أكدت مصادر ميدانية داخل مدينة
التل، بريف دمشق، ارتكاب مليشيات النظام السوري انتهاكات وتعذيب جسدي بحق شباب المدينة، التي تم تهجير مقاتليها من المعارضة وعائلاتهم مطلع شهر كانون الأول/ ديسمبر الحالي، كما نوهت المصادر إلى أن المداهمات عادت كما كانت في مطلع الثورة السورية، لتطال منازل في المدينة، فيما كشف نظام الأسد عن أسماء 3 آلاف شاب داخل المدينة مطلوبين للتجنيد العسكري.
وتحدث مدير تنسيقية التل، أحمد البيانوني، أن
المصالحة التي جرت في المدينة مع نظام الأسد لم تحم أهالي المدينة من انتهاكات مليشيات النظام، "سواء الجسدية، أو أعمال التشبيح والتفتيش الدقيق للغاية للمنازل، رغم عشرات التعهدات التي قدمها وفد النظام بعدم دخول المدينة أثناء جولة المفاوضات".
وقال البيانوني، لـ"
عربي21": "وثّقنا اعتداءات وحالات تعذيب طالت العديد من شباب المدينة على يد مليشيا الدفاع الوطني داخل المدينة، وعلى حواجزها العسكرية، كما أن المليشيات تتجول داخل المدينة بحرية مطلقة للغاية، بأسلحتهم وجعبهم العسكرية، في مظاهر ترعب مئات آلاف المدنيين الذين يقطنون المدينة، رغم تعهد مسبق للجنة النظام الأمنية بمنع دخول مليشيا الدفاع الوطني إلى داخل الأحياء السكنية".
وأوضح أنه عقب عملية تهجير مقاتلي المدينة وعائلاتهم نحو الشمال السوري مطلع الشهر الحالي، "لم تتغير الحالة المعيشية، من دخول المدنيين وخروجهم من وإلى المدينة مصحوب بأعمال تفتيش دقيقة للغاية، بالإضافة إلى منع إدخال المواد الغذائية والمحروقات أو أي نوع من مستلزمات الحياة، وفق ما كان يتعهد به وفد النظام أثناء المفاوضات، إلا في حال تقديم أتاوة مالية كبيرة عبر وسيط النظام والتاجر الكبير الموالي للأسد أبو أيمن المنفوش"، وفق قوله.
وتحدث مدير تنسيقية التل؛ عن تقديم النظام السوري، يوم الأربعاء، قائمة للجنة المصالحة في المدينة؛ تضم أسماء 3 آلاف شاب يطلبهم للخدمة العسكرية لديه كعناصر احتياط، فيما تشير التوقعات "إلى قيام قوات النظام بتقديم المزيد من القوائم من أبناء المدينة أو النازحين إليها لتجندهم ضمن صفوف قواتها لقتال المعارضة السورية في مدن آخرى"، على حد قول البيانوني.
بدوره، قال الناشط الميداني في دمشق، محمد الشامي، إن "النظام السوري عقب عملية التهجير اكتسب العديد من الأوراق المهمة، منها السياسي والأمني والعسكري، وهذه العوامل التي حظي بها الأسد جعلته بكل تأكيد ينجح في تحييد جبهات عسكرية كانت تؤرقه لسنوات طوال، وخاصة كون تلك المناطق كانت تحتل مواقع جغرافية بالغة الأهمية كالتل وداريا والمعضمية".
واستطرد الشامي في حديث لـ"
عربي21": "أهمية هذه المناطق تكمن في تموضعها على أسوار دمشق، والطرق الرئيسية. ومع إنهاء هذه الجبهات، حظي الأسد بخزان بشري كبير من الشباب الذين كانوا بالأمس ألد أعدائه"، مضيفا: "استغل الأسد تفكك المعارضة السياسي والعسكري، ونجح في إبقائهم (الشباب) بمدنهم، وعندما خرجت الفصائل المعارضة نحو الشمال السوري، بات يصطادهم بشكل تدريجي لتجنيدهم داخل قواته العسكرية وترميم حالة النقص البشري لديه، بعد أن أصبحوا دون قوة عسكرية تحميهم من بطشه"، بحسب قوله.
ونوه الشامي، إلى أن
تجنيد الشباب، سواء في مدينة التل أو معضمية الشام أو غيرهما من المناطق التي تم تهجير سكانها، "كان أمرا متوقعا، ولكن التشتت والخوف من القصف الروسي في شمال
سوريا، جعل نسبة كبيرة من هؤلاء يفضلون البقاء في مدنهم، بعد حصولهم على ضمانات من لجان المصالحة بعد تجنيدهم، ولكن ما جرى أن لجان المصالحة بعد تهجير أي مدينة تصبح هزيلة وضعيفة أمام الأسد لفقدانها القوة العسكرية المعارضة، وبالتالي انعكست هذه النتائج على الشبان الذين باتوا اليوم في قبضة الأسد لا محالة"، كما قال.