تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية صورا تظهر بناء النظام
المصري جدارا خرسانيا مرتفعا يحيط بالعاصمة الإدارية الجديدة، التي تبعد عن القاهرة بنحو 60 كيلو مترا في الصحراء الشرقية على طريق السويس.
وقال معارضون للنظام إن فكرة بناء سور بارتفاع 7 أمتار تشبه
الجدار العازل الذي أقامه الاحتلال الإسرائيلي حول مدن الضفة الغربية؛ ليحمي مستوطناته من هجمات المقاومة الفلسطينية، أو المنطقة الخضراء المعزولة التي أقامها الاحتلال الأمريكي في قلب العاصمة العراقية بغداد؛ لحماية السفارة الأمريكية والمنشآت الحيوية هناك.
ورأى مراقبون أن قائد الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، لجأ لبناء أسوار
العاصمة الإدارية لحمايتها من الشعب، الذي يتزايد سخطه على النظام يوما بعد يوم؛ بسبب قراراته الاجتماعية والاقتصادية التي زادت من مساحة الفقر، وباتت تنذر بثورة شعبية عنيفة يمكن انفجارها في أي وقت.
جدار عازل لمستوطنة العاصمة الإدارية الجديدة
وأثارت هذه الصور انتقادات حادة، حيث قال نشطاء إن الغرض من تشييد هذه الأسوار هو حماية قيادات النظام والطبقة العليا المترفة من أي ثورة شعبية، بحيث يصبح الوصول إلى هذه المنطقة المعزولة شبه مستحيل.
وعلق القيادي اليساري كمال خليل، عبر "فيسبوك"، متسائلا: "كم تبلغ تكلفة الجدار العازل لمستوطنة العاصمة الإدارية الجديدة؟ وما الجدوى من بنائه؟ ولمصلحة من يجري الإنفاق على سور ضخم يمتد بطول أكثر من 100 كيلومتر وبارتفاع 7 أمتار؟ مليارات أخرى ستضيع هباء كما ضاعت غيرها من دون عائد، بينما الفقر والمجاعة تطحن الملايين".
أما الرئيس السابق للحزب المصري الديمقراطي، محمد أبو الغار، فقال: "أمر غريب أن تكون هناك دولة ظروفها الاقتصادية غاية في الصعوبة، وتذهب لبناء مبان أخرى، فهل هذه هي الطريقة الأمثل لاستثمار فلوس المصريين؟!
غير معقول
وفي مقابل عاصفة الانتقادات، رد مؤيدون للنظام بأن هذه الصور ليست لجدار يحيط بالعاصمة بأكملها، بل بأحد المباني التابعة لمبنى وزارة الدفاع الجديد.
ونفى رئيس جهاز العاصمة الإدارية الجديدة، محمد عبد المقصود، صحة المعلومات المتداولة حول هذا الجدار، قائلا، في تصريحات صحفية يوم الأربعاء: "إن العاصمة سيتم تشييدها على مساحة 180 ألف فدان، وليس من المعقول أن يتم بناء سور حول هذه المساحة الضخمة، مضيفا أن السور قد يكون في منطقة بقلب العاصمة، أو حول منشأة عسكرية أو محطة للكهرباء أو المياه".
ومن المقرر أن تتضمن العاصمة الإدارية الجديدة حيا حكوميا يضم مباني الوزارة والمؤسسات الهامة في الدولة، ومنطقة سكنية، ومركزا للمؤتمرات، ومدينة للمعارض، ومدينة طبية، ومدينة رياضية، وحديقة مركزية.
"دواع أمنية"
وقال أستاذ العلوم السياسية، مصطفى علوي، إن البلاد ما زالت تشهد عمليات إرهابية كل فترة، ومن الطبيعي أن يتم التفكير في إجراءات أمنية مشددة، ونظام أمني محكم يحمي العاصمة الإدارية الجديدة، مشيرا إلى أن الجدار العازل يأتي في إطار زيادة تأمين مخارج المدينة ومداخلها من الناحية الأمنية.
وأوضح علوي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن هناك استهدافا متواصلا للمسؤولين الكبار في الدولة، كان آخرهم النائب العام الراحل هشام بركات، الذي تم اغتياله في تفجير إرهابي قبل نحو عامين؛ لذلك يريد النظام زيادة التأمين للمسؤولين والوزراء؛ خوفا من استهدافهم في عمليات إرهابية جديدة.
وأكد أن فكرة عزل العاصمة الجديدة عن الشعب بجدار عازل ليست واردة؛ لأن وضع المدينة الجغرافي في الأساس بعيد عن التجمعات السكنية؛ ولذلك فإن النظام لا يحتاج لإقامة سور لمنع التظاهر أمامها، فمن غير المتوقع أن يذهب أحد للتظاهر هناك؛ بسبب بعدها الكبير عن القاهرة، مشيرا إلى أن الناس كانت تتظاهر دائما بميدان التحرير؛ لأنه يقع في قلب العاصمة، وقريب من باقي المحافظات.
خوفا من تكرار سيناريو يناير
لكن الباحث السياسي، جمال مرعي، رأى أن فكرة بناء جدار حول المدينة هو تفكير أمني بحت؛ حتى يضمن النظام عدم وصول أي تظاهرات أو اضطرابات أمنية للعاصمة الجديدة.
وأضاف مرعي، لـ "عربي21": "كلنا شاهد ما حدث في ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، وكيف تم حصار مجلس الوزراء ومجلس الشعب ووزارة الداخلية بالمتظاهرين، وكيف كان لحصار هذه الأبنية تأثير كبير على تنفيذ مطالب الثوار وقتها"، مضيفا أن الخوف من تكرار هذا السيناريو هو الذي جعل النظام يفكر في نقل كل الوزارات والأجهزة الحكومية للعاصمة الإدارية، ويتم بناء جدار أمني لحماية المدينة؛ حتى تكون بعيدة عن الناس، ويصعب التظاهر أمامها.
وتابع: "إجراءات بناء العاصمة الإدارية الجديدة تنقصها الدراسة الوافية، مشيرا إلى أن هذا المشروع الكبير يغلب عليه الرغبة في بناء مبان فخمة محاطة بأسوار؛ لحمايتها أكثر من فكرة بناء مؤسسات إدارية محترفة لفائدة البلد".