحمد".
وبتغريدة مفاجئة، قال "أبو عمار الشامي" إن "جميع الفصائل وافقت باستثناء أحرار الشام التي علّقت الجلسة"، مضيفا: "أثارت الأحرار مسألة فك الارتباط، فشرح الشيخ الجولاني للفصائل ماهية الارتباط ومدلولاته من وجهة نظر جبهة النصرة".
وتابع: "وافقت الفصائل مجددا، إلا أن الشيخ أبا يحيى المصري -قائد أحرار الشام- أصرّ على فك الارتباط، مع طلب الحاضرين له بالموافقة، بما فيهم الأخ أبو البراء معرشمارين، عضو مجلس شورى بأحرار الشام.
وبحسب "أبي عمّار الشامي"، فإن "الجميع أقرّ بحجم التنازلات والخطوات التي قدمتها النصرة تجاه خطوات الاندماج، وعلى أحرار الشام أن تخطو خطوة واحدة فقط وتوافق".
وكان "أبو عمّار الشامي" ذاته كشف قبل أيام عن بنود مبادرة "أبي محمد الجولاني"، قائلا إنها تتضمن تنازل جميع الفصائل عن راياتها وأمرائها، لتنصيب أمير وراية موحدة ومجلس شورى موحد ملزم للجميع.
بدوره، كشف الشيخ علي العرجاني "أبو الحسن الكويتي"، أحد أبرز الشرعيين في "جبهة النصرة"، أن "الجهود حاليا متوجهة إلى مبادرة رابطة أهل العلم في الشام"، في إشارة إلى المبادرة الأساسية التي تحدث عنها "مزمجر الشام"، وتشمل غالبية فصائل الشمال السوري.
مصدر آخر من داخل "جبهة النصرة"، فضل عدم الكشف عن اسمه، قال في حديث لـ"عربي21"، إن "جبهة النصرة عرضت إلغاء التنظيم والاندماج مع الفصائل"، متوقعا أن يفك التنظيم ارتباطه بـ"القاعدة" مستقبلا.
وتابع: "القول بأن سبب رفضنا فك الارتباط هو خوفنا من توجه عناصرنا نحو داعش هراء، وكلام طفولي، والجميع يعلم أن العديد من عناصر الفصائل الأخرى (اللامنهجية)، لديهم قابلية للانضمام إلى داعش أكبر من جنود النصرة".
وأضاف: "نستطيع الحفاظ على الأخوة، والمطلع يعلم أننا نجحنا في تجفيف إمدادهم البشري والمادي، ولولا التحالف الصليبي ودعايته الإعلامية لكنا قضينا على بذرتهم".
وأكمل قائلا: "التحالف جاء ليجذب الشباب السنة للانضمام إلى داعش، فلو راجعت أعداد المبايعين من النصرة بعد إعلان الحرب على داعش لوجدت أنه أقل فصيل خرج منه عناصر".
وأكد المصدر أن "خلايا داعش تتواجد في فصائل أبعد ما تكون فكريا عن داعش، وهذه الخلايا تنسق في بعض الأحيان مع خلايا تعمل لصالح التحالف الدولي، وهذا رد على من يقول إن النصرة مُخترقة بشدة من قبل داعش".
"أبو البراء معرشمارين"، عضو مجلس شورى حركة "أحرار الشام"، تحدث عن المبادرة الأساسية دون تسميتها، حيث قال إن "الأيام القليلة القادمة ستبين لنا من هو همه الأمة، ومن همه حزبه، ومن قال: "أنا سهم بكنانة العلماء"، ومن لم يعترف بهم وينساق لهم، ورأى نفسه فوقهم".
وتابع بقوله: "أرى هناك أملا بتوحيد الساحة، فإن لم يتم، فسيعلم الجميع حقيقة الأمر، وترى أمتنا الإسلامية من أبى التوحد وقدم مصلحة فصيله على مصلحة الأمة".
كما طالب الشيخ عبد الرزاق المهدي، أحد أبرز وجوه رابطة أهل العلم في الشام، جميع الفصائل بالتنازل عن شروطها، والانصهار في جسم واحد.
وأضاف قائلا: "المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة بإجماع العلماء والحكماء، فلو تعارضت مصلحة الفصيل -وهي خاصة- مع الاندماج وذوبان الفصيل، فالحكم الشرعي يقول: يجب تقديم مصلحة الناس، كونها عامة، على مصلحة الفصيل والتنظيم، كونها خاصة".