نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب بن هبارد، يتحدث فيه عن دور
حزب الله اللبناني الجديد بعد أحداث الربيع العربي، مشيرا إلى أن حزب الله لم يعد يقاتل ضد إسرائيل.
ويشير التقرير، الذي استند إلى مقابلات مع مسؤولين في الحزب ومقاتلين وخبراء من تسع دول، إلى أن الربيع العربي غيّر الوضع في المنطقة وتغير معه حزب الله، حيث أرسل قواته إلى
سوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى أنه ساعد في تدريب لواء الفاطميين المكون من لاجئين أفغان، "وهو جاهز للقتال في أي مكان من العالم"، لافتا إلى أن الحزب تحول إلى ذراع
الحرس الثوري، ويقوم بدور المتعهد الأمني لإيران في المنطقة.
ويقول الكاتب إن "الحزب لم يعد قوة تخوض حرب مقاومة، بل أصبح أداة لتوسيع نفوذ
إيران في المنطقة، ولهذا فإن الحزب شارك كل معركة لإيران في المنطقة، وأسهم بتجنيد وتدريب عدد من الجماعات المسلحة، التي تستخدم لتعزيز أجندة الجمهورية الإسلامية".
ويضيف هبارد أن "الحزب، الذي ظهر أثناء الحرب اللبنانية لمواجهة إسرائيل، تحول إلى نموذج عن المليشيات التي ترغب إيران برعايتها في المنطقة، وأصبح ذراعا للحرس الثوري، مقدما الرابطة التي تربطه بالمليشيات التابعة لطهران".
وتعلق الصحيفة قائلة إن "الحزب والدولة يكملان بعضهما، فهو يقدم للدولة الفارسية الشيعية رابطة تتحدث باللغة العربية، ويستطيع مقاتلوه التحرك بحرية في منطقة غالبيتها من السنة، وتمثل إيران بالنسبة للحزب المال والسلاح والدعم المادي الذي يساعده على تمويل شبكة الخدمات الاجتماعية، من المدارس والمستشفيات والجمعيات الخيرية، وكذلك الأسلحة والتكنولوجيا، ودفع الرواتب لعشرات الآلاف من مقاتليه".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن شبكة المليشيات التي بنتها إيران، بمساعدة حزب الله، ساهمت في ترجيح كفة النزاعات في المنطقة لصالح بشار الأسد في سوريا، والمليشيات الشيعية ضد تنظيم الدولة في
العراق، ولصالح الحوثيين ضد التحالف الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة الشرعية في اليمن، وتحول لبنان ساحة إعلامية لإيران، ويزيد من ترسانته العسكرية.
ويفيد الكاتب بأن المليشيات تتعاون بشكل متزايد في العراق وسوريا، مشيرا إلى معركة حلب، التي جندت لها إيران مقاتلين شيعة من كل مكان، حيث يقول حمزة محمد، وهو عنصر ميليشيا عراقي قاتل في حلب ودربه حزب الله: "كان على الجبهة العديد من الجنسيات"، ويضيف: "كان هناك حزب الله، وأفغان، وباكستانيون، وعراقيون، بقيادة إيرانية".
وترجع الصحيفة التعاون بين شبكات إيران في المنطقة والدور الذي أداه حزب الله إلى عام 2003، عندما طلبت منه إيران المساعدة، حيث قدم التدريب والدعم للمقاتلين الشيعة، الذين واجهوا وقتلوا جنودا أمريكيين، لافتة إلى أن الحروب الجديدة ساعدت إيران على إحياء الشبكات المسلحة القديمة، حيث ترد الأخيرة الجميل لإيران بالقتال في سوريا.
ويجد التقرير أن التحالفات التي تربط شبكات إيران بالمنطقة ليست عسكرية أو سياسية، بل أيديولوجية، فجميعها تؤمن بولاية الفقيه وببيعة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، وبالإضافة إلى هذا فإنها تقوم بملء الفراغ الذي تركته الحكومة الضعيفة، وترفع شعار قتال تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة "التكفيريين".
وينوه هبارد إلى أن المراقبين يتساءلون عن الدور الذي سيؤديه عشرات الآلاف من مقاتلي الحزب بعد نهاية الحرب في العراق وسوريا، حيث يشير البعض إلى إمكانية نشرهم لمواجهة إسرائيل، مستدركا بأن زيادة التأثير الإيراني في المنطقة جعلت من طهران هدفا للولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية، بالإضافة إلى أن الحرب في سوريا كلفت الحزب خسائر فادحة بين مقاتليه، وزادت من أعبائه المالية.
وتورد الصحيفة أن نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم، اعترف في مقابلة معه بالدور الذي يؤديه الحزب في دعم المليشيات الأخرى، حيث يقول: "أي جماعة في أي مكان في العالم تعمل كما نعمل وبأفكارنا هي مكسب للحزب"، ويضيف قاسم: "هذا أمر طبيعي: كل من هم مثلنا في أي مكان في العالم مكسب لنا؛ لأنهم جزء من محورنا، ولهذا فهم إنجاز للحزب".
وبحسب التقرير، فإنه نظرا للدور الذي بات يؤديه الحزب، فإن الكثيرين أصبحوا يطلقون عليه اسم "بلاك ووتر إيران"، وهي شركة التعهدات الأمنية الأمريكية التي قتلت مدنيين عراقيين.
ويعلق الكاتب قائلا إن "التركيز في السنوات الأخيرة ظل على الجهاديين السنة الذين يسافرون إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف الجماعات الجهادية، إلا أنه كان هناك تركيز أقل تم تسليطه على عمليات إيران في تجنيد مقاتلين شيعة من أنحاء العالم كله وتدريبهم وتسليحهم، وأدى حزب الله دورا مهما، وحل مكان الحرس الثوري الذي كان يقوم بهذا الدور".
وتذكر الصحيفة أنه في العراق، أعادت إيران نشر مليشيات شكلتها أثناء الاحتلال الأمريكي لمواجهة تنظيم الدولة، وقامت بتجنيد لاجئين من المخيمات الأفغانية للقتال في سوريا، حيث شكلت لهذا الغرض "لواء الفاطميين"، لافتة إلى أن الحرس الثوري يقدم البنى التحتية له، فيما يقوم القادة الإيرانيون وحزب الله بالتدريب.
ويبين التقرير أن الباحث في جامعة ميريلاند فيليب سميث، قدر عدد المقاتلين الشيعة العراقيين الذين ساهموا في معركة حلب العام الماضي بحوالي 10 آلاف مقاتل، مشيرا إلى أن إيران قامت بتوجيه القوات البرية، فيما قام الطيران الروسي والسوري بتقديم الغطاء الجوي، أما حزب الله فقدم قادة ميدانيين يتحدثون باللغة العربية، ومثل بقية الجماعات الشيعية في سوريا دافع قادته عن القتال هناك بأنه لحماية المزارات الشيعية، وقالوا أيضا إن قتالهم جاء بناء على طلب من حكومة الأسد.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول المتحدث باسم مليشيا ناشطة في سوريا هاشم الموسوي: "لو سأل أحدهم لماذا ذهبنا إلى سوريا فليسأل الأمريكيين من سمح لهم باحتلال الدول".