صحافة دولية

هذه ممارسات تنظيم الدولة بسرت.. إعدامات وقتل ونهب بيوت

إندبندنت: انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الليبية قد ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية - أرشيفية
إندبندنت: انتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الليبية قد ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية - أرشيفية
كتبت ليزي ديردين تقريرا في صحيفة "إندبندنت" البريطانية، تحدثت فيه عن الحياة في أكبر معقل لتنظيم الدولة خارج العراق وسوريا، مشيرة إلى أن مقاتليه قاموا بإعدام المدنيين في سرت؛ بتهمة "الشعوذة" و"التطاول على الله".

ويشير التقرير إلى أن تنظيم الدولة يسيطر على مساحة 120 ميلا على طول شاطئ البحر المتوسط حول مدينة سرت الليبية، التي سيطر عليها المتشددون العام الماضي.

وتقول ديردن إن "مسقط رأس الرئيس السابق معمر القذافي تحول إلى مسرح لقمع المدنيين بالوحشية التي تشبه تلك التي مارسها الجهاديون في كل من العراق وسوريا، حيث تشهد المدينة إعدامات منتظمة، فيما تركت الجثث المصلوبة معلقة في الشوارع".

وتذكر الصحيفة أنه جاء في تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، أن حوالي 49 شخصا أعدموا منذ شهر شباط/ فبراير 2015، بينهم معارضون سياسيون ومدنيون وأسرى تم ذبحهم، أو إطلاق النار عليهم، مشيرة إلى أن امرأة عمرها 30 عاما وصفت وهي تبكي حياة عائلتها، التي تقول إنها عالقة في ظل حكم الجهاديين، حيث تحدثت أحلام لفريق بحث المنظمة قائلة: "الحياة في سرت لا تحتمل، والكل يعيش في خوف، إنهم يقتلون الأبرياء".

وتضيف أحلام: "لا توجد بقالات، وليس في المستشفى أطباء ولا ممرضون ولا يوجد دواء"، مستدركة بأنه "يوجد جواسيس في كل شارع، وقد غادر معظم السكان، لكننا عالقون فلا مال كاف لدينا".

ويلفت التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن سرت هي أقوى معقل للجهاديين خارج مناطق ما يطلق عليها "الخلافة" في سوريا والعراق، حيث يسيطر الجهاديون على مطارها وقاعدتها الجوية ومحطة توليد الطاقة ودوائر الحكم المحلي والمالية، مشيرا إلى أن تقدمهم بدأ في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2014، ومنذ ذلك الوقت سيطروا بشكل كامل على المدينة، كما تمددوا إلى مناطق واسعة حولها، وهو ما أدى إلى غارات جوية أمريكية، وإلى نشر قوات بريطانية خاصة في وقت تستمر فيه الفوضى في البلاد بعد تدخل الناتو عام 2011.

وبحسب الصحيفة، فإن أكثر من 40 مواطنا في المنطقة وصفوا حالات الإعدام العامة والجثث المعلقة بزيها البرتقالي من سقالات، وتحدثوا عن عمليات اختطاف يقوم بها مقاتلون ملثمون بالأقنعة السوداء في الليل، وقالوا إن تنظيم الدولة عين "شرطة أخلاق" تقوم بدوريات في الشوارع، التي تعتمد في مهامها على المخبرين، وتقوم بتهديد وجلد أي شخص ينتهك ما يعده التنظيم من تعاليم الشريعة، لافتة إلى أنه تم عقاب رجال بسبب التدخين، أو لأنهم استمعوا للموسيقى، أو بسبب عدم التأكد من ارتداء قريباتهم الزي الإسلامي.

وتكشف الكاتبة أن الجهاديين يدعون السكان إلى مراقبة عمليات الإعدام في الساحات العامة، حيث يتم قتل الضحية بالسيف أو بإطلاق النار عليه، مشيرة إلى أن من بين الذين قتلوا كان أمجد بن ساسي (23 عاما)، الذي حكم عليه بالإعدام بسبب "التطاول على الذات الإلهية"، حيث أخذ بالسباب أثناء مشاجرة مع جار له، ويقول أقاربه إن التنظيم أعدمه بسبب علاقته مع فجر ليبيا المعادية له.

وينقل التقرير عن أحد أقارب أمجد، قوله إن القاضي طلب من أمجد التوبة؛ لأنه عارض تنظيم الدولة، "ورفض أمجد وبصق على القاضي"، وبعد يومين أعدم التنظيم أمجد في الساحة العامة، منوها إلى أن أي شخص يعارض التنظيم فإنه ينظر إليه على أنه عدو ويقتل، حيث أدى اغتيال إمام مسجد في آذار/ مارس 2015، إلى ثورة تم قمعها بالقوة.

وتبين الصحيفة أنه تم إعدام رجلين على الأقل بتهمة الشعوذة، كما تم قتل من يعتقد أنهم جواسيس ومسؤولون محليون ومعارضون سياسيون، مشيرة إلى أن من ممارسات التنظيم التي يعاني منها سكان سرت، نهب وتدمير البيوت، حيث يتم تسليم محتوياتها إلى مسؤولي التنظيم، بالإضافة إلى أن السكان يجبرون على تأدية الصلوات الخمس اليومية جماعة في المسجد.

وتفيد ديردن بأن التنظيم يستخدم قاعة المؤتمرات "واغادغو"، التي بناها القذافي لاستقبال القمة الأفريقية، لعقد محاضرات دينية وعقد دورات للأطفال، لافتة إلى أنه يتم امتحان الأطفال في سن العاشرة أو ما فوق حول معرفتهم الدينية، أما الفتيات الصغيرات دون سن العاشرة فيجبرن على ارتداء الحجاب والعباءة، ولا يسمح لهن بمغادرة البيت.

ويورد التقرير عن جمال، الذي قدم امتحانات قبل هروبه في آذار/ مارس، قوله: "يتم توجيه أسئلة للطلاب مثل: ما الطريقة الصحيحة لصلاة الفجر؟ وما هي أهمية الحجاب؟ ومن هو الخليفة الحالي للمسلمين؟".

وتقول الصحيفة إن "النساء يذكرن أن التنظيم طلب منهن تلبية سبعة شروط في زيهن: أن يكون (ثخينا) لا يشف عما تحته، ثانيا أن يكون فضفاضا (واسعا غير ضيق)، ثالثا أن يكون ساترا لجميع البدن، ورابعا ألا يكون لباس شهرة، وخامسا ألا يشبه الكافرات ولبس الرجال، وسادسا ألا يكون لباس زينة يلفت الأنظار، وسابعا ألا يكون مطيبا (معطرا أو مبخرا)".

وتنوه الكاتبة إلى أن الجهاديين فرضوا ضرائب ثقيلة على التجار والمزارعين، وشددوا السيطرة على البنوك والاتصالات، مشيرة إلى أنه لم يعد في مستشفى سرت لا أطباء ولا ممرضون، فيما تم نهب ما تبقى من أدوية لعلاج مقاتلي التنظيم.

وتورد ديردن نقلا عن تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" قوله إن التنظيم فشل في توفير المواد الأساسية: الطعام والدواء والوقود والمال للسكان، ويقوم بتحويل كل شيء لـ 1800 مقاتل، ويضيف التقرير أن الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان في المناطق الليبية قد ترقى لجرائم حرب ضد الإنسانية.

وينقل التقرير عن الباحثة في مكافحة الإرهاب ليتا تيلور، قولها: "وكأن قطع الرؤوس وإطلاق النار ليس كافيا، حيث يقوم تنظيم الدولة بالتسبب بمعاناة للمسلمين في سرت بسبب قوانينه"، وتضيف: "في الوقت الذي يتركز فيه نظر العالم على جرائم التنظيم في سوريا والعراق، فلا أحد يلتفت لجرائمه في ليبيا".

وتذكر الصحيفة أن المنظمة دعت الأطراف الليبية كلها لحماية المدنيين، ومحاكمة تنظيم الدولة والجماعات الأخرى المسؤولة عن المذابح، وحثت محكمة جرائم الحرب ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومجلس الأمن للتحقيق في جرائم التنظيم، لافتة إلى فرار أكثر من ثلثي سكان سرت البالغ عددهم 80 ألف نسمة، مستدركة بأنهم يواجهون مصيرا مجهولا في ظل استمرار الحرب الأهلية.

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن علي، الذي فرّ من سرت، يقول إن التفاؤل الذي تبع سيطرة المقاتلين عليها وقتل القذافي في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، تبدد بعد انتشار الفوضى، ويضيف: "امتلأنا بالأمل.. وخطوة خطوة سيطر تنظيم الدولة، ونشعر باللعنة".
التعليقات (1)
مصطفي
الأحد، 29-05-2016 09:49 م
داعش صناعه امريكيه

خبر عاجل