بعد مرور قرابة شهر ونصف الشهر على انتهاء موسم حصاد القمح في ريف
حلب الشمالي، لا زال حقل المزارع محمد المحمود القريب من بلدة الشيخ عيسى، التي تسيطر عليها
الوحدات الكردية، بانتظار الحصاد.
فقد تعثرت كل محاولات هذه المزارع للوصول إلى حقله، وذلك بسبب استهداف قناصة الوحدات الكردية لكل التحركات في المنطقة، مدنية كانت أم عسكرية، كما يقول.
ويقول المحمود: "في إحدى محاولاتي الوصول إلى الحقل، تم استهداف الحصادة الآلية التي كنت برفقتها؛ بالرشاشات المتوسطة والثقيلة، وحينها نجونا بأعجوبة أنا وسائق الحصادة".
ويضيف لـ"
عربي21": "منذ ذلك الوقت الذي مر عليه قرابة الشهر، وأنا أترقب الفرصة لأتمكن من جني المحصول"، مبديا خشيته من أن تأتي الحرائق التي تسببها القذائف العشوائية؛ على حقله، كما أتت على عشرات الهكتارات المجاورة، على حد تأكيده.
وحسب المحمود، تصل مساحة الأراضي القريبة من خطوط التماس المزروعة بالحبوب، التي لم يتمكن أصحابها من حصادها، نحو 40 هكتارا.
وبموازاة منعها للمزارعين من جني محصولهم، قتلت الوحدات الكردية مزارعين اثنين في غضون أسبوع واحد، كان آخرهم العشريني محمد الناصر، في محيط مدينة مارع بريف حلب الشمالي.
وحسب مصادر محلية، فإن الناصر تعرض لطلق ناري في الرأس، من قناصات الوحدات الكردية، أثناء محاولته الوصول إلى حقله القريب من مناطق سيطرة الوحدات الكردية، قبل أيام.
من جهتها، تبرر الوحدات الكردية هذه السلوك؛ بذريعة اعتبار المنطقة "منطقة عسكرية" يحظر الاقتراب منها.
ومقابل ذلك، أشار مزارع لـ"
عربي21" إلى سماح الوحدات لبعض مزارعي ريف حلب الشمالي، الواقعة حقولهم ضمن مناطق سيطرتها، بجني المحاصيل الزراعية، مقابل حصولها على ثلثي المحصول.
وقال المزارع، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، خشية تعرضه للضرر من قبل الوحدات الكردية المسيطرة على بلدته (الشيخ عيسى)، الواقعة إلى الغرب من مدينة مارع: "في الموسم الفائت كانت الوحدات تشترط حصولها على نسبة نصف المحصول، قبل السماح للمزارعين بجني المحاصيل"، ويستدرك: "لكن النسبة زادت في هذا الموسم".
وعن أسباب هذه الزيادة، يوضح ذات المزارع قائلا: "يتم التعامل مع المزارعين على أنهم عبارة عن عمال مأجورين، وليس على أنهم أصحاب الحق، في الوقت الذي يعتبرون فيه أنفسهم أصحاب هذه الأراضي، ولذلك يعتقدون أن هذه النسبة كافية لنا، لقاء أتعابنا".
من جانبه أكد علي الحميدي، وهو مزارع لم يتمكن من زراعة حقله بسبب قربه من خطوط الفصل بين مناطق سيطرة الجيش الحر والوحدات الكردية، أن الوحدات تمنع بعض المزارعين من الوصول لحقولهم بشكل نهائي، متذرعة بالحرص على حياتهم، على حد قوله.
وتابع الحميدي في حديثه لـ"
عربي21": "تتعامل الوحدات مع المزارعين والأهالي بفوقية وخيلاء واستعلاء، وغالبا ما يكون السجن مصير كل من يبدي اعتراضا على قوانينهم الظالمة" كما قال.
وتمتد خطوط الفصل بين الوحدات الكردية والمعارضة بريف حلب الشمالي، من الحدود التركية غرب بوابة السلامة الحدودية، إلى جنوبي مدينة مارع، ويعيق ذلك استثمار الآلاف من الدونمات الزراعية الخصبة.