نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها هبة صالح من القاهرة، قالت فيه إنه عندما أعلنت شركة بناء وعقارات عن إطلاق المرحلة الأولى من مشروع إسكان في القاهرة، اكتظت الشوارع بالناس خارج مكتب المبيعات.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي تدافع فيه الزبائن لحجز الشقق، اندلعت شجارات، أدت إلى فوضى، وصلت إلى عناوين الصحف الوطنية، حيث شكلت مشاهد الفوضى خارج مكاتب شركة "ماونتين فيو" إشارة إلى اهتمام
المصريين في
العقارات، بينما يسعون لموازنة خطر التدهور في سعر
الجنيه المصري، بالتوجه نحو
الاستثمار بالعقارات.
وتذكر الصحيفة أن سعر الجنيه المصري تدهور مقابل الدولار منذ شهر آذار/ مارس، عندما قامت الحكومة بتخفيض قيمة الجنيه لحل أزمة نقص الدولارات القاتل، مشيرة إلى أن التضخم زاد منذ ذلك الحين إلى الآن بنسبة 12%، أي أعلى نسبة له في سبع سنوات، بينما عانى
الاقتصاد الباهت، على خلفية الثقة الهشة للمستثمرين والهجمات الإرهابية التي أضرت بقطاع السياحة.
وتبين الكاتبة أن النتيجة هي أن المصريين الأغنياء يسعون نحو الأمان، عن طريق العقارات، ما أنعش قطاع العقارات، الذي يعاني من الضعف، فأصبح من القطاعات القليلة ذات الأداء الجيد.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "ماونتين فيو" تقدر بأن الطلب على وحداتها السكنية في المشروع، الذي سيكلف 3.6 مليارات دولار في شرق القاهرة، كان خلال يوم واحد أكثر بخمس مرات من الألف وحدة الجديدة، التي قيد البناء.
وتنوه الصحيفة إلى أن هناك توقعات بأن ينزلق الجنيه المصري أكثر؛ لأن سوق الأسهم في حالة تقلب، حيث يقول محللون إن المصريين يرون أن العقار الأكثر أمانا من ناحية الحفاظ على القيمة، ويقول الخبراء إن أسعار العقارات ترتفع بنسبة 20% كل عام في أجزاء من القاهرة.
وتورد صالح أن الرئيس التنفيذي لبنك "كولدويل" في مصر، المتخصص في العقارات، خالد بهيج، يعتقد بأن المخاوف من ضعف الجنيه تقف خلف نصف الارتفاع في الطلب على العقارات، الذي وصل إلى 30%.
وينقل التقرير عن بهيج قوله: "إن أخذت بعين الاعتبار أن أصحاب المشاريع يوفرون خطط دفع بالأقساط، على مدى ثماني سنوات، فيمكن اعتبار أن العقارات توفر المردود الأفضل، والآن مع مشكلة الدولار أصبح العقار في أعلى قائمة (
الاستثمارات الجذابة)".
وتفيد الصحيفة بأن النقص في الدولارات بدأ الصيف الماضي، لافتة إلى أن المشكلة زادت بعد إسقاط الطائرة الروسية، التي أقلعت من منتجع شرم الشيخ في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، حيث تسبب الهجوم، الذي تبناه تنظيم الدولة، بتدمير قطاع السياحة، الذي يعد مصدرا رئيسا للعملة الصعبة، ما ضاعف من مشكلات البلد الاقتصادية.
وتورد الكاتبة نقلا عن الرئيس التنفيذي في شركة "بالم هيلز دفلبمنتس" طارق عبد الرحمن، قوله إن المستثمرين يتملكون حوالي ربع مبيعات شركته على مدى الثمانية عشر شهرا الماضية، ويضيف أن الأمر "بدأ عام 2015 مع أزمة العملة، حيث كان العام الماضي لنا رقما قياسيا، ويبدو أن هذا العام أيضا سيكون كذلك".
وبحسب التقرير، فإنه تمت التوصية على شقق سكنية من "بالم هيلز" في الربع الأول من هذا العام، أكثر بـ62% من الفترة ذاتها من العام الماضي، لافتا إلى أن شركة "تي أم جي" أكبر شركات البناء في مصر، قالت إن هناك 25% زيادة على النسبة السنوية في عقود المبيعات خلال الربع الأول من العام.
وتنقل الصحيفة عن مدير الأبحاث في "بلتون فايننشال"، وهو بنك استثماري، هاني جنينة، قوله: "نرى نتائج مثيرة للإعجاب في الربع الأول، حيث يقول العاملون في العقارات إن هناك علاقة مباشرة مع التضخم، وبعض الناس يشترون الآن؛ لأنهم يخشون ألا يستطيعوا الشراء في المستقبل لأولادهم".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن جنينة حذر من أنه بالرغم من هذا الأداء الجيد لشركات العقار، إلا أن الأسعار أسهمها أقل بـ50% من القيمة المستحقة؛ وذلك لأن المستثمرين قلقون، و"لا يزالون قلقين، بالرغم من المبيعات القوية إلى الآن، وقد تطلق الشركات مشاريع جديدة، لكن لن يكون هناك مشترون، حيث أصبح موضوع القدرة على تحمل التكاليف هو الهم الأساسي".