كتب المعلق سايمون تيسدال تقريرا في صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن زيادة العمليات التي تقوم بها
حركة الشباب الصومالية.
ويقول الكاتب إن الهجوم الانتحاري المرفق مع تفجير سيارة في مدينة بيداو، اللذين قتل فيهما 30 شخصا، هما جزء من حملة تصعيد هجومية، أعلنت عنها الحركة، وتهدف من ورائها إلى إعاقة الانتخابات الوطنية المزمع عقدها هذا العام، وتقويض ثقة المواطنين الصوماليين بقوات حفظ السلام الدولية، والإطاحة بالحكومة الفيدرالية الضعيفة المدعومة من الغرب.
ويشير التقرير إلى أن هجومي بيداو استهدفا مطعما حافلا بالرواد الذين كانوا يتابعون مباراة بين فريقي مانشستر يونايتد وأرسنال، ضمن مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز يوم الأحد، لافتا إلى أن الهجومين جاءا بعد هجوم قاتل نفذ يوم الجمعة في العاصمة مقديشو. وقال متحدث باسم حركة الشباب إن
الهجمات استهدفت مسؤولين في الحكومة، لكن معظم ضحايا الهجمات يومي الجمعة والأحد كانوا من المدنيين.
ويعلق تيسدال قائلا: "عانى الصومال منذ انهيار ديكتاتورية محمد زياد بري 1991، من عقدين من الفوضى والتمرد والغزو، ما جعله يحصل على ماركة (دولة فاشلة)، وانتشرت حالة عدم الاستقرار لدول الجوار، مثل كينيا، التي استقبلت أعدادا كبيرة من اللاجئين الصوماليين، بعد قرار نيروبي التدخل العسكري في الصومال عام 2011".
وتذكر الصحيفة أن حركة الشباب الحانقة على دعم كينيا لقوات حفظ السلام الأفريقية "أميسوم"، والبالغ عددها 22 ألف جندي، قامت بسلسلة هجمات دموية، منها هجوم على جامعة غاريسا العام الماضي، والهجوم على مركز تسوق "ويست غيت" في نيروبي عام 2013.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود كشف عن مقتل حوالي 200 جندي كيني الشهر الماضي، بعد هجوم نفذته الحركة على ثكنة عسكرية داخل الصومال، مستدركا بأنه رغم نفي السلطات الكينية هذا الرقم، إلا أنها لم تقدم رقما حقيقيا، وبعد ذلك نشرت حركة الشباب صورا تظهر عشرات من الجنود الكينيين، الذين أطلق الرصاص على رؤوسهم.
وينقل الكاتب عن الرئيس الصومالي محمود، قوله: "حققنا انتصارات في السنوات والشهور الماضية، لكننا هزمنا في معركة (إل أدي) (الثكنة العسكرية)".
ويقول تيسدال إن النجاح النسبي لقوات "أميسوم"، التي تتلقى دعما من الأمم المتحدة والدول الغربية منذ عام 2011، أدى إلى زيادة الآمال بتعافي الدولة من الحرب، خاصة بعدما استعادت السيطرة على مدن الصومال الرئيسة، مستدركا بأن الأوضاع الأمنية في تدهور مستمر مرة أخرى، حيث يحاول
الجهاديون، الذين يسيطرون على مساحات واسعة من البلاد في جنوب ووسط الصومال، إظهار أنهم قوة يحسب لها حساب.
وتبين الصحيفة أن بريطانيا أعلنت الشهر الماضي أنها بصدد إرسال وحدات من قواتها الخاصة، لمساعدة قوات حفظ السلام الأفريقية.
ويفيد التقرير بأن الإسلاميين يعارضون ما يرونه نظاما انتخابيا فرضته القوى الأجنبية، وتم تمريره الشهر الماضي، مشيرا إلى أنه بحسب النظام الانتخابي، فإنه سيتم استحداث برلمان يضم غرفتين عليا وسفلى، أي مجلسا للشيوخ وآخر للنواب، تحتل فيهما المرأة ثلث المقاعد.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم الدعم الحماسي لمشروع الانتخابات، الذي أبداه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والذي وصف خطة الانتخابات بأنها "خطة طريق نحو الاقتراع العام بحلول عام 2020"، إلا أن الخطة واجهت نقدا حادا من الساسة المعارضين، الذين قالوا إنه لن يتم انتخاب النواب بشكل مباشر، وستتم الاستعاضة عن الانتخاب بصيغة للتشارك بالسلطة، تم الاتفاق عليها بين القبائل الصومالية، لافتا إلى أنه في عام 2012 اختارت مجموعة من 135 شيخا وزعيم قبيلة الرئيس، ويرى المعارضون أن الصيغة هي مؤامرة للحفاظ على الحكومة الحالية.
وتورد الصحيفة نقلا عن الرئيس الصومالي قوله في مقابلة له مع مجلة "فورين بوليسي" العام الماضي، إن الوضع الأمني المتردي في البلاد منع تطبيق نظام الصوت الواحد في انتخابات عام 2016، لكن الأمن لم يكن السبب الرئيسي، فهناك كما قال: "قلق واسع من الانتخابات، فلا نريدها أن تؤدي إلى نزاع جديد وانقسامات جديدة داخل المجتمع، فقد كانت هذه التجربة في الظروف التي ترافق ما بعد النزاعات، ولا نريد انتخابات تؤدي إلى رابحين وخاسرين في هذا الوقت، فالصومال لا يزال دولة ضعيفة".
وينوه التقرير إلى أن نقاد الخطة يرون أنها تحايل على العملية الانتخابية، وأنها لا تجيب عن الوضع، ويقول رئيس الوزراء السابق عبدي والي أحمد: "أي شخص يقول إن الانتخابات مستحيلة فإنه يستمع للذين يريدون الحفاظ على الوضع القائم". ويضيف أن "المجتمع الدولي ليس جادا" في دعم العملية الانتخابية.
ويقول تيسدال إن "الإرهاب الإسلامي والانقسامات السياسية ليسا التهديدين الوحيدين اللذين يعاني منهما الصومال، فقد قرر الاتحاد الأوروبي تخفيض التمويل لقوات حفظ السلام الأفريقية بنسبة 20%، ما أثار فزع القادة الأفارقة، هذا كله رغم تأكيد بروكسل أنها تريد تخفيض تدفق المهاجرين المتجهين نحو
أوروبا، عبر المساعدة في تحقيق الاستقرار في مناطق النزاع في أفريقيا والشرق الأوسط".
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الكيني أوهورو كينياتا تحدث قائلا إن "أميسوم" بحاجة إلى دعم دولي أكبر وليس أقل، وأضاف: "في الوقت الذي تتكفل فيه القارة بدفع فاتورة تحقيق الاستقرار في الصومال بدم ولحم (جنودها)، فإن خطط المجتمع الدولي لتخفيض الدعم مدعاة للإحباط".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يعدان من أكبر الممولين لقوات "أميسوم"، فقد حصلت الدول المشاركة بقوات على 1.08 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2007، وتغطي هذه المساعدات رواتب وبدلات للجنود المشاركين في قوات حفظ السلام.