ملفات وتقارير

هل يتطوّر التصعيد بين الرياض وطهران إلى حرب؟

الرياض وصفت مجددا استهدافها بصاروخ حوثي بالعدوان الإيراني المباشر- أرشيفية

فتح التصعيد الإعلامي بين طهران والرياض خلال الأيام القليلة الماضية، وتبادل الاتهامات بين الطرفين الباب أمام أسئلة عديدة يتعلق أبرزها بأفق المواجهة بين الجانبين، ومدى تطور الموقف بينهما وصولا إلى نشوب حرب.


وفي آخر تطور بينهما، رفضت إيران على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف اتهام السعودية لها بتقديم أسلحة نوعية للحوثيين في اليمن واتهمتها في المقابل بتقويض أمن واستقرار المنطقة، وبانتهاج سلوك خطير يخالف القانون الدولي، وذلك في وقت وصفت فيه الرياض مجددا استهدافها بصاروخ حوثي بالعدوان الإيراني المباشر عليها.


وجاء تعليق ظريف بعد ساعات من تصريحات لولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال فيها إن قيام إيران بتزويد الحوثيين في اليمن بالصواريخ يعد عدوانا عسكريا مباشرا.

صحيفة "فايننشال تايمز" قالت، إن دبلوماسيين في المنطقة يرون أن التطورات الأخيرة بين طهران والرياض؛ خطيرة، وتؤثر في الاستقرار، وقد تؤدي إلى جولة جديدة من حروب الوكالة في المنطقة، وتزداد الخشية من خلق موجة جديدة للاجئين، وزيادة فاتورة إعادة إعمار، لافتة إلى الخوف قائم من الموقف الأمريكي إزاء التصعيد فبدلا من قيام الولايات المتحدة بالحد من تصرفات السعودية، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشجعها.

 

اقرأ أيضا: هل بدأت الحرب "الباردة" بين الشيوخ والملالي؟

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي مقيم في بيروت، قوله: "السعودية ليست وحدها في تصرفاتها الغامضة، لكن الولايات المتحدة أيضا كذلك"، وأضاف: "ما أخشاه هو أي نوع من الضوء الأخضر منح لمحمد بن سلمان؟ وإلى أي مدى سيذهب؟".


وحول سعي الرياض لاستعادة النفوذ في المنطقة قالت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21"، إن "الرياض راقبت لسنوات تأثيرها الإقليمي يتراجع، في الوقت الذي أصبحت فيه إيران أكثر قوة، حيث منحت سلسلة  الانتصارات التي حققها النظام السوري إيران القوة، فيما تلاشت قوة المعارضة التي تدعمها السعودية، وفي محاولة منها لاستعادة التأثير في المنطقة فإن الرياض زادت من جهودها الدبلوماسية، فقامت بإقامة علاقات مع القادة العراقيين الشيعة، حيث تمارس إيران تأثيرا قويا عليهم، بالإضافة إلى زيارة لمناطق الأكراد السوريين؛ في محاولة للحد من تأثير إيران".

المحلل السياسي عبد الله عيسى قال إن العداء لإيران في المنطقة قديم، ورأى أن المملكة العربية السعودية لديها إرادة جادة للوقوف في وجه الدور الإيراني في المنطقة، ودلل على ذلك بالحرب في اليمن.


واعتبر عيسى في حديث لـ"عربي21" أن التصعيد السعودي مبررا، متوقعا أن يزداد حجمه بشكل أكبر، من خلال ممارسة ضغط على المجتمع الدولي أو التحالف القائم بين السعودية والولايات المتحدة "لكبح الدور الإيراني".

وأضاف عيسى وهو محلل بحريني قائلا: "الدور الإيراني خطير، ويدعم المنظمات الإرهابية ويشجع على الإرهاب  في المنطقة، بغرض الهيمنة وفرض والنفوذ، ولابد من وجود استراتيجية عربية مشتركة لمواجهة ايران ولا يجوز ترك السعودية وحدها في المواجهة".


ودعا إلى "ضرورة إحالة وتأجيل الخلافات العربية، جانبا، والتركيز على التصدي لإيران في المنطقة".
ولم يغفل المحلل السياسي طموح السعودية في أن تصبح قوة إقليمية لها نفوذها وسيطرتها في المنطقة، على حساب الوجود الإيراني.

 

اقرأ أيضا: بعد الباليستي.. ما شكل المواجهة القادمة بين الرياض والحوثي؟

واستبعد عيسى نشوب حرب مباشرة بين الرياض وطهران، لافتا إلى أن السعودية تعي أن الدخول في حرب مباشرة يعني تدمير للمنطقة بشكل عام، متوقعا أن تكون شكل المواجهة بين الطرفين "حرب بالوكالة" في ساحات جديدة، كما هو الحال في اليمن والعراق وسوريا.

في المقابل لم يستبعد محمد شريعتي مستشار الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، نشوب مواجهة مباشرة بين السعودية وإيراء على ضوء التصعيد الإعلامي والاتهامات المتبادلة بين الطرفين.

وقال شريعتي لـ"عـربي21": "هناك تصعيد خطير ممكن أن يرقى لمرحلة تصادم بين الجانبين، والأجواء كلها مهيأة لهذا، وهناك خطر كبير يلوح في الأفق، لأن الحرب ممكن أن تبدا ولكن لا يمكن الانتهاء منها بسهولة".


ورأى أن "المستجدات الحاصلة على الساحة الدولية، خاصة سياسات الحكومة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب؛ شجعت المملكة على أن تخطو في الاتجاه الخطأ".

وأضاف: أن "التصعيد الحاصل بين الرياض وطهران غير مبرر، لافتا إلى أن العلاقات بين الطرفين تحتاج إلى تهدئة دائما "فالسعودية قوة عربية إسلامية ذات تأثير قوي في العالم الإسلامي، وايران أيضا قوة إقليمية ولها تأثيرها".

وقال: "الهجوم على ايران أو حلفائها في المنطقة كحزب الله؛ ليس أمرا ليس سهلا وأظن أن المملكة تتصور أشياء لا وجود لها، مثل تحكم ايران في لبنان، وهذا أمر غير دقيق ويستدعي إعادة نظر".

وتابع: "ممكن لإيران أن تغير بعض سياساتها في المنطقة وتشرك المملكة العربية السعودية في القرارات بالنسبة للدول التي تشهد نزاعات في المنطقة كالعراق واليمن، ولا بد من التفاهم بينهما لصالح خدمة المنطقة".


ووصف شريعتي العلاقات السعودية الإيرانية التي كانت قائمة في عهد الرئيسين رفسنجاني وخاتمي بـ "الممتازة"، لافتا إلى أن "القيادة الجديدة للسعودية لا تعي كيف تحل الأمور والخلافات، واذا كان لديها إحساس بضرورة التوسع في النفوذ والسيطرة على المنطقة فإن التصرفات التي تنتهجها الرياض ليست الطريقة المثلى لتحقيق مصالحها في المنطقة".