في إطار الجلسة المخصصة لمناقشة الوضع في
مصر بالبرلمان الأوروبي، أمس الأول الثلاثاء، قدم كل من مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، بهي الدين حسن، وعضو مجلس إدارة المركز ومنسق منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لدى منظمة "الخط الأمامي"، معتز الفجيري، شهادتهما حول حالة
حقوق الإنسان في مصر، أمام لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان ببروكسل.
وأشار "حسن" في بيان الخميس للتردي الذي وصفه بالمزري لحالة حقوق الإنسان، مقارنة بشهادته السابقة أمام المجلس في جلسة أيار/ مايو 2015، خاصة فيما يتعلق بسيادة القانون واحترام الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات، ومحاربة الفساد والعنف السياسي والإرهاب، مستعرضا انعكاسات ذلك على مستقبل تحقيق استقرار دائم في مصر.
ونوه "حسن" في شهادته إلى فشل سياسات رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في "مجابهة الإرهاب، الذي تفشى في شبه جزيرة سيناء، وانتقل لباقي أنحاء الجمهورية، وعجز الحكومة عن حماية المواطنين كافة، وخاصة
الأقباط، فقبل أيام شن تنظيم داعش هجمة وحشية أودت بحياة 29 قبطيا بمحافظة المنيا، لترتفع بذلك حصيلة قتلى الأقباط لأكثر من 100 ضحية في 5 شهور، نتيجة لعمليات إرهابية".
واستطرد قائلا: "رغم أن حكومة السيسي تسوق نفسها باعتبارها تحمي الأقباط، إلا أن الواقع يثبت العكس، بل تمنع الحكومة حتى الوقفات التضامنية مع الأقباط والمنددة بتكرار الاعتداء عليهم".
وأعتبر "حسن" أن "سبب هذا الفشل يرجع بالأساس لتعامل السيسي مع الهجمات الإرهابية باعتبارها مجرد مظلة لتمرير أجندة سياسية أخرى، جوهرها إجهاض البديل الليبرالي المتنامي للحكم الفاشل والمعتل الحالي"، مدللا على ذلك بسوابق خطيرة من بينها الاقتحام الأمني لنقابة الصحفيين، وتضييق الخناق الأمني على كافة أشكال الأنشطة الشبابية، بما فيها الرياضية والثقافية والتحرش الأمني بالحقوقيين، والسعي للقضاء على حركة حقوق الإنسان بمصر.
وحذر مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان من "التآكل المستمر لمؤسسات الدولة، بما فيها القضاء والبرلمان، مما يؤدي لهشاشة كيان الدولة المصرية".
ودعا البرلمان الأوروبي لإصدار "قرار شامل يساند جهود المصريين الساعية لوقف جرائم حقوق الإنسان الجسيمة المتعاقبة منذ انتفاضتهم الطموحة في يناير 2011، التي سعت لتحويل مصر لدولة عصرية يسود فيها حكم القانون، ويتمتع مواطنوها بالحرية والمساواة، فضلا عن السعي للتوصل للحقيقة والعدالة ومحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم، بما في ذلك الجرائم المرتكبة بحق جيوليو ريجيني ونظرائه من الضحايا المصريين، لاسيما في مذبحتي ماسبيرو ورابعة العدوية".
وفي شهادته، أوضح الحقوقي معتز الفجيري أن "مصر تحظى حاليا بأسوأ سجل لحقوق الإنسان والأكثر دموية في تاريخها الحديث"، لافتا إلى "تسجيل أكثر من 1300 حالة قتل خارج نطاق القانون في سيناء خلال عام 2016، و900 حالة اختفاء قسري خلال العام نفسه، فضلا عن إحالة 7000 مدني لمحاكمات عسكرية منذ 2013 وحتى الآن".
وأكد "الفجيري" أن "القضاء على حركة حقوق الإنسان كان ولازال هدف السلطة العسكرية منذ 2011، منذ كان السيسي مديرا لجهاز المخابرات الحربية الذي نسق الحملة على
المنظمات الأمريكية والألمانية المؤيدة للديمقراطية في مصر".
ولفت إلى ما يتعرض له الحقوقيون في مصر من "تهديدات بالقتل، ومنع من السفر، وتجميد الأرصدة المالية، بالإضافة إلى المضايقات الأمنية لهم في مصر وفي أوروبا"، مؤكدا أن "الهدف من قانون تنظيم العمل الأهلي الجديد الصادر مطلع هذا الأسبوع، هو تحويل عمل المنظمات المستقلة في مصر لمهمة مستحيلة، خاصة فيما يتعلق بتلقي التمويلات لدعم تلك المنظمات وتعاونها مع المنظمات غير الحكومية الدولية".
واتفق "الفجيري" مع ما ذهب إليه "حسن" في استخدام الحكومة لشعار مكافحة الإرهاب لتبرير الدفع بأجندتها الخاصة المناهضة للحقوقيين والمجتمع المدني.
وقال: "رغم جدية الخطر الذي تواجهه مصر فيما يتعلق بتفشي الإرهاب والتطرف العنيف، إلا أن تحقيق الأمن والاستقرار لن يتم بمعزل عن معالجة الأوضاع الداخلية المتعلقة بطريقة إدارة البلاد وحالة حقوق الإنسان، فلا يمكن مجابهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية إلا عبر بناء توافق مجتمعي، ومصالحة ومشاركة مجتمعية حقيقية".
جدير بالذكر أن رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الأوروبي، أنتونيو بونزيري، وعدد من أعضاء اللجنة انتقدوا في كلماتهم التضييق المتصاعد على حركة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في مصر، ومساعي غلق المجال العام في البلاد.
وكان البرلمان الأوروبي قد اتخذ الاحتياطات اللازمة لحماية "حسن" و"الفجيري"، خوفا من تعرضهما لمضايقات أمنية مشابهة لما تعرض له عدد من الحقوقيين في روما في 20 و 21 من أيار/ مايو، لاسيما بعد تحريض شخصية إعلامية مقربة من "السيسي" على خطف وقتل الحقوقيين المصريين في أوروبا، تماماً كما حدث مع "ريجيني"، وهو ما أشار إليه حسن والفجيري في شهادتهما.
وفي اليوم التالي للجلسة، اجتمع "حسن" مع ستافروس لامبرنيديس، الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لحقوق الإنسان، وجيوليو دي بلاشي من مكتب الممثل الأعلى لسياسة الأمن والشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
وتناول "حسن" خلال الاجتماع الذي استمر لمدة 90 دقيقة، الإشكاليات التي طرحها أثناء شهادته أمام البرلمان الأوروبي، كما ناقش معهم مسؤولية الاتحاد الأوروبي تجاه حماية الحقوقيين المصريين في أوروبا على ضوء التحرشات الأمنية المصرية التي تعرضوا لها في جنيف وروما وبروكسل، والتحريض العلني على اختطافهم وقتلهم.