ذكرت وزيرة التنمية الدولية السابقة كلير شورت، في تعليقها على
تقرير سير جون
تشيلكوت حول
حرب العراق، الذي يمثل إدانة لرئيس الوزراء السابق توني
بلير، أن الأخير هو الشخص المسؤول عن جر
بريطانيا لأكبر كارثة في السياسة الخارجية، منذ حرب السويس عام 1956.
وتقول شورت، التي صوتت لصالح الحرب، ثم استقالت احتجاجا على ترتيبات ما بعد الغزو، في مقال نشرته صحيفة "الغارديان": "وأخيرا تحدث تشيلكوت، حيث إن اللغة هادئة، لكن النقد مدمر، ولا أوافق على أنه برأ توني بلير من الخداع، فإننا تعلمنا في المدرسة أن (الكذبة هي محاولة للخداع)، وتشير نتائج التقرير إلى أن توني بلير أعطى تعهده لجورج بوش، قبل ثمانية أشهر من الحرب، التي شاركه فيها، بأنه سيكون معه (مهما كلف الأمر)، كما لم تكن الحرب الحل الأخير، ولم يتم استنفاذ الجهود الدبلوماسية، ولم تتم المناقشة، أو المشاركة في النصيحة القانونية بطريقة مناسبة، ورغم أن تشيلكوت لا يقولها صراحة، إلا أنه يقول ضمنيا وبوضوح إن بلير لم يتواصل بصدق في الأمور كلها مع الحكومة والبرلمان والبلد".
وتضيف الكاتبة: "بعد الغزو، وجد تشيلكوت أن التخطيط لم يكن مناسبا، ويؤكد التقرير أن بريطانيا اعتقدت أن الولايات المتحدة ستكون المسؤولة عن التخطيط، وسيقوم مجلس الأمن بإصدار قرارات تشرع عمليات إعادة الإعمار، وستؤدي الأمم المتحدة دورا في مرحلة ما بعد الغزو، ما سيجلب شركاء دوليين، وبناء على هذا كانت بريطانيا تخطط لتخفيض وجودها العسكري في أربعة أشهر، وتوقعت ألا تسهم في عملية الإدارة بعد الغزو".
وتعلق الوزيرة السابقة في مقالها، الذي ترجمته "
عربي21"، قائلة: "أعادتني قراءة التقرير إلى وقت القلق وعدم الوضوح والارتباك، حيث إنه في وزارة التنمية الدولية، تعاونّا مع النظام الدولي، الصليب الأحمر والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية؛ لمنع حدوث كارثة إنسانية، ونجحنا في هذا الأمر، حيث تم تقديم الطعام والماء والكهرباء للناس، رغم الفوضى المتراكمة".
وتجد شورت أنه "على المدى البعيد، كانت عملية إعادة الإعمار فيها ارتباك، حيث يوضح تقرير تشيلكوت أن أيا من الوزارات لم تعط المسؤولية، ولم تكن هناك ميزانية لوزارة التنمية الدولية، التي لم يكن لديها مال غير ذلك المتوفر للخطط الطارئة، وهي 60 مليون جنيه استرليني لأي مساعدات عاجلة في أي مكان من العالم، وبالإضافة إلى هذا، فقد كان على الأمم المتحدة إصدار قرار، وإلا فإن موظفينا سيُطلب منهم ارتكاب جرائم حرب. صحيح أن توفير الإغاثة الإنسانية لا يحتاج لإذن، لكن القوى المحتلة لا تستطيع إدارة مؤسسات البلد دون تفويض من مجلس الأمن، وضغطت الوزارات كلها على توني بلير؛ من أجل دفع الرئيس جورج بوش للموافقة على قيادة الأمم المتحدة لعمليات الإعمار، وعندما لم يحدث هذا، كان هناك قلق حول إمكانية الحصول على قرار مجلس الأمن، بعد الفشل بالحصول على قرار يشرع الحرب، وأخيرا صدر القرار في 22 أيار/ مايو".
وتشير الكاتبة إلى الدور البريطاني، الذي لم يكن مؤثرا، قائلة: "في الواقع كانت الولايات المتحدة هي التي تقود زمام الأمور، ويعترف تشيلكوت بأن بريطانيا لم يكن لديها إلا تأثير قليل في قرار حل القوات العراقية، وعزل المسؤولين البعثيين كلهم، بما في ذلك جميع العاملين في وزارات الحكومة، وهذا يعني تجريد مؤسسات الدولة كلها، وخسارة الأمن، والفوضى التي تبعت ذلك أظهرت أنه لم يعد بالإمكان تحسين حياة العراقيين الذين أملوا بتحققها، وأدت هذه الأوضاع إلى معاناة دائمة، وولادة تنظيم الدولة، وزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط بشكل كامل، ويوضح التقرير أن (إم آي فايف) قالت مبكرا إن الغزو سيؤدي حتما إلى الإرهاب".
وتلفت شورت إلى أن "البعض يزعم أن كل شيء سار على ما يرام، باستثناء التحضيرات لما بعد الحرب، لكن تشيلكوت لا يدعم هذا الرأي، وينقل التقرير ما قاله بلير: (بإدراك متأخر، نرى الآن أن الحملة العسكرية لهزيمة صدام كانت سهلة بشكل نسبي، لكن مرحلة ما بعد الحرب كانت الأصعب، ولم نكن نعرف هذا الأمر في ذلك الوقت، خاصة أن التركيز كان على العملية العسكرية)، ويتوصل التقرير إلى أن (النتيجة التي توصل إليها بلير لا تحتاج إلى إدراك متأخر)".
وتختم كلير شورت مقالها بالقول إن "تداعيات هذه الورطة المخزية هي استمرار معاناة الشعب العراقي، الذي يجب أن نطأطئ رؤوسنا خجلا منه، حيث اقتبس ديفيد كاميرون في كلمته يوم أمس في البرلمان من التقرير على نطاق واسع، لكنه ذهب إلى الإشارة إلى أن الأمور أصبحت أحسن حالا منذ توليه الحكومة، وهذا زعم خطير، فما توصل إليه تشيلكوت هو أن غياب العودة للدستور يعني تركيز السلطة في يد مجموعة صغيرة، حيث لا يتم تحدي القرارات، ويتم ضخ الأضاليل للبرلمان والبلد. ويمكن في هذه الحالة أن تذهب بريطانيا إلى الحرب، كما فعلت في عامي 1956 و2003، بناء على منظور كاذب، ودون تحضير جيد".