أكدت السلطات
الجزائرية، أن الضربات التي وجهها جيشها لمجموعة مسلحة مسؤولة عن خطف وذبح سائح فرنسي قبل حوالي سنتين وحاولت خلق فرع لتنظيم الدولة في البلاد، جعلت هؤلاء المسلحين في حالة "احتضار".
وحاول التنظيم خلق فرع له في الجزائر عبر قيام منشقين من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، بتأسيس "جند الخلافة" الذي عاد إلى الواجهة بعد إعلان وزير العدل عن مقتل ثلاثة من أعضائه كانوا ملاحقين دوليا، لضلوعهم في خطف وذبح السائح الفرنسي هيرفي غورديل، في أيلول/ سبتمبر 2014، بمنطقة القبائل شرق البلاد.
وقتل الثلاثة في جبال المدية جنوب غرب الجزائر، بينما تم تأسيس "جند الخلافة في أرض الجزائر" في جبال منطقة القبائل بشرق البلاد، والمنطقتان تقعان في محيط 100 كيلومتر عن عاصمة البلاد.
وأكد مصدر أمني أن التنظيم "فقد كل معاقله بسبب حصار الجيش"، موضحا أنه "منذ قتل السائح الفرنسي لم تتوقف العمليات العسكرية لملاحقة منفذي الجريمة"، حيث بدأت بعدد غير مسبوق من الجنود وصل إلى ثلاثة آلاف حاصروا المنطقة مدعومين بالطائرات المروحية.
وأضاف: "أما اليوم فالعمليات مركزة وتتم بعدد أقل من الجنود وفي عدة أماكن في الوقت نفسه"، مشيرا إلى أن التنظيم "اضطر للانتشار في أماكن متفرقة، ما يفسر قتل جزء منهم في البويرة (جنوب شرق البلاد) ثم تيزي وزو (شرقا) والمدية مؤخرا".
وفقد التنظيم شبكة المدنيين التي تزوده بالمعلومات والمؤن، حتى إن العملية العسكرية الأخيرة في المدية "انطلقت بناء على معلومات قدمها مواطنون" كما قالت وزارة الدفاع.
وعند إعلان تأسيس التنظيم في آب/ أغسطس 2014، فإنه كان يضم بين 40 و60 عنصرا قتل أغلبهم، بمن فيهم زعيم التنظيم عبد المالك قوري، أو خالد أبو سليمان، ولم يبق منهم بحسب مصادر متطابقة سوى 15 "دون قائد معروف، وهم في حالة احتضار".
وبحسب الصحف، فإن كل قيادات التنظيم قتلت ضمن 25 مسلحا في عملية عسكرية قام بها الجيش في أيار/ مايو 2015 بجبال البويرة، ومنهم بشير خرزة (أبو عبد الله عثمان العاصمي) الذي خلف قوري في قيادة التنظيم.
وقالت وزارة الدفاع إن قوات الجيش قتلت أو اعتقلت خلال سنة 2015 "157 إرهابيا بينهم عشرة قياديين"، بينما أحصت الوكالة الفرنسية، اعتمادا على بيانات رسمية، مقتل 75 مسلحا منذ بداية السنة.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الجيش قتل خلال حزيران/ يونيو، 30 "إرهابيا" منهم ثمانية في سطيف (جنوب شرق البلاد)، يعتقد أنهم كانوا ضمن مجموعة كانت تخطط لتفجير مركز تجاري يعيد إحياء تنظيم "جند الخلافة".
وتطلق السلطات الجزائرية تسمية "إرهابي" على كل من حمل السلاح في بداية التسعينيات لإسقاط النظام، ما تسبب بحرب أهلية أسفرت عن مقتل 200 ألف شخص بحسب حصيلة رسمية لا تتضمن الذين سقطوا منذ تطبيق قانون المصالحة الوطنية في 2006.
استراتيجية جديدة
ومنذ 2013، فإن التغييرات التي أحدثها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على قيادات الجيش، وخاصة إعادة تنظيم جهاز الاستخبارات وحل فرقة النخبة التابعة له والمكلفة بمكافحة الإرهاب؛ غيرت الاستراتيجية الأمنية.
وذكر مصدر أمني آخر أن "قيادة مكافحة الإرهاب كانت مركزة في يد مدير الاستخبارات"، أما "اليوم فقد استلمت رئاسة الأركان المهمة" وأصبحت ملاحقة المسلحين "تخص كل قيادات الجيش في البلاد المقسمة إلى ست نواح عسكرية.
بل إن الرئيس الجزائري أصبح يشرك في الاجتماعات الأمنية كل القيادات العسكرية والشرطية، بالإضافة الى وزراء ومستشارين، بينما كانت تقتصر في السابق على رئيس الوزراء ومدير المخابرات ورئيس الأركان، ولا يتم الإعلان عنها.
والثلاثاء الماضي، ترأس بوتفليقة اجتماعا مصغرا خصص للوضع الأمني بجنوب البلاد المتعلق ببؤر التوتر السائدة في بعض الدول المجاورة، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية.
وشارك في هذا الاجتماع رئيس الوزراء عبد المالك سلال، وخمسة من أعضاء الحكومة وقادة الشرطة والدرك والمستشار الخاص بالتنسيق بين أجهزة الأمن الملحقة برئاسة الجمهورية عثمان طرطاق، وهي التسمية الجديدة لجهاز المخابرات.
وبرزت هذه الاستراتيجية أيضا من خلال الجولات المتواصلة التي يقوم بها نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، إلى النواحي العسكرية، وهو يؤكد في كل مرة على "ضرورة التصدي الصارم وبكل قوة لبقايا الإرهاب".