نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا؛ تحدث فيه عن هروب حوالي 70 ألف لاجئ من مناطق سيطرة الثوار في جنوب
سوريا نحو الأراضي الأردنية، هربا من القصف المكثف الذي تقوم به الطائرات الروسية على المدنيين والبنية التحتية في محافظة
درعا.
واعتبر الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن هذه الأزمة التي تضرب الحزام الريفي في الجنوب السوري، تعد نسخة للكارثة التي حلت بمدينة حلب في الشمال، والتي هرب عشرات الآلاف من سكانها بسبب الطائرات الروسية.
وذكر الموقع أن ما يخيف السكان هو ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب، خاصة مع إمكانية تدهور الوضع أكثر على إثر الأخبار التي تحدثت ليلة الخميس الماضي عن اتفاق القوى الدولية على العمل على وقف إطلاق النار، حيث إن هؤلاء السكان لا يثقون في هذه التصريحات، ويخشون من أن الطائرات الروسية لن تمهلهم إلى حين دخول أي اتفاق حيز التنفيذ.
ويؤكد عمال المنظمات الإغاثية وشهود عيان في جنوب سوريا، أن الغارات تستهدف بشكل أساسي المدنيين والبنى التحتية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ما أدى إلى تدمير المدارس والمنازل والمستشفيات، وبقاء الناس في العراء.
وبينما يأمل اللاجئون في الشمال في أن تقوم تركيا بإعادة فتح الحدود والسماح لهم بالدخول، فإن
اللاجئين في الجنوب ليس لديهم أمل كبير، حيث إن الأردن لم يقبل أي سوريين منذ سنة 2013، أما الالتجاء إلى إسرائيل فهو غير وارد بتاتا، بحسب التقرير.
وأشار الموقع إلى أن الغارات الجوية الروسية دفعت بعدد كبير من السوريين إلى مغادرة قراهم، وقد بلغ عددهم ما بين 80 و100 ألف مواطن، هربوا من المناطق الشرقية لمحافظة درعا، نحو المدن الغربية في المحافظة، مثل أبطع ونوى وداعل، خلال الأسبوع المنقضي.
كما شهدت المحافظة حركة نزوح كثيفة، حيث هرب حوالي 70 ألف شخص من شرق المحافظة ووسطها نحو الجنوب الغربي، وبالتحديد نحو الحدود الأردنية والجولان المحتل.
وذكر التقرير أن الناس يهربون من مدنهم وقراهم بسبب تعرضها للتدمير بفعل القصف، أو خوفا من وقوع ذلك في وقت قريب، خاصة مع اقتراب قوات النظام من مركز المحافظة والمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، على أطراف الطريق الدولية التي تمتد جنوبا نحو الحدود.
وقال التقرير إن نشطاء تابعين للمعارضة يحذرون من أن النظام السوري يقوم ينشر الدعاية لتخويف الناس وزرع الرعب في قلوبهم، حيث إنه في إطار حربه النفسية ينشر أخبارا زائفة حول تقدمه في عدد من المناطق بدعم من الطائرات الروسية، للتأثير على معنويات المعارضة والسكان.
وذكر التقرير أن السلطات الأردنية من جهتها تتجنب الخوض في تطورات الأوضاع السورية بشكل علني، ولكن بعض المصادر الرسمية في الأردن أكدت أن المسؤولين في الحكومة، قلقون جدا من إمكانية تكدس عدد كبير من السوريين على امتداد الجزء الغربي من حدودهم مع سوريا.
فعلى عكس ما حصل سابقا في الجزء الشرقي من الشريط الحدودي، حين تم تركيز مخيمات في تلك المنطقة الصحراوية في شمال الأردن، وتمكن حراس الحدود من السيطرة بسهولة على الأوضاع الأمنية وتنظيم دخول اللاجئين، فإن المنطقة الغربية مأهولة بالسكان وبها حزام من المدن والبلدات والأراضي الزراعية.
وأوضح التقرير أنه في المناطق الغربية من الجانب السوري من الحدود، تم إيواء اللاجئين في بعض المدارس والمنازل المهجورة والمباني، وقام أيضا بعض السكان المحليين باستقبال اللاجئين، في ظل استمرار غلق الأردن لحدوده.
ونقل الموقع عن مجموعة من النشطاء الذين يتابعون الأوضاع عن قرب في درعا، أنه في بلدة تل شهاب الحدودية، قامت العائلات بإيواء أعداد كبيرة من العائلات المهجرة في كل منزل، كما أن حوالي ألفي سوري وصلوا إلى معبر نصيب الحدودي الذي كان مغلقا منذ سنة 2013، فيما يقبع آلاف آخرون الآن في مدينة زيزون القريبة. ونقل عن شاهد عيان قوله: "إن كل بيت يستقبل العشرات من اللاجئين لأن البرد شديد ولا يحتمل".
وأورد التقرير أن الأردن يعتبر أن تجمع عدد كبير من الناس على حدوده يطرح تحديا أمنيا، والسماح لهم بالدخول لم يعد واردا بالنسبة للحكومة في عمان، وهو ما أكده الملك عبد الله الثاني، الذي اعتبر أن بلاده أصبحت على حافة الانهيار بسبب العبء الثقيل الذي يمثله حوالي مليون لاجئ سوري يعيشون في البلاد.
كما ذكر التقرير أن المساعدات التي تمر من الحدود الأردنية نحو سوريا تراجعت كثيرا في الفترة الأخيرة بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، ولكن انتقال عدد كبير من السوريين نحو البلدات والمناطق الحدودية، قد يسهل على فرق الإغاثة تقديم المساعدة لهم، خاصة إذا تم وقف إطلاق النار.
ونقل التقرير عن مسؤول في العمل الإغاثي في عمّان تأكيده أن "أي وقف لإطلاق النار، سيكون فرصة مناسبة بالنسبة لهم لإدخال كميات كبيرة من المواد الإغاثية والطبية".
ولكن التقرير أشار إلى أن أغلب المراقبين ليسوا متفائلين حيال تطورات الأوضاع في الأيام المقبلة، حيث إن ديفيد ميليباند، رئيس منظمة الإغاثة الدولية، الناشطة في محافظة درعا، صرح الجمعة بأن "سوريا أصبحت أرض حرب بلا قانون وحرب بلا نهاية"، وقال: "نحن ننتظر بفارغ الصبر لنر ما الذي ستسفر عنه المحادثات الأخيرة، وما إذا كانت ستمثل نقطة تحول أم وعدا كاذبا".