رفض قائد الانقلاب في
مصر، عبد الفتاح
السيسي، مرشح الجمعية العمومية لمجلس الدولة؛ لرئاسة المجلس، ليقوم بتعيين قاض مؤيد له.
وكانت الجمعية العمومية قد رشحت المستشار يحيى دكروري، صاحب أول حكم ببطلان اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير، في حزيران/ يونيو 2016، ليقوم السيسي، بحسب ما أوردته صحيفة "التحرير" الموالية للانقلاب، بتعيين المستشار أحمد أبو العزم الذي سانده في قضية الطلاق الشفوي في مواجهة الأزهر.
وجاء قرار السيسي بعد تعديلات أقرها البرلمان؛ على قانون السلطة القضائية، تتعلق خصوصا بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية، في نيسان/ أبريل الماضي، وهي التعديلات التي رفضتها الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة، وأصرت على التمسك بمبدأ الأقدمية في اختيار رئيس الهيئة.
اقرأ أيضا: بوادر أزمة بين القضاء وبرلمان السيسي.. والسبب؟
وبعد جدل داخل الجمعية العمومية، وكحل للأزمة، أرسل مجلس الدولة اسم المستشار يحيي دكروري، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، إلى السيسي كمرشح وحيد لرئاسة المجلس، إلا أن السيسي تجاوز الترشيح ولم يعين دكروري، أقدم الأعضاء، ليعين أبو العزم؛ الذي يأتي رابعا بين أقدم الأعضاء السبعة للمجلس.
ويعتبر المستشار أبو العزم من المؤيدين للسيسي بشدة. وفي حوار له مع صحيفة اليوم السابع الموالية للنظام العسكري، في كانون الثاني/ يناير الماضي، أعلن مساندته للسيسي في قضية "الطلاق الشفوي" بمواجهة الأزهر، وأشاد بـ"فكر" السيسي، وقال إنه لا يتدخل في شؤون
القضاء، وفق أبو العزم.
ويأتي قرار السيسي بعد تصديقه السبت، على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والقاضية بتسليم جزيرتي تيران وصنافير للمملكة، رغم حكمين لقضاة مجلس الدولة ببطلان الاتفاقية؛ أحدهما للمستشار دكروري.
وانتقد مختصون عدم تعيين السيسي لدكروري، مرشح قضاة مجلس الدولة، معتبرين القرار مخالفا لتعديلات قانون السلطة القضائية المعدل بعهد السيسي نفسه. وبحسب هؤلاء، فإن من حق المستشار دكروري اللجوء للمحكمة الدستورية للطعن على دستورية القانون المعدل والاحتكام لبند الأقدمية بالقانون السابق.
اقرأ أيضا: القضاة يضعون السيسي بورطة تغضب أنصاره وتحشد معارضيه
"تغول النظام"
من جهته، انتقد الناشط الحقوقي وعضو حزب الدستور المصري، عز الدين الهوي، ما اعتبره "تغولا من السلطة القائمة وتحكمها في أركان الدولة المصرية"، مؤكدا عبر صفحته في "فيسبوك"، أن القرار "يٌضعف المجتمع ويتسبب في فقدان السيطرة على القوة المقاومة لفساد الحاكم، ويضعف المقاومة، والدولة نفسها تضيع".
دعوى ضد السيسي
من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير والخبير القانوني عبد الله الأشعل، أنه شخصيا وبعض المحامين "المهتمين بقضايا الوطن"؛ سوف يقيمون دعوى قضائية بالمحكمة الدستورية العليا؛ "مختصمين السيسي".
وقال الأشعل، لـ"
عربي21": "السيسي أسقط جميع أوراق التوت، ولم يعد أمام شرفاء الوطن سوى المواجهة لإعمال القانون وتنفيذ الدستور"، معتبرا أن "جميع قراراته (السيسي) تعد باطلة لمخالفته صريح نصوص الدستور والقانون، وبينها تعيين أبو العزم بدلا من دكروري والتنازل عن تيران وصنافير"، وفق تقديره.
وأكد أن السيسي "لا يعين إلا من يرضى عنه هو شخصيا، مع تزكيته من قبل الجهات الأمنية"، مشددا في الآن ذاته؛ على أن "دكروري لديه من الأوراق ما يمكن به مواجهة النظام والطعن على دستورية قانون السلطة القضائية المعدل، واستعادة حقه كأقدم قاض بمجلس الدولة في رئاسة الهيئة"، كما قال.
عقاب دكروري
وعن موقف القضاة من قرار السيسي، أكد الأشعل "أن المواجهة قادمة لا محالة". ورأى أن "تعيين أبو العزم رئيسا لمجلس الدولة وتجاهل دكروري مرشح المجلس؛ لهو انتقام من دكروري بسبب حكم مصرية تيران وصنافير؛ الذي أعاق تسليم السيسي للجزيرتين إلى السعودية لأكثر من عام".
وقال إن السيسي "يعاقب أيضا مجلس الدولة الذي أصر على ترشيح دكروري وحده، دون أن يخالف القانون، ولم يقدم معه مرشحين آخرين حسب تعديل قانون السلطة القضائية الأخير"، وهو ما اعتبره السيسي "تحديا شخصيا له؛ رد عليه برفض ترشيح قضاة الدولة لدكروري"، بحسب الأشعل.
اقرأ أيضا: قانونيون: السيسي ينكّل بمجلس الدولة بسبب تيران وصنافير
وأكد الأشعل، وهو أحد أعضاء هيئة الدفاع عن مصرية تيران وصنافير، أن "قرار اليوم المتزامن مع تصديق السيسي على بيع الجزيرتين للسعودية، يعد دافعا لمواجهة النظام ووقف تجاوزاته"، على حد قوله.
وقال إن "الحل هو مواجهة سلطة خرجت تماما عن قضبان الدستور والقانون، وقررت نهائيا أن تسفر عما تريد بوسائلها غير القانونية، ما يعد مقدمة طبيعية لانهيار السلطة والوطن معا".
تحد لإرادة القضاة
أما المحامي بالنقض والمستشار السابق، أحمد جلال، فقد اعتبر أن رفض السيسي ترشيح مجلس الدولة لدكروري وتعيين أبو العزم؛ "تحد لرغبة وإرادة القضاة ببساطة في تعيين من يترأس هيئاتهم المستقلة".
وقال جلال لـ"
عربي21"، متهكما: "الأمر غاية في البساطة؛ القضاة اختاروا المستشار المحترم الأقدم بحسب التقاليد والأعراف القضائية المستقرة، وقانون السلطة القضائية قبل تعديله، والسيسي اختار مستشارا آخر على غير رغبة الجمعية العمومية لمجلس الدولة"، بحب تعبيره.
وأكد أن الأمر بحكم المنتهي تقريبا، حيث إن القرار سيصدر رسميا قبل 30 حزيران/ يونيو الجاري، مستبعدا احتمال أن تحدث مواجهة بين مجلس الدولة والسيسي.