تحدث المحلل السياسي الأمريكي ديفيد
إغناتيوس عن عقيدة جديدة لعمليات المعلومات أعلن عنها الكريملين في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وأشار إغناتيوس في مقالة له إلى وصف المسؤول في إدارة أوباما للاستراتيجية الروسية على النحو التالي: "يرون أن فضاء المعلومات يشكل ساحة للحرب. في الولايات المتحدة ننزع إلى تشكيل رؤية مزدوجة للصراع – فإما أننا في سلام أو في حرب. أما العقيدة الروسية فهي أقرب إلى السلسلة المتواصلة، حيث يمكن أن تكون في مستويات مختلفة من الصراع، على امتداد سلم متحرك".
وقال إن الاختراق الروسي للإنترنت أثناء حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2016، كما استعرضها تقرير غير سري أصدرته هذا الشهر وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة الأمريكية، يمكن اعتباره نموذجا لاستخدام
روسيا أدوات جديدة في هذه السلسلة المتواصلة من الصراع.
وتابع نقله عن المسؤول الأمريكي: "بالتأكيد، أعتقد أن الروس يعملون على تعزيز قدراتهم في فضاء الإنترنت؛ لأنهم أدركوا أن بإمكانهم استخدام فضاء الإنترنت وسيلة لتحقيق أهداف سياستهم الخارجية".
ويقول إغناتيوس إن روسيا ترى أن أمريكا تدفع بالقوة ذاتها في الاتجاه نفسه داخل فضاء المعلومات، إلا أن أمريكا تنفي ذلك. ولقد لاحظ المسؤول الأمريكي الكبير أن "ما نعتبره حرية تعبير يعتبرونه هم سلوكا عدوانيا من قبل الغرب".
وطرح مثالا بقوله: "اعتبر بوتين دعم هيلاري كلينتون للمنشقين المعارضين له محاولة لإطلاق شرارة "ثورة ملونة". كما يزعم الروس (دون أن يقدموا دليلا على ذلك) أن الولايات المتحدة هي التي كانت تقف في العام الماضي وراء الكشف عن "أوراق بنما"، التي تضمنت مزاعم بتورط الروس في عمليات غسيل أموال، وكانت تقف كذلك وراء ما زعمته الوكالة الدولية ضد استعمال المنشطات من أن الرياضيين الروس كانوا يستخدمون العقاقير.
ويقول إغناتيوس إن لدى "بوتين قناعة بأن الولايات المتحدة هي التي بادرت بالهجوم في حرب المعلومات. وكما أشار كروتسكيخ في خطابه الذي ألقاه في شباط/ فبراير 2016، أصبح لدى روسيا الآن من القوة ما يؤهلها للانتقام".
وأشار إلى أنه في شباط/ فبراير الماضي، أعلن أحد المسؤولين الروس في قطاع الإنترنت أمام مؤتمر أمني في موسكو أن روسيا تعمل على تطوير استراتيجيات جديدة في "ساحة المعلومات" تعادل في قيمتها اختبارا نوويا، ومن شأنها "أن تتيح لنا التحدث مع الأمريكان كأنداد".
وصرح بذلك أندريه كروتسكيخ، كبير المستشارين في الكرملين، في المنتدى الوطني الروسي للمعلومات الأمنية أو "إنفوفورام 2016"، الذي انعقد في الرابع والخامس من شباط/ فبراير. وقد دون أقواله شخص روسي كان حاضرا في الاجتماع، وترجم لي العبارات خبير إنترنت أوروبي مستقل، كما يقول اغناتيوس.
وبيّن أنه لا يبدو أن كروتسكيخ وغيره من خبراء الإنترنت الروس ارتدعوا بما صدر حتى الآن من تحذيرات وعقوبات.
ففي التاسع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر، نقلت وكالة المعلومات الروسية عن كروتسكيخ وصفه للعقوبات الأمريكية التي أعلن عنها في ذلك اليوم ذاته بأنها "حرقة النخبة الحاكمة" التي تعكس "الكراهية الشخصية" التي يكنها الرئيس أوباما، وكذلك "محاولة منع التعاون في المستقبل".
وقال كروتسكيخ: "لا نستبعد إمكانية رفع العقوبات بعد أن يتسلم
ترامب مهام الرئاسة".
تسلط تصريحات كروتسكيخ الضوء على عالم حرب المعلومات الآخذ في التشكل؛ حيث غدت "الأخبار الملفقة" واختراق الإنترنت أسلحة المحاربين الذين يعملون في الخفاء في كثير من البلدان. يحذر المسؤول الكبير في إدارة أوباما بما يلي: "صحيح أن الروس بشكل خاص متقدمون في التكنولوجيا وفي التنظيم وفي المعتقد، وهم الآن في مقدمة الصفوف، لكن سيوجد غيرهم".