عدلت الحكومة
المصرية من توقعاتها لنسب النمو خلال العام المالي الجاري، وخفضت توقعاتها لمعدلات النمو الإجمالية من نحو 5.5 % إلى ما دون 4.5% على الأكثر.
ودفعت الأزمات التي تعاني منها مصر وخاصة فيما يتعلق بمستويات العجز بالموازنة العامة للدولة، وتفاقم أزمات احتياطي البلاد من النقد الأجنبي واستمرار تدهور العملة المحلية مقابل الدولار، وانعدام القوة الشرائية للجنيه المصري، في الوقت الذي تشهد فيه الأسعار ارتفاعات قياسية، وفشل جميع الجهود في ضبط مستويات الأسعار.
وقال وزير التخطيط المصري، أشرف العربي، إن حكومة بلاده تستهدف معدل نمو أقل من 4.5% في النصف الثاني من السنة المالية الحالية في ظل الظروف
الاقتصادية التي تمر بها البلاد و4.4% في السنة المالية بأكملها.
شماعة الإرهاب
وقال العربي إن معدل النمو "يتأثر بما نعيشه من مشاكل وأحداث إرهابية تؤثر على قطاعات مهمة مثل السياحة".
وأضاف "العربي" أن معدل النمو المستهدف للسنة المالية القادمة 2016-2017 يبلغ 5.2 بالمئة وللسنة المالية التالية ستة بالمئة. لكنه قال إنه إذا تمكنت مصر من تحقيق نمو بأكثر من خمسة بالمئة السنة القبلة فسيكون نجاحا كبيرا في ظل الظروف الحالية للبلاد.
وقال إن حجم العجز المستهدف للسنة المالية المقبلة 9.8% وللسنة المالية 2017-2018 نحو 9%.
وتعمل مصر جاهدة من أجل إنعاش اقتصادها منذ أن أطاحت انتفاضة شعبية بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011 وترتب عليها اضطرابات سياسية واقتصادية أدت إلى عزوف المستثمرين الأجانب والسياح عن البلاد وضغطت على احتياطياتها من العملات الأجنبية.
سياسات خاطئة وكارثية
وقال الخبير الاقتصادي محمد رضا لـ "
عربي21"، إن ما يحدث من أزمات يرجع بشكل مباشر إلى إدارة خاطئة وكارثية للاقتصاد المصري سواء على صعيد الإدارة المالية أو النقدية، والتي تسببت في تأزم الوضع الاقتصادي في مصر وكذلك الإصرار على الاستمرار في السياسات المالية والنقدية ذاتها التي أدت إلى ضعف النشاط الاستثماري ودخول الاقتصاد المصري لحالة ركود تضخمي.
وأشار إلى أن كل ذلك سيؤدي إلى تراجع النمو للناتج المحلي الإجمالي حيث من المتوقع أن يبلغ 3% في نهاية العام المالي الحالي وذلك بعد أن ارتفع في عام 2015 إلى 4.2%، في حين أن الموازنة العامة الحالية كانت تستهدف نسبة نمو 5%.
3.8% متوسط النمو
ولفت إلى أنه من المتوقع أن يبلغ متوسط معدل النمو الاقتصادي 3.8% خلال الفترة بين 2016-2019، بدعم من الاستهلاك المحلي والاستثمارات والتحويلات المالية المرنة من المصريين بالخارج، وبعض الاستثمارات الأجنبية الداخلية وتحسن إمدادات الطاقة بتشغيل حقل الغاز الطبيعي بنهاية 2017.
وأوضح أن كافة التوقعات للنمو التي أعلنتها الحكومة في موازنة 2015-2016 بنسبة 5% وأيضاً في موازنة 2016-2017 بنسبة 5 إلى 5.5% بعيدة عن الواقع ومن الصعب تحققها.
وبالنظر إلى مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، نجد ارتفاع الإنفاق على الأجور والمرتبات والدعم وخدمة الدين لتشكل 80% تقريباً من الإنفاق العام في الموازنة، وتفاقم العجز في الموازنة العامة عند مستوى 11.5 % من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 وهو على المستوى الأعلى بين الدول ذات تصنيف ائتماني B-.
تفاقم أزمة الديون
وكذلك ارتفاع الدين العام لمستويات قياسية كارثية وتخطي المستويات الآمنة والتي تتجاوز 90% من الناتج المحلي الإجمالي وارتفاع تكلفة الدين العام لثلث الإنفاق العام في الموازنة، حيث نجد تغيرا سنويا في زيادة الدين العام 13.8% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة من 2012-2015.
في حين تشير التقديرات إلى أن التغير السنوي في زيادة الدين العام سيبلغ مستوى 11.5% في المتوسط من الناتج المحلي الإجمالي في الفترة بين 2016- 2019، أي أن الدين العام مرشح لتجاوز 95%- 99% من الناتج المحلي الإجمالي في ظل غياب بدائل تمويلية لعجز الموازنة أو القيام بإعادة هيكلة الإنفاق العام في الموازنة.
وتابع: نجد أيضاً تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وكذلك زيادة عجز ميزان المدفوعات، وتراجع الصادرات بشكل حاد ليؤدي إلى عجز في الميزان التجاري والذي سجل وفقاً لآخر إعلان عجزاً بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
عجز الميزان التجاري
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط العجز في الميزان التجاري 4.8 % من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة بين 2016-2019 في ظل توقعات بانخفاض الصادارات وزيادة الطلب على الواردات ولن تكون تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قطاع السياحة وإيرادات قناة السويس والاستثمارات المباشرة كافية لتعويض العجز في الميزان التجاري.
وبالرغم من أن الدعم المالي المقدم من بعض دول الخليج قد يوازن بشكل جزئي الضغوط الخارجية (ميزان المدفوعات) والمالية (عجز الموازنة) المتزايدة على لمصر ولكن التراجع الحاد في إيرادات النفط لدول الخليج يجعل هذا الدعم لمصر مشكوك في استمراره مستقبلاً، في حين مازالت الهيئة المصرية العامة للبترول تستحق عليها متأخرات بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي لشركات نفط أجنبية وأية تأجيلات في دفع مستحقات تلك الشركات قد توقف الاستثمار الأجنبي في قطاعي النفط والغاز في ظل بقاء أسعار البترول العالمية على ذلك المستوى المنخفض.