لا تكاد تمر جلسة واحدة من جلسات برلمان الانقلاب في
مصر؛ دون وقوع مشادة أو اشتباك لفظي بين رئيس المجلس علي
عبد العال، وبين بعض النواب، وإحالة العديد منهم للتحقيق، وخاصة أولئك المحسوبين على المعارضة.
ومع تزايد المشادات والتلاسن خلال الأيام الأخيرة؛ تساءل مراقبون حول دلالة هذه المواقف، وما إذا كانت علامة على فشل عبد العال في إدارة المجلس، أم إنها تطبيق لمخطط يستهدف تفريغ البرلمان من المعارضة، حتى ولو كانت شكلية.
اشتباكات وإحالات للتحقيق
ووقعت أحدث المشادات مساء الاثنين، حينما اشتبك عبدالعال لفظيا، مع النائب
خالد يوسف، أثناء مناقشة تعديلات قانون التظاهر.
وبدأت المشادة حينما انتقد يوسف قانون التظاهر الحالي، ووصفه بـ"الظالم" و"الجائر" وبأنه "تسبب في اعتقال آلاف الشباب المطالبين بالحرية، الأمر الذي أخل بروح ثورة 30 حزيران/ يونيو" على حد قوله.
لكن عبد العال قاطع يوسف، واتهم قراءته للقانون بـ"السياسية"، مطالبا إياه بعدم التعليق على الأمور القانونية "لأنه مخرج سينمائي"، وبعد أن اعترض يوسف على كلام عبدالعال قائلا إن له حق التكلم والتعبير عن وجهة نظره؛ أغلق رئيس المجلس باب المناقشة.
وفي اليوم ذاته؛ أحال عبد العال النائب محمد عمارة للتحقيق معه، بسبب اعتصامه أمام مكتب شيخ الأزهر، بحجة أن شيخ الأزهر "له كل التقدير والاحترام".
ووقع تلاسن الأحد الماضي، بين عبد العال والنائب هيثم الحريري، أثناء مناقشة مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات.
وبدأت المشادة حينما طلب الحريري الكلام، إلا أن عبد العال رفض، وقال له "أنت تخالف اللائحة"، فرد عليه النائب باتهامه بالإخلال باللائحة، ليقرر عبد العال إحالة الحريري للتحقيق أمام لجنة القيم، بتهمة "التطاول على رئيس البرلمان، وارتكاب جريمة سب وقذف بحقه".
وكان برلمان الانقلاب قد أسقط عضوية النائب محمد أنور
السادات بأغلبية الثلثين الشهر الماضي، بعد اتهامه بإفشاء أسرار المجلس إلى دول أوروبية.
وشهد البرلمان مشادة أخرى في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حينما رفض عبد العال منح الكلمة للنائب أحمد طنطاوي أثناء مناقشة قانون نقابة الإعلاميين، وبعد اعتراض طنطاوي؛ رفع عبد العال الجلسة، واتهمه بتعمد إفساد الجلسات، وطالب الأمن بإخراجه من القاعة، ثم أحاله إلى لجنة القيم تمهيدا لإسقاط عضويته.
وفي تموز/ يوليو 2016؛ أحال عبد العال النائبين إلهامي عجينة وسمير غطاس إلى التحقيق أمام هيئة مكتب المجلس، بتهمة الإساءة للبرلمان ورئيسه.
برلمان العار
من جهته؛ قال الباحث السياسي محمود شوقي، إن "هذا البرلمان عار على الحياة السياسية المصرية، بداية من طريقة اختيار أعضائه أثناء الانتخابات البرلمانية، وحتى الآن"، مشيرا إلى أنه "لا تأثير له على المشهد، بل على العكس؛ يزداد أداؤه سوءا، ويواصل صدامه مع المواطنين ومع السلطات الأخرى".
وأضاف شوقي لـ"
عربي21" أن رئيس البرلمان "غير قادر على إدارة جلساته، حيث تنقصه الحكمة والخبرة السياسية"، مشيرا إلى أنه "لا يقبل النقد، ويحيل من يعارضه من النواب للتحقيق".
ورأى أن "المشكلة الأعقد؛ هي أن رئيس برلمان لا يفقه شيئا عن أبجديات السياسة، وهذا يؤثر على طريقة إدارته للجلسات، ويؤدي إلى محاباته لبعض النواب، مثل أعضاء ائتلاف دعم مصر الذي ينتمي له سياسيا، على حساب نواب آخرين".
وحول التحليلات التي ترجح أن عبدالعال ينفذ مخططا لتفريغ البرلمان من المعارضة؛ قال شوقي إن "المعارضة محدودة للغاية منذ بداية تشكيل المجلس، وغير مؤثرة في أدائه"، لافتا إلى أن "وجود هذه المعارضة الهشة مفيد للنظام؛ لأنها تعطي انطباعا بوجود حالة ديمقراطية، حتى ولو كانت كرتونية".
مخطط لإقصاء المعارضين
من جانبه؛ رأى أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية، أن تصرفات رئيس المجلس "تأتي في إطار توجه واضح منه لإقصاء النواب المعارضين"، لافتا إلى أن "علي عبد العال فعل هذا من قبل مع النائب محمد أنور السادات، الذي اكتشف فساده في صفقة شراء سيارات فارهة، وإهدار ملايين الجنيهات من موازنة البرلمان".
وقال عطية لـ"
عربي21" إن "عبد العال يضطهد أعضاء تكتل 25-30 الذي ينتمي له هيثم الحريري؛ لأن هذا التكتل وقف بالمرصاد لقانون الخدمة المدنية، وكان له دور كبير في تعديله، على الرغم من موافقة رئيس المجلس نفسه عليه إرضاءً للحكومة، كما كان موقف الحريري وعدد من نواب التكتل واضحا في قضية تيران وصنافير حينما رفضوا بيع الجزر للسعودية، وكل هذا لم ينسه عبد العال، أو بمعنى أوضح؛ لم ينسه النظام الذي يحرك عبد العال".
وأضاف عطية أن "هناك رغبة واضحة في إقصاء التيارات المعارضة، حتي يصبح الصوت الواحد هو المسيطر على مجلس النواب، عدا عن أن البرلمان يشهد فشلا ذريعا لأن الغالبية العظمى من النواب لم يمارسوا السياسة من قبل".