تساءل كل من غرانت روملي من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، والطالب في جامعة برنستون مور ياهالوم، عن السبب الذي يمنع حركة
فتح من عقد
الانتخابات المحلية في الضفة والقطاع.
وجاء في مقال مشترك لهما نشره موقع دورية "فورين أفيرز"، أن قرار السلطة الوطنية يوم الثلاثاء الماضي تأجيل الانتخابات البلدية إلى بداية عام 2017، بعد سلسلة من التصعيد والعمليات الانتقامية، التي جرت بين حركة رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس، حركة فتح في
الضفة الغربية، وبين منافستها في
غزة حركة
حماس، انتهت إلى حالة من انسداد الأفق.
ويقول الكاتبان: "كانت الانتخابات المحلية لو عقدت، الأولى منذ عام 2012(عندما كانت حركة فتح دون منافس في الضفة الغربية)، وأول منافسة ديمقراطية بين حركة فتح وحركة حماس منذ فوز الأخيرة في انتخابات 2006 التشريعية، وعوضا عن ذلك فقد تأجلت الانتخابات، التي كانت مقررة في 8 تشرين الأول/ أكتوبر، وتم تأخيرها، ثم اقترح تنظيمها في الضفة الغربية، وبعد ذلك أجلت لأربعة أشهر، وهذا يعطي فكرة عن حالة المنافسة التي يتعامل فيها كل طرف، حتى مع انتخابات محلية، بأنها محفوفة بالمخاطر".
ويضيف الكاتبان أن "آخر انهيار يجب أن يمحو أي شك من ناحية تحقيق آي مصالحة محتملة بين الحزبين الفلسطينيين الكبيرين، حيث تعامل كل طرف مع الانتخابات البلدية على أنها مبارزة لا تنازل فيها، فقد خاف عباس وحركة فتح من فوز حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، بالمجالس البلدية في الضفة الغربية، وخافت حركة حماس أن يفوز مرشحو حركة فتح في غزة، ولدى قادة حركة فتح الأسباب التي تدعوهم للقلق، حيث عانت الحركة من هزيمة محرجة في كل جولة انتخابية عامة، وقادت الهزيمة المدمرة لحركة حماس في انتخابات عام 2006 البرلمانية إلى حرب أهلية، وفصلت الضفة الغربية، التي سيطرت عليها حركة فتح عن قطاع غزة، الذي سيطرت عليه حركة حماس، ومنذ ذلك الوقت تراجعت شعبية حركة فتح في كل استطلاع للرأي يعقد بشكل روتيني لانتخابات الطلبة".
ويشير المقال، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "أول انتخابات بلدية عقدت بعد ثلاثة عقود تقريبا بعد وفاة الرئيس الفسطيني ياسر عرفات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، وكان من المقرر عقد الانتخابات في أكثر من جولة، الأولى منها ستعقد في كانون الأول/ ديسمبر، ورغم فوز حركة فتح في الجولة الأولى، إلا أن حركة حماس استطاعت السيطرة على عدد من مجالس القرى في قطاع غزة، وفازت بتسع بلديات مقابل 14 لحركة فتح، وفازت حركة فتح في الجولتين التاليتين، إلا أن نجاح حركة حماس في عدد من المدن الكبرى، مثل قلقيلية في الضفة ورفح في قطاع غزة، أثار صدمة لدى حركة فتح، ومع نهاية الجولة الرابعة وهي الأخيرة، استطاعت حركة حماس الحصول على نسبة 73% من أصوات الناخبين في البلديات، وعندما تم عد الأصوات النهائية فازت حركة فتح بنسبة ضئيلة".
وتقول المجلة إن "الانتخابات البلدية في عامي 2004 و2005 كان يجب أن تكون صيحة تحذير لحركة فتح، وبدلا من ذلك تنافس الحزبان بعد شهر في انتخابات المجلس التشريعي في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وفازت حركة حماس بـ 73 مقعدا من 132 مقعدا، وحصلت حركة فتح على 45 مقعدا، وكانت خسارة قاسية لها، وبعد عام اقتتل الفريقان في مواجهة انتهت بحرب أهلية في العام الذي تلا الانتخابات، وأدت إلى طرد حركة فتح من قطاع غزة، ولا يزال الانقسام بين الضفة وغزة قائما حتى اليوم".
ويلفت الكاتبان إلى أن "محاولات عدة جرت منذ ذلك الوقت لتحقيق المصالحة والتحضير للانتخابات، فبعد محادثات المصالحة في الدوحة عام 2012، اتفق الطرفان على تشكيل حكومة إجماع وطني، والتحضير للانتخابات، وبعد أشهر انهار التفاوض؛ بسبب الخلاف حول تسجيل الناخبين، واتهم المتحدث باسم حركة حماس حركة فتح بالنفاق، وقررت الجماعة الإسلامية الانسحاب من المفاوضات، وقالت إنها ستقاطع انتخابات عام 2012".
ويستدرك المقال بأنه "رغم مشاركة حركة فتح في هذه الانتخابات دون منافسة، إلا أنها تعرضت لنكسات وخسائر، فقبل الانتخابات انشق عدد من عناصر حركة فتح قبل موعد الانتخابات البلدية، ولم تفز الكتلة التي تبقت إلا بست مناطق في الضفة من بين 11 منطقة، وتراجعت نسبة المشاركة من 77 في الانتخابات السابقة إلى 55%، وخسرت حركة فتح في السيطرة على مجالس بلدية كانت تقليديا تابعة لها، مثل رام الله وجنين ونابلس، ووصف أكاديمي فلسطيني النتائج بأنها (نهاية لحركة فتح)، ولم تعمل الحركة بعد أربع سنوات إلا القليل لتصحيح صورتها، ومع النتائج السيئة في انتخابات عام 2012 قالت نسبة 70% إنها لا تزال تثق بحركة فتح، وفي بداية العام وجدت المؤسسة التي نظمت الاستطلاع ذاتها تراجع النسبة إلى 50%".
وتكشف المجلة عن أن "استطلاعا، جرى في حزيران/ يونيو، وجد أن حركة حماس وحركة فتح ستكونان في منافسة شديدة لو جرت الانتخابات، ووجد الاستطلاع وبشكل محرج أن 65% من الفلسطينيين يدعمون رئيس السلطة، أما اليوم وفي الفترة الرابعة من ولايته، فإنهم يريدون منه الرحيل".
وينوه الكاتبان إلى أن "حركة حماس هزمت حركة فتح في انتخابات للطلبة جرت في أقدم جامعة فلسطينية، بيرزيت، وكان لها صدى في المجتمع الفلسطيني، خاصة أنها الممارسة الديمقراطية الوحيدة في الضفة الغربية وغزة، وأحدث فوز كتلة حركة حماس على حركة فتح في أهم جامعة فلسطينية، ولا تبعد سوى أميال عن مقر السلطة، هزة، ووصفها كبير المفاوضين الفلسطينيينن صائب عريقات بأنها (خسارة فادحة)".
ويعلق الكاتبان قائلين إن "حركة فتح أملت بعدم مشاركة حركة حماس في الانتخابات البلدية، وبدلا من ذلك فاجأت حركة حماس حركة فتح عندما أعلنت في تموز/ يوليو أنها سترشح عددا من أفرادها في كل من الضفة وغزة، وبدأ كل طرف يعطل على الآخر، وفي آب/أغسطس أعلن عباس في مرسوم أن تسعة مجالس بلدية في الضفة يترأسها مسيحي، في تلميح إلى حركة حماس بأن تخرج من المنافسة فيها، وردت حركة حماس باتهام عباس باللاديمقراطية، واتهمت السلطة باعتقال أفرادها في الضفة".
وتذهب المجلة إلى أن "الحملات الانتخابية كشفت عن قلق كل طرف، ففي آب/ أغسطس ناشد عناصر في حركة فتح عباس بإلغاء الانتخابات؛ خشية من فوز حركة حماس، وعندما نشرت القوائم بدأت حركة حماس بالخوف من الخسارة، وفي الشهر الماضي أعلنت حركة حماس عن إلغاء ترشيح عدد من مرشحي حركة فتح، واتهم كل طرف الطرف الآخر بمحاولة تخريب الانتخابات، ومن ثم أعلنت المحكمة الفلسطينية العليا عن عقد الانتخابات في الضفة الغربية فقط، وبعد ذلك قررت اللجنة المركزية للانتخابات تأجيلها لمدة ستة أشهر، ومن ثم قبلت السلطة توصية بتأجيلها لأربعة أشهر".
ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن "الانتخابات الفلسطينية هي (ميكروسوم) عن السياسة الفلسطينية اليوم، فمنذ الحرب الأهلية بينهما، تعاملت كل من حركة حماس وحركة فتح مع أي تنازل للطرف الآخر باعتباره ضعفا، ولهذا فشلت محادثات المصالحة، وحكومات الوحدة الوطنية، ومقترحات لعقد انتخابات، وسيواصل القادة مماحكاتهم، ما يعني أن الفلسطينيين في الضفة وغزة لن يدلوا بأصواتهم قبل عام أو أكثر".