استعرض الجنرال المتقاعد جون ألين من مشاة البحرية الأمريكية، الأدميرال (متقاعد) جيمس جي. ستافريديس، في ندوة بحثية ترأسها المدير التنفيذي لمعهد واشنطن الدكتور روبرت ساتلوف
التهديدات الاستراتيجية التي تواجه الولايات المتحدة.
وحول سؤال ما هي القضايا الأمنية الملحة والمهمة التي تواجه الولايات المتحدة؟ قال ألين، إنه إذا لم تعمل الولايات المتحدة على حل القضايا المرتبطة بالشرق الأوسط، "فنحن مقبلون على أزمة استراتيجية كبيرة".
فيما أشار ستافريديس إلى أن كوريا الشمالية هي المشكلة التكتيكية الأكثر إلحاحا، حيث قال: "تملك كوريا الشمالية أسلحة نووية وزعيم لا يمكن التنبؤ بما سيقوم به.... ليس لدينا وسيلة فعالة للسيطرة على كوريا الشمالية". وقال إن أمن الفضاء الحاسوبي هو القضية الاستراتيجية الأكثر أهمية، واصفا إياها بـ "البرج المائل الذي يعكس الضعف الاستراتيجي للولايات المتحدة".
وبين الجنرالان رؤيتهما حول كيف على إدارة ترامب التعامل مع
إيران.
حيث وصف ألين إيران بـ "التهديد والسبب الرئيسي وراء زعزعة الاستقرار في المنطقة"، ودعا إلى إقامة شراكات مع الحكومات السنية المحلية "ليس فقط لمجابهة المتطرفين السنة بل لمواجهة الإيرانيين أيضا". وكشف ألين أنه التقى مع زعماء من السنة المحليين في الآونة الأخيرة، واشتكى هؤلاء من سحب الولايات المتحدة دعمها التقليدي، بحيث تركتهم "والشعور بالتخلي عنهم يراودهم" وفق قوله. ومع ذلك، "فإنهم على استعداد للدخول في شراكة مع الولايات المتحدة بطرق تساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة" على حد تعبير ألين.
وأشار ألين إلى أن القادة العسكريين في الدول السنية قد أقرّوا بأن المنطقة قد تكون حتى أقل أمنا لولا قوة إسرائيل العسكرية. هي الركن الأساسي لاستقرار المنطقة وهم شاكرين جدا على ذلك".
وعندما وصف ستافريديس إيران كـ "قوة مزعزعة للاستقرار بكل معنى الكلمة"، وافق الجنرال على أن الشراكات المحلية، بما فيها مع إسرائيل، ضرورية للغاية لمكافحة الوجود الإيراني المتنامي في المنطقة. وسلط الضوء على دور الأردن كـ "قوة لصالح الخير".
وأكد الجنرالان أن الولايات المتحدة أخطأت في تعاملها مع الأزمة السورية، حين لم تقتنص فرصة إنشاء مناطق إنسانية آمنة في
سوريا أو مناطق حظر جوي.
وأوضح ألين أنه بينما كانت لدى الجيش الأمريكي القدرة على إنشاء "مناطق آمنة" أو "مناطق حظر الطيران"، حجبت القيادة المدنية موافقتها من أجل تجنب مواجهة محتملة مع الدفاعات السورية أو الروسية. وأضاف: "لقد اتخذنا على الدوام قرارا بأن نقدم على خطوة ما، ومن ثم لم نقم بتنفيذها بصورة مثالية، كما لم نمنح الدرجة القصوى من الاهتمام لما سمحنا للقوات الأمريكية بالقيام به عندما حان الوقت لتنفيذ تلك المهمة، وقد قيّد ذلك أيدينا حقا في كثير من النواحي".
وعندما وصف ستافريديس رئيس النظام السوري بشار الأسد بأنه ديكتاتور "يتجاوز حدود ما رأيناه" منذ نهاية الحرب الباردة، أكد الأدميرال أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية حماية المدنيين السوريين. وأوضح: "أعتقد أن هناك مسؤولية الحماية بموجب القانون الدولي عندما يكون هناك مثل هذا الفشل الهائل للنظام الدولي، حيث يتعين علينا الرد ليس فقط للأسباب الأخلاقية والمعنوية، بل لأسباب عملية أيضا". وأضاف: "هذه منطقة ذات أهمية بالغة يوجد في مركزها حليفنا الرئيسي، إسرائيل. ولا يمكننا أن نسمح لهذا الوضع بالدوران في سيناريو الفوضى، لذلك أعتقد أننا بحاجة إلى مجموعة أكثر قوة من الردود السياسية".
ويرى الجنرالان أن الحرب في الموصل ستنتهي لصالح التحالف، وقال ألين، الذي شغل منصب كبير مخططي التحالف العالمي لهزيمة تنظيم تنظيم الدولة، إنه ليس هناك شك في أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يستعيدون الموصل ويلحقون هزيمة عسكرية بالتنظيم.
وأضاف: "المشكلة مع تنظيم «داعش» هي أن الولايات المتحدة كأمة لا تبحث في ... العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية المسببة لتطرف مئات الآلاف من الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم، التي أسفرت عن قيام سلسلة من المنظمات المتطرفة". لقد ساهم تنظيم الدولة في زيادة التطرف والإرهاب في "المحافظات" التي سيطر عليها، وكذلك في بلدان أوروبا الغربية. وخلص إلى القول بأن "الولايات المتحدة ستحارب المتطرفين في المستقبل المنظور، وليس بالضرورة في الشرق الأوسط".
ووفقا لستافريديس، يكمن مفتاحا نجاح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في إقامة تحالفات مع شركاء محليين والاستفادة من التقنية لتجنب نشر قوات أمريكية كبيرة في المنطقة. وأكد أنه يتعيّن على الولايات المتحدة "امتلاك" شبكات تواصل اجتماعي على الإنترنت بقدر سيطرتها على ساحة المعركة في العراق. وعلّق بأن "الولايات المتحدة بارعة في إطلاق الصواريخ والعمليات العسكرية في جميع أنحاء العالم، ولكن عليها أن تُحسّن إطلاق الأفكار".
وحول كيف يجب أن تتعامل الولايات المتحدة مع
روسيا والصين؟ قدم ستافريديس نصيحة حول التعامل مع روسيا، ملخصها أن "على الولايات المتحدة مواجهة روسيا عندما يتوجّب عليها القيام بذلك، والتعاون معها عندما يمكنها فعل ذلك". وقال يجب على الولايات المتحدة مواجهة روسيا بسبب دعمها للأسد، وأنشطتها في شبكات الفضاء الحاسوبي، وضمها لشبه جزيرة القرم، والتعاون معها حول قضايا من بينها مكافحة المخدرات، ومكافحة الإرهاب، وفي القطب الشمالي. وأضاف: "أود أن أقول عندما تكون هناك فرصة، قد يكون هناك 'فن الاتفاق' مفيدا في الواقع".
فيما حذر ألين بأنه لا يمكن للولايات المتحدة التركيز بصورة ضيقة على الأنشطة الروسية. وقال إن "العلاقة مع روسيا يجب أن تشمل: العلاقة في سوريا، والعلاقة من حيث صلتها بشبه جزيرة القرم، والعلاقة بقدر ما تتعلق بالثلث الشرقي من أوكرانيا ... وحوادث شبكات الفضاء الحاسوبي الكبرى، وزعزعة الاستقرار في الجزء الشرقي من حلف شمال الأطلسي - علينا مراقبة كل ذلك".
وحول ماذا لو كان لديهم عصا سحرية لإصلاح قضية واحدة من قضايا السياسة العامة، فما هي؟
أجاب ألين أنه سيعالج عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي موضوع سبق أن تناوله كمبعوث خاص في إدارة أوباما. وقال: "أعتقد أنه بالإمكان تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وأعتقد أنه لا بد من تحقيقه".
إلا أن ستافريديس اختار التركيز على قضية داخلية: "الشيء الذي سأعمل على تغييره على الفور، هو الشعور بأزمة الجمود القائمة في النظام السياسي. إن فكرة كون المرء معتدلا، وفكرة إيجاد حل وسط، وفكرة التغلب على الجمود لم تعد قائمة، وهذا يقلقني بعمق. إذا كان لديّ عصا سحرية سوف أُلوّح بها فوق المستنقع الذي يجب أن ينضب، وأخلق شعورا بالمسؤولية المشتركة لكامل مستقبلنا".