يشعر القادة السُنّة في العراق بأن "مشروع التسوية الوطنيّة" المطروح عراقي، يقول الوزير السابق الدكتور السيد إبرهيم بحر العلوم. وقد لمس ذلك في أثناء اجتماع موسّع عُقد أخيرا وحضرته ستون شخصيّة سُنّية، لا سيّما بعدما سلّم موفد الأمين العام للأمم المتحدة المشروع إلى السيد سليم الجبوري، المعبّر عن سُنّة الداخل. لكن أسامة النجيفي -وهو شخصيّة سُنيّة وازنة- اعترض عليه.
ومن المبالغة الاعتقاد أن المكوّن السُنّي سيحسم موقفه منه إيجابا في وقت قريب. ذلك أن قادته يواجهون إشكاليّات عدّة أبرزها أربع. الأولى شعور السُنّة أنهم يخضعون بضغط لوضع رؤية موحّدة لأسس المشروع الشيعي. والثانية شعور السُنّة بنوع من الخِذلان لأن الشيعة وضعوا المشروع، ولأن ذلك تزامن مع إقرار "قانون الحشد الشعبي" في مجلس النواب العراقي. والثالثة عدم وجود تمثيل سُنّي ولا مرجعيّة، بينما تكمن قوة "التحالف الوطني" في تمثيله 70 إلى 80 في المئة من الشارع الشيعي. كما أن لدى الشيعة مرجعيّة دينيّة الأمر الذي يعتبرونه صمّام أمان لهم. والرابعة وجود صراع بين المجاميع السُنّية داخل العراق والمجاميع السُنّية العراقية المقيمة خارجه وخصوصا التي منها في الأردن بقيادة خميس الخنجر والضاري وغيرهما، حول من يتبنّى المبادرة ويسير بها.
فسُنّة الداخل يسعون إلى تبنّي المبادرة أو مشروع التسوية من أجل وضع بلادهم على طريق السلام، كما من أجل ضمان عودتهم إلى السلطة أو بقائهم فيها. في حين يرى سُنّة الخارج أن المبادرة – المشروع هي فرصتهم للاشتراك في العمليّة السياسيّة. لهذا السبب هناك حاجة إلى موازنة ما بين سُنّة الداخل والخارج. ولدى "التحالف الوطني" الشيعي خطّة مستقبليّة لسُنّة الداخل المُعتدلين المؤيّدين للعمليّة الديموقراطيّة والمُشاركين في عمليّة تحرير العراق من الإرهاب.
ما هو الموقف الإقليمي والدولي من المبادرة أو مشروع التسوية المُقترح من الشيعة؟
تفيد معلومات السيد بحر العلوم أن أمريكا متجاوبة معها وكذلك بريطانيا ولكن بدرجة أقل أو ربما بحماسة أقل. وتفيد أيضا بأن إيران تدعمهما. وظهر ذلك في وضوح في الكلام الإيجابي عليها الذي قاله وزير خارجيّتها محمد جواد ظريف لوفد "التحالف الوطني" الذي ترأسه السيد عمّار الحكيم. كما ظهر الدعم في مواقف الشخصيّات والتنظيمات الشيعيّة العراقيّة المتحالفة مع إيران مثل هادي العامري و"بدر" و"عصائب أهل الحق". وقد عبّر بوضوح عن التأييد المشار إليه الأعرجي في اجتماع الهيئة السياسيّة للتحالف.
وتفيد المعلومات نفسها ثالثا أن الأردن داعم للمبادرة – المشروع لأنه يتعاطى أو يتعاطف مع سُنّة الأنبار. وتفيد خامسا وأخيرا أن دولة الإمارات العربية المتحدة متفاعلة معها وذلك استنادا إلى ما نقله موفد الأمين العام للأمم المتحدة إلى "التحالف" وإلى شخصيّات عراقيّة أخرى.
ما هو موقف المرجعيّة الدينيّة في النجف من المبادرة أو مشروع التسوية الشيعي؟
يجيب السيد بحر العلوم أنها مبدئيّا مع أي اتفاق يعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد وفقا للدستور والقانون. ويتطلّب ذلك أن يكون جميع الأطراف وحُماتهم الإقليميّون والدوليّون جادّين وقادرين على التحكُّم في تصرفات أتباعهم على الأرض وعلى ضبطهم. أمّا المبادرة – المشروع فيتحمّل "التحالف الوطني" بحكم موقعه السياسي وتمثيله البرلماني مسؤوليّتها وتوقيتها وتفاصيلها، وهي ترافقه بالدعاء والاحترام. المرجعيّة الدينيّة لا تتدخّل في التفاصيل عادة، وهي تريد أن يتولّى التحالف أمر هذه المبادرة. ولو كان في بنودها أو في بعضها ما يخالف مبادئها وأفكارها لكانت اعترضت.
كيف يرى الباحثون العرب الذين يتابعون العراق منذ إطاحة التحالف الدولي بقيادة أمريكا نظام صدام حسين وحتى الآن مشروع التسوية الوطنيّة الذي وضعه الشيعة في صورة عامة؟
يعتبره عدد منهم مُغريا، ويعتقدون أنه كان جيّد الإعداد، لكنّهم يتساءلون عن حقيقة مواقف الأطراف الإقليميّة والدولية منه، وكذلك حقيقة موقف المرجعيّة الدينيّة في ضوء ما نشرته عنه وسائل الإعلام العراقيّة في المدة الأخيرة. وبعضها اعتبر أن المشروع أمريكي، وبعضها اعتبر أن هناك غموضا في موقف المرجعيّة الدينيّة منها. وفي نظر هؤلاء لا يجرؤ أحد من القوى المعنيّة بالعراق أو المتدخّلة فيه رغم قوّته على إبداء موقف سلبي رسميّا وفي اجتماع رسمي من أي تسوية مطروحة لأزمة العراق، خصوصا إذا كان طارحها حليفا له. وهم يتساءلون مثلا: هل تمثّل إيجابيّة الوزير ظريف الموقف الفعلي لإيران؟