نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن أستاذا "عرض حياته للخطر" ليخبر العالم عن الحياة في ظل تنظيم الدولة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن تيم رمضان، الذي كان مدرسا في مدرسة ابتدائية، قضى وقته كله محاولا تجنب تنظيم الدولة في مدينة الرقة، لافتا إلى أنه نقل ما يجري فيها، مخبئا في داخل قميصه كاميرا صغيرة على شكل زر، حيث سجل فيها حركة الرجال الملثمين في الشارع، ونقاط التفتيش، وإجبار الناس على ارتداء زي معين، وملاحقة المدخنين ومن يضبط في سلوك لا يتوافق مع أيديولوجية التنظيم.
ويكشف سبنسر عن أنه عندما كان رمضان يقود سيارته، أوقفه فجأة مقاتل من تنظيم الدولة عند حاجز تفتيش، ثم طلب منه أن يتحرك، فاعتقد رمضان أن هذه هي النهاية، مشيرا إلى أنه كان هناك خمسة مثله يسجلون واعتقلوا على يد التنظيم، وكان مصيرهم الإعدام.
وتنقل الصحيفة عن رمضان، قوله: "قدت بهذا الرجل مدة 30 دقيقة"، وكان يسجل طوال الوقت، واعتقد أنهم اكتشفوا ما يعمل، لكن ما حدث هو أن ذلك الرجل طلب منه أخذه إلى بيته.
ويلفت التقرير إلى أن رمضان كان مراسلا لمجموعة "الرقة تذبح بصمت" لمدة أربع سنوات، وينقل صورا وأصواتا من الرقة، التي عاشت تحت حكم تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن مجموعة "الرقة تذبح بصمت" كانت هي المصدر الوحيد للمعلومات عن أخبارالمدينة، بالإضافة إلى دعاية تنظيم الدولة، حيث كان عملا شاقا، بعضه مراقب.
ويبين الكاتب أن رمضان، وهو اسم مستعار، نقل الغارات الجوية والإعدامات، وفرض القوانين الصارمة على السكان والنقاب الإجباري على النساء، ومنع التدخين، لافتا إلى أنه كانت هناك مهام أكثر جرأة وخطورة، منها الحديث مع مقاتلي التنظيم -بعضهم كانوا تلاميذه في السابق- من أجل معرفة ما يجري داخل التنظيم الجهادي.
وتذكر الصحيفة أن رمضان كان يرسل تقاريره إلى الناشطين في تركيا، من خلال شبكة إنترنت، زودت حكومات غربية، ومنها بريطانيا، المجموعة بها لنقل الأخبار من الداخل، مشيرة إلى أن رمضان تلقى تدريبا على كيفية التصوير سرا، وقام بوضع أفلامه على "تويتر"، وتعامل مع عدد من المنظمات الإخبارية عبر "فيسبوك"، ومنها صحيفة "التايمز".
ويفيد التقرير بأنه في الوقت الذي كان من الصعب فيه التأكد من الأخبار القادمة من الرقة، فإن ما ينقله رمضان كان موثقا وموثوقا به.
ويقول سبنسر إن رمضان قدم معلومات عن منفذي اعتداء باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وكيف وجههم وأدار عملهم مسؤولون من داخل الرقة، لافتا إلى أن صحة المعلومات ثبتت عندما جرى اعتقال أعضاء الخلية.
ويقول رمضان: "كنت في مقهى للإنترنت، وسمعت مقاتلين أجانب يتحدثون إلى بعضهم باللغة الإنجليزية"، ويضيف: "قال أحدهم: وصل إخواننا إلى فرنسا، وسيقومون بالهجوم في غضون أيام.. كانت صدفة حيث مررتها للرجال في تركيا ولم تكن هناك تفاصيل"، وحدث بعد أيام الهجوم على مسرح باتكلان، الذي قتل فيه 130 شخصا.
وتقول الصحيفة إن رمضان أرسل على مدار العامين الماضيين صورا عن الوضع المتأزم في الرقة، وتعرضت حياته العام الماضي للخطر؛ ليس بسبب عمله، لكن بسبب القصف الذي قام به التحالف الدولي بقيادة أمريكا، واقتراب الجبهة منه، حيث لم يكن قادرا على الخروج من بيته، وبدلا من ذلك وصف ما شاهده من النافذة، مثل الأنقاض والجثث وقصص من الجيران عن الذين قتلوا أو هربوا.
ويورد التقرير نقلا عن رمضان قوله إن المئات، إن لم يكن الآلاف، من المدنيين قتلوا في الأيام الأخيرة من الحصار؛ بسبب الغارات، وبقي في بيته، حيث أرسل زوجته الحامل وأبناءه لمكان آمن، واضطر للخروج عندما طلب رجل كان يقيم معه مساعدته في الهرب، وفرا في الليل عبر خط القتال، وذلك قبل شهر من سقوط المدينة.
ويصف الكاتب مهمة رمضان بالخطيرة، حيث أعدم تنظيم الدولة خمسة أشخاص اتهمهم بالتجسس لصالح بريطانيا، وكان وراء اغتيال عدد من ناشطي "الرقة تذبح بصمت" ممن لجأوا إلى تركيا، مشيرا إلى أن رمضان لم يكشف عن اسمه للصحيفة، إلا بشرط الحفاظ عليه سرا، قائلا: "لا أحد كان يعلم ما أقوم به حتى زوجتي".
وتنوه الصحيفة إلى أن رمضان اجتاز الحدود السورية التركية في تشرين الثاني/ نوفمبر، ويعمل في مصنع في غازي عينتاب ليعيل عائلته، ولا يرى أي إمكانية للعودة إلى الرقة التي يسيطر عليها تحالف يقوده أكراد يحظون بدعم الولايات المتحدة، في المقابل هناك النظام والمليشيات التابعة له، ما يجعل العودة مستحيلة في ظل الوضع الحالي.
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول رمضان: "تنظيم الدولة وإيران وخامنئي والأسد لديهم العقلية ذاتها.. لا حرية من أي منهم".
هل تكون إدلب الخطوة التالية للنظام السوري عسكريا؟
هل تنتهي مشاهد القتل في سوريا بعد هزيمة تنظيم الدولة؟
ديلي تلغراف: ثلث أسلحة تنظيم الدوله أوروبية المنشأ