بينما لم يتحقق أي من الوعود التي أطلقها قائد الانقلاب في
مصر عبد الفتاح
السيسي، لا سيما في الجانب الاقتصادي، وهو ما يتسبب بـ"خيبة أمل" للمصريين تزداد يوما بعد يوم، فإن قلقا يبرز في
إسرائيل على مصير الانقلاب بسبب
الأزمات التي يواجهها.
وكان الخبير الإسرائيلي في اقتصاديات الشرق الأوسط، دورون بسكين، قد قال إن "خيبة أمل الشعب المصري من السيسي سببها فشله في توفير الأمن الاقتصادي الذي التزم بتحقيقه لشعبه"، لافتا إلى أن السيسي وفريقه الاقتصادي "لم ينجحوا في إنقاذ الاقتصاد من الورطة التي وقع فيها، حيث ثبت عدم جدوى الخطوات التي قاموا بها".
اهتمام إسرائيلي
وفي هذا السياق، يبيّن الخبير في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن "الكثير من المؤسسات الإسرائيلية المختلفة تبحث في تداعيات تردي الوضع الاقتصادي المصري"، موضحا أن "الانطباع لدى تلك المؤسسات (الأجهزة الأمنية ومعاهد الأبحاث وغيرها)؛ هو أن الموضوع الاقتصادي يمثل أكبر تحد للسيسي وقيادة مصر الحالية".
وأكد لـ"عربي21" أن "فشل النظام المصري في اجتياز الأزمة الاقتصادية هو فشل للجميع (مصر وإسرائيل)، وقد يؤدي إلى فوضى من جديد في مصر"، مؤكدا أنه من "المهم للاحتلال الإسرائيلي ألا يتزعزع النظام المصري الحالي، وأن تكون مصر مستقرة وبعيدة عن الفوضى".
وأضاف مجلي: "عدم الاستقرار في مصر يعني فوضى ستصيب إسرائيل بالضرر"، لافتا إلى أن "انهيار الوضع الاقتصادي في مصر سيؤدي إلى قلاقل داخلية، وهذا بدوره سيؤدي إلى زعزعة الاستقرار الأمني، الذي سينتج عنه مصائب لن تقتصر على مصر، بل ستمتد إلى جيرانها".
وأشار مجلي إلى أن أحد أهم أسباب "تردي الوضع الاقتصادي المصري هو تراجع عائدات السياحة"، لافتا إلى أنه من المفترض أن "يزور مصر سنويا قرابة نصف مليون سائح إسرائيلي، وهو ما لم يتم؛ بسبب إصدار الاحتلال قرارا رسميا يحذر فيه الإسرائيليين من الذهاب إلى مصر، وبالتالي هي عمليا ساهمت في ضرب السياحة المصرية"، رغم تغنيها بالعلاقات المتميزة مع نظام السيسي.
وأوضح أن "المستفيد من بيع الغاز الإسرائيلي لمصر هي إسرائيل وليست مصر"، مؤكدا أن لدى إسرائيل "استراتيجية أنانية في هذا الجانب بزعم الحفاظ على أمن المواطن الإسرائيلي".
"حليف" إسرائيل
وأكد بسكين، في تحليل له على موقع "كالكاليست الاقتصادي" الإسرائيلي، أن "سياسة السيسي -الذي ما زال يحظى بدعم الجيش المصري- الصارمة تجاه حركة حماس وقطاع غزة، وطريقة تعامله مع الجهاديين في سيناء، جعلت منه حليفا لتل أبيب".
ونوه الخبير الإسرائيلي إلى أن "الأخطر في الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر هذه الأيام، هو النقص في العملة الأجنبية (الأمريكية)، الذي بسببه وصول سعر الصرف الرسمي للدولار إلى 8.85 جنيه، وفي السوق السوداء تجاوز حاجز عشرة جنيهات"، موضحا أن "القيود التي يفرضها البنك المركزي المصري على استخدام الدولار يدفع برجال الأعمال للتعامل مع السوق السوداء".
دولار السوق السوداء
وأضاف: "النقص الحاصل في الدولار يؤدي لأضرار اقتصادية كبيرة للاستثمارات الأجنبية في مصر"، لافتا إلى أن بعض الشركات الأجنبية العاملة في مصر مثل الخطوط الجوية البريطانية "بريتيش ايرويز" والشركة الإيطالية "ايتا لتشيمينت"، هددت "بوقف عملها لعدم توفر الدولار في السوق".
وحول إيراد السياحة في مصر، أكد بسكين أنه "وصل إلى مستوى مهين"، وذلك بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية في شبة جزيرة سيناء في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وما أعقبة من تراجع كبير في عدد السياح، لافتا إلى أن نسبة إشغال الفنادق لا تتعدي 15 في المئة، وهو ما يؤدي لفقدان آلاف المصريين لعملهم.
وأشار الخبير إلى أن "خيبة الأمل" ما زالت تلاحق المصريين، خاصة بعد انخفاض إيرادات قناة السويس، رغم التوسعة التي اعتبرها السيسي "الأهم والأكبر"، بسبب تفضيل السفن سلوك الطرق البديلة للقناة مع انخفاض أسعار البترول. وبلغت إيرادات القناة عام 2015 نحو 5.175 مليار دولار، بينما تعدت في العام الذي سبقه 5.465 مليار دولار.
ومع وجود مؤشرات الاقتصاد المتدهور سابقة الذكر، يرجح بسكين أنها "ستلقي بظلالها السلبية على استقرار النظام المصري الحالي، الذي تلقى دعما خليجيا بلغ ثلاثين مليار دولار"، لافتا إلى أن المساعدات الخليجية "تراجعت في الأشهر الأخيرة؛ بسبب هبوط أسعار النفط، وهو ما تسبب بتراجع تحويلات المصريين المقيميين في دول الخليج؛ حيث بلغ متوسط ما يدخل مصر شهريا إلى 1.5 مليار دولار، وهو يشهد الآن تراجعا تدريجيا"، وفق بسكين.