نشرت صحيفة لاكروا الفرنسية تقريرا حول تعرض العشرات من
المصريين إلى عمليات خطف واختفاء قسري، تقوم بها قوات الأمن المصرية كل شهر.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إنه بعد خمس سنوات من انطلاق "الربيع العربي"، لا يزال النظام المصري يسعى إلى بث الخوف والرعب في قلوب المواطنين.
وأضافت الصحيفة نقلا عن مواطنة مصرية تدعى فاطمة، قولها: "طرقوا بابنا يوم السادس من كانون الثاني/ يناير في فترة ما بعد الظهر، وكانوا اثنين من الشباب يرتدون ملابس مدنية. طلبوا التحدث لابني معتز في الشارع، حيث كانت الشرطة تنتظر بالقرب من السيارات، ثمّ عصّبوا عينيه واقتادوه".
وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي شاهدت فيها فاطمة ابنها الذي يبلغ من العمر 21 سنة، وهو طالب في كلية الهندسة بجامعة القاهرة.
وبحسب الصحيفة، فإن الرجال الذين اختطفوه أخبروا الأم بأنهم ينتمون إلى الشرطة المصرية، وعندما سألتهم عن سبب احتجاز ابنها لم حصل على أي إجابة، مثل كل الأمهات اللواتي اختطف أبناؤهن.
وذكرت الصحيفة أن هناك عشرات آخرين مثل معتز، ممن تعرضوا للاختطاف من قبل قوات الأمن المصرية.
ونقلت عن الشاهدة فاطمة قولها: "ابني معتز لم يتحدث أبدا في السياسة، وهو شاب مجتهد، يحب كتابة القصائد. والآن أريد فقط أن أعرف أين هو وما هي الاتهامات الموجهة ضده؟".
وأضافت أنّه بداية من عام 2015، أصبح العدد يشهد تزايدا ملحوظا، وقد وثقت اللجنة المصرية للحقوق والحريات، وهي منظمة غير حكومية، قرابة 340 حالة بين شهري آب/ أغسطس وتشرين الثاني/ نوفمبر، من بينهم قرابة مئة شخص اختفوا ولم يظهر منهم أحد حتى الآن .
وقالت الصحيفة نقلا عن المحامي باللجنة المصرية للحقوق والحريات، حليم الحنش، أنّه "في الوقت الراهن، يتم الاختطاف بمعدل ثلاثة أشخاص كل يوم"، رغم أن وزارة الداخلية تنفي ذلك بشدّة.
ورأت الصحيفة أن هذا الاعتقال التعسفيّ كان في البداية يستهدف النشطاء الإسلاميين، ثم المعارضين لنظام عبد الفتاح السيسي، لكن بات يشمل الآن النشطاء الشبان.
وقال المحامي محمد فاضل، الذي يدافع عن "محب دوس" وهو مواطن مسيحي عمره 27 عاما تم اختطافه في 6 كانون الثاني/ يناير خلال احتفالات الكنيسة القبطية في القاهرة، إن "النظام يريد أن يعيد الخوف من السلطة الذي اختفى تدريجيا بعد ثورة 2011، وذلك للسيطرة على البلاد من جديد كما كانت في عهد مبارك".
وقال المحامي: "محب دوس كان يشرب القهوة مع أصدقائه عندما قامت عناصر الأمن بالقبض عليه، وعصبوا عينيه واقتادوه بعيدا، وهذا يمكن أن يكون جزءا من عمل حركة "تمرد"، التي أيدت إسقاط الرئيس السابق محمد مرسي من قبل الجيش في عام 2013".
وذكرت أنه من خلال اتصالاته مع الشرطة، تمكن المحامي من العثور على موكله بعد يومين، في مركز للشرطة في شرق القاهرة، حيث كان سيقدم للمحاكمة بتهمة انتمائه لجماعة محظورة. ووفقا لمحمد فاضل، فقد تم الإفراج عن محب دوس وثلاثة أشخاص في يوم 25 يناير، وقد أفاد بعضهم بأنه تعرض للتعذيب بالكهرباء.
وبحسب الصحيفة تتكررت
الاعتقالات من قبل الشرطة ويتمّ تلفيق التهم، والإجبار على الاعتراف تحت وطأة التعذيب، وفي النهاية يصل الأمر مع البعض إلى أن يذهب ضحية لهذا التعذيب، مثل الباحث الإيطالي "جوليو ريجيني" في شهر شباط/ فبراير.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من التهديدات، فقد اتحدت عائلات المفقودين في يوم 21 آذار/ مارس، الموافق لعيد الأم في مصر، وضم هذا التجمع قرابة 30 امرأة لوحن بصور أقاربهن، في القاهرة، كما حملن شعارات على غرار: "علينا أن نتحرّك، النظام في هذا البلد يرثي أماني الأم، يجب أن يفهم العالم بسرعة ما هو النظام الذي نعيش فيه، وعليه أن يساعدنا".