نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، سلطت من خلاله الضوء على القمع المتزايد الذي تنتهجه حكومة السيسي ضد وسائل
الإعلام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن "وسائل الإعلام في
مصر أصبحت مكبّلة من جميع الجهات. فإلى جانب غلق المواقع الإلكترونية المعارضة، ومصادرة المنشورات وحملات الاعتقالات ضد الصحفيين، ظهرت اليوم سلسلة جديدة من عمليات شراء القنوات التلفزيونية والصحف من طرف أقطاب مقربة من النظام وأجهزة المخابرات".
وأوردت الصحيفة تصريح جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، الذي أفاد، أنه "منذ سنتين، كنا نعتقد أنه قد تم استيفاء جميع القيود المفروضة على الصحافة، لكن حرية الصحافة في مصر في الوقت الراهن، أصبحت كارثية، لقد تجاوزت الحكومة جميع الحدود".
وأضافت الصحيفة أن هذه الصائفة شهدت أحداثا مثيرة للغاية على الساحة الإعلامية في مصر. ففي أواخر شهر آب/ أغسطس المنقضي، قامت إدارة شبكة تلفزيون الحياة المصرية، التي تأسّست منذ سنة 2008 على يد الرئيس الحالي لحزب "الوفد"، وأحد مؤيدي عبد الفتاح السيسي، السيد البدوي شحاتة، بتحويل ملكية الشبكة ضمن صفقة غير شفافة بكل المقاييس. وفي هذا السياق، ذكرت الصحف المحلية أن المالك الجديد للقناة يتمثل في شركة فالكون، وهي شركة أمنية خاصة يرأسها ضابط مخابرات عسكرية متقاعد.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم التوقيع على هذه الصفقة بعد أن رفض نواب حزب "الوفد" مسألة منح جزيرتين في البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية، الأمر الذي أثار جدلا واسعا. فضلا عن ذلك، تم تعليق عمل الشبكة، التي تهاوت إلى القاع نتيجة الطلب المفاجئ من قبل السلطات بتسديد سلسلة من المدفوعات المخلدة بذمتها، مما دفع القائمين عليها إلى توقيع الاتفاق القاضي بتغيير ملكيتها.
وأوردت الصحيفة أن هذه الإجراءات، التي هزت القطاع، لا تعد الأولى من نوعها. فخلال السنة الماضية، تمكن أحمد
أبو هشيمة أحد رجال الأعمال المصريين المقربين من أجهزة
الاستخبارات، من شراء سلسلة متنوعة من القنوات، على غرار قناة "أون تي في" "والنهار"، إلى جانب قناة "سي بي سي".
وتعد هذه القنوات من أهم محطات التلفزيون الخاصة في البلاد. علاوة على ذلك، نجح أبو هشيمة في الحصول على بعض البوابات الإخبارية المكتوبة والرقمية، على غرار "اليوم السابع"، "وصوت الأمة" و"دوت مصر". ومنذ ذلك الحين، أصبح تهديد العمال بالطرد وترهيبهم من أبرز السياسات المهيمنة على غرف الأخبار.
ونقلت الصحيفة عن مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، أن "رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئين الذين يرغبون في شراء هذه الوسائل الإعلامية، يعدون بمثابة واجهة للأجهزة الأمنية وذلك لتحقيق هدف أساسي".
ويكمن هذا الهدف في تبديد الآراء المعارضة ومنع نشر أي نوع من المعلومات دون الحصول على موافقة مسبقة من قبل المخابرات. والجدير بالذكر أن جمال عيد يعد من بين قلة من الناشطين الذين لا يزالون يقاومون في خضم هذا المشهد القاتم.
وأفادت الصحيفة أنه منذ أسبوع كانت جريدة "البوابة" آخر ضحايا عمليات "المطاردة" من قبل النظام المصري. وفي الأثناء، يدير هذه الصحيفة أحد النواب الذين لهم علاقة بالخدمات السرية. وقد تمت مصادرة هذه الصحيفة على خلفية نشر تقرير يدين هروب وزير الداخلية، حبيب العادلي، في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، على الرغم من أنه كان قيد الإقامة الجبرية.
وبعد ذلك بمدة وجيزة، تم إجبار محرر التقرير على الاعتذار علنا عمّا كتبه وأن يعلن ولاءه للسيسي، الرئيس الذي يعيش الأشهر التسعة الأخيرة من ولايته الرئاسية الأولى. وفي شهر آب/أغسطس المنقضي، اختفى مراسل صحيفة "البوابة نيوز"، عبد الله رشاد، بعد إلقاء القبض عليه، وفقا لاعترافات مصادر أمنية التي أقرت باعتقال هذا المراسل.
وذكرت الصحيفة أن عملية التأميم التي قامت بها السلطات المصرية طالت أربع بوابات إخبارية مستقلة على غرار صحيفة "ديلي نيوز إيجيبت"، وصحيفة "البورصة"، إلى جانب موقع "مصر العربية" وموقع "بوابة القاهرة الإخبارية". أما بالنسبة للشركات، التي لا تزال تحت الملكية الخاصة إلى حد الآن، فقد تمت مصادرتها وتحويلها إلى البوابة الإلكترونية "أخبار اليوم"، المملوكة من طرف الدولة، وذلك دون إجراء تحقيق قضائي مسبق في علاقاتها المزعومة مع جماعة الإخوان المسلمين.
وفي الختام، أفادت الصحيفة أن وصول السيسي إلى قصر الرئاسة، على إثر انقلاب سنة 2013، قد أدى إلى تقييد حرية التعبير في مصر بشكل أكبر. ووفقا للترتيب العالمي لحرية الصحافة التابع لمنظمة "صحفيون بلا حدود"، بلغ وضع النقابة في مصر أشده. ومنذ شهر أيار/ مايو الفارط، قامت القاهرة بحظر حوالي 431 موقعا إلكترونيا، بما في ذلك قائمة واسعة من وسائل الإعلام المحلية والدولية، وذلك دون تقديم تفسيرات واضحة.