مع دخول
ترامب إلى البيت الأبيض؛ انطلق بلدوزر
الاستيطان الإسرائيلي لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لصالح الاستيطان اليهودي، الذي يجد وفق مختصين فلسطينيين دعما كبيرا من الإدارة الأمريكية الحالية، في ظل عجز المستوى الرسمي الفلسطيني عن مواجهته.
واتخذت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، سلسلة من القرارات بهدف التوسع الاستيطاني، منها بناء ألفين و500 وحدة سكنية في الضفة الغربية المحتلة، التي يستوطن بها نحو نصف مليون إسرائيلي، وسبقه مخطط "لجنة التخطيط والبناء" التابعة لبلدية الاحتلال في القدس لبناء 560 وحدة استيطانية في الشطر الشرقي من القدس.
ومنحت السلطات الاسرائيلية، الخميس الماضي، موافقتها على بناء 153 وحدة استيطانية في "حي جيلو" الاستيطاني الواقع في الشطر الشرقي من القدس، بحسب موقع "i24" الإسرائيلي.
وقال رئيس "لجنة التخطيط والبناء" مئير ترجمان إن "بإمكان المقاولين البدء بالبناء غدا"، مؤكدا أنه "في الأيام والأسابيع المقبلة؛ ستحصل 297 وحدة استيطانية إضافية على ترخيص للبناء في جيلو".
وفي ردها على قرارات الاحتلال؛ أكدت
السلطة الفلسطينية على لسان الناطق الرسمي باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، الثلاثاء الماضي، أن قرار بناء وحدة استيطانية جديدة يمثل "تحديا واستخفافا بالمجتمع الدولي، وعملا مدانا ومرفوضا، وستكون له عواقب".
وقال أستاذ العلوم السياسية، مخيمر أبوسعدة، إن "هناك انسجاما كبيرا بين الحكومة الإسرائيلية وبين الإدارة الأمريكية الحالية"، مشيرا إلى أن "حكومة الاحتلال يقودها ثلاثي متطرف داعم للاستيطان؛ نتنياهو وأفيغدور ليبرمان (وزير الدفاع) ونفتالي بينيت (وزير التربة والتعليم)".
الفيتو الأمريكي جاهز
وأوضح أبو سعدة لـ"عربي21" أن "تركيبة إدارة ترامب داعمة للاستيطان بشكل كبير، حيث قام الرئيس الأمريكي بتعيين بعض المستشارين المؤيدين للاستيطان اليهودي، منهم السفير الأمريكي لدى إسرائيل، اليهودي ديفيد فريدمان، ومستشار ترامب الأول، اليهودي جاريد كوشنر".
وتابع: "أضف إليهما وليد فارس، مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط، وهو مسيحي ماروني من أصل لبناني، ومن المعروف تاريخيا أن هذه الطائفة غير داعمة للقضية الفلسطينية".
ورأى أن "أي تحرك فلسطيني جديد تجاه
مجلس الأمن؛ لن يجدي نفعا؛ لأن الفيتو الأمريكي جاهز"، داعيا إلى أن يكون "التحرك القادم تجاه محكمة الجنايات الدولية؛ بعد قرار مجلس الأمن رقم 2334، الذي ثبّت أن الاستيطان اليهودي غير شرعي".
وقال أبو سعدة إن "المؤسف جدا أن السلطة الفلسطينية ما زالت تراهن على أن تلعب إدارة ترامب دور الوسيط بينها وبين إسرائيل".
من جانبه؛ أرجع الخبير السياسي عبدالستار قاسم، انطلاق "بلدوزر الاستيطان اليهودي بقوة مع تنصيب ترامب؛ إلى غياب الاستراتيجية والرؤية وبرنامج العمل الفلسطيني المقاوم للاستيطان".
وقال لـ"عربي21" إن "إسرائيل حينما تجد تعاونا أمنيا كبيرا من قبل السلطة الفلسطينية، وعجزا وضعفا في مواجهة الاستيطان؛ فإنها تعمل على ملء هذا الفراغ بمزيد من الاستيطان"، مؤكدا أن "مواجهة التوسع الاستيطان بموقف فلسطيني صلب؛ كفيل بأن يحد بشكل كبير منه".
مواجهة الاستيطان
ورأى قاسم أن مواجهة الاستيطان بفاعلية تتطلب "فتح المجال للمقاومة، والعمل على تغيير بعض القوانين الفلسطينية الخاصة بفرز وتسجيل الأراضي؛ بما يمنح المواطنين الفلسطينيين فرصة تعمير أراضيهم، وبذلك يحولون دون سرقتها من قبل سلطات الاحتلال".
ولفت إلى أن "القوانين الفلسطينية الحالية، والرسوم التي تفرضها السلطة مقابل تسجيل الأرض وفرزها؛ تمنعان الفلسطيني من أن يستغل أرضه، لتبقى فارغة ومفتوحة، وهو ما يبرر للاحتلال الاستيلاء عليها، والاستيطان فيها".
وشدد على ضرورة "العمل الجماعي، وزيادة اللحمة الاجتماعية في مواجهة المد الاستيطاني الإسرائيلي، وهو ما يتطلب تطوير برامج ثقافية واجتماعية جديدة تزيد من مستوى الانتماء الوطني".
وحول عدم نجاح القرارات الدولية في وقف الاستيطان؛ قال قاسم إن "هذه القرارات تفتقد لآلية التنفيذ، إلا إذا كانت الدول الكبرى موافقة على التنفيذ، وقررت العمل جماعة، وهو ما يتطلب منا أن نكون أقوياء قادرين على تنفيذ القرار بأنفسنا؛ قبل التوجه للمحافل الدولية".
من جهته؛ رأى المختص في شؤون الاستيطان، عبدالهادي حنتش، أن "التفاهم غير المكتوب بين ترامب ونتنياهو؛ يمنح الحكومة الإسرائيلية الضوء الأخضر لقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وهي العملية التي لم تتوقف منذ احتلال فلسطين عام 1948".
وبين حنتش لـ"عربي21" أن الاحتلال "يعُد فلسطين المحتلة بما فيها أراضي 1967؛ حقا تاريخيا لليهود، وجزءا لا يتجزأ من الكيان الصهيوني، وهذا هو منطلق الفكر الاستيطاني الإسرائيلي"، مؤكدا أنه "ما دام هناك انحياز أمريكي لإسرائيل؛ فلا قيمة لأي قرار دولي من قبل الاحتلال".