لأن "البلاهة" من سماته الشخصية، التي تعزله عن باقي الكائنات الحية، فإن الكائن السيساوي، تجده أبداً لا يكمل فكرة؛ لأنه تقريباً يفتقد القدرة على "تجميع الكلام"، وتعد الشخصية الأقرب للتعبير عنه، هو "يونس شلبي"، أو ابن الناظر في مسرحية "مدرسة المشاغبين"!
ولأني لا أميل كثيراً للتنظير، فسوف أنطلق للتعامل المباشر مع واحدة من خصائص الكائن السيساوي، التي سبق الإشارة إليها، وما يتيسر من خصائص!
فالكائن السيساوي يذرف الدمع الهتون؛ لأنه لم يُسمح لنقيب الصحفيين الأسبق ورئيس مؤسسة "الأهرام"، "
إبراهيم نافع"، بالعودة من الخارج ليموت في بلده، لا سيما بعد أن اشتد عليه المرض، وأجرى عملية جراحية كان احتمال فشلها كبيراً، وعندما مات أعيد للقاهرة بشكل مهين!
فالكائن السيساوي وهو "يتشحف" هنا، يتعامل كما لو كان من حال دون عودة "نافع" إلى أرض الوطن، ومن أهانه بعد الوفاة هو الرئيس محمد مرسي، ويوشك أن يخرج هاتفاً: "يسقط.. يسقط.. حكم المرشد". فهو هنا يفصل بين الحالة والمتورط فيها. فالحقيقة التي لم ينتبه لها السيساوي، أن سيده عبد الفتاح
السيسي هو المتورط في كل هذا؛ لأنه كان قد قرر ابتزاز "إبراهيم نافع" ليحصل منه على "إتاوة" مضاعفة للمعروض، مقابل تسوية قضية الفساد المتهم فيها "إبراهيم نافع"، فلما لم تمكنه الأقدار من استكمال مهمة الابتزاز بوفاة صاحبنا، كان الانتقام، بعدم الاهتمام بعودة "جثمانه" معززاً مكرماً إلى أرض الوطن، لكن الكائن "السيساوي" يكتفي بالبكاء على الحالة، دون أن يوضح المسؤول عنها!
والكائن السيساوي هو الذي يتحدث عن أن فوز الرئيس محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية كان بالتزوير، فبه تم إسقاط الفريق أحمد شفيق. ولا يقطع الطريق لآخره ليكتشف أنه لو صح الاتهام؛ لكان الفاعل الأصلي هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي كان يدير الانتخابات الرئاسية، وفي القلب منه عبد الفتاح السيسي وولي أمره المشير محمد حسين طنطاوي. كما أن هذا الكلام يمثل طعناً في نزاهة لجنة الانتخابات الرئاسية، وهي لجنة قضائية برئاسة رئيس واحدة من أعلى المحاكم في البلاد، كما أن الاتهام يترتب على إزالة آثاره أن يحكم الفريق أحمد شفيق لدورة رئاسية مدتها أربع سنوات.. بيد أن من خصائص الكائن السيساوي هو أن يقول جملاً ناقصة، غير مدرك أن اتهامه يمثل إدانة للسيسي تفقده الثقة والاعتبار، وتمثل دليلاً لعزله، ليحكم شفيق، والكائن السيساوي بطبيعة الحال لا يستهدف ذلك، لكنها الغيبوبة!
والكائن السيساوي، ولأنه لا يجد ما يدافع به عن السيسي، فإنه يردد "الأسطوانة المشروخة": يكفي أنه خلصنا من الإخوان، وعندما تواجهه بسؤال: وماذا فعل لك الإخوان؟ يبدو سؤالك مفاجئاً له؛ لا يملك حياله صداً أو رداً، فإذا عاجلته بسؤال آخر: وكيف خلصك من الإخوان، والنظام الحاكم، وبعد أكثر من أربع سنوات من عزلهم، يتهمهم بأنهم سبب كل إخفاقاته، فهم من يقفون وراء فشله في البر والبحر؟ عندئذ يقع الكائن السيساوي في "حيص بيص"، تعبيراً عند عدم قدرته على الرد؛ لأنه في الحقيقة يحفظ أناشيد ويرددها بدون وعي.. لأنه في غيبوبة، وهذه واحدة من خصائص الكائن إياه!
والكائن السيساوي، هو الذي يؤيد إعادة ترشيح شخص يفتقد أي ميزة، ويرى في رحيله خراباً للبلد، فإذا سألته عن العمار الذي شيده، فإنه سيصاب بالحول البصري، وكأنك تسأله عن أمر يقع في اختصاص علماء الفضاء!
الكائن السيساوي هو بلحمه وشحمه الذي أغضبه أن تنشر إحدى الصحف الحكومية أن "صلاح الموجي"، الذي تصدى لإرهابي كنيسة الجيزة، مسجل خطر. وينطلق حزيناً لعملية تشويه البطل، دون أن يكمل مهمته في التعرف على الجاني الحقيقي، وهو وزارة الداخلية التي قامت في البداية بتكريم نفسها، باعتبار ضباطها هم الذين أسقطوا "الارهابي المتوحش".. وعندما تكشف الصور التي التقطها المواطنون أن مصفحة الداخلية ولت الدبر، وأن رجال الشرطة تركوا الإرهابي "يتمخطر" في الشارع، وكأنه على "الكورنيش" لا ينقصه إلا "حفنة ترمس" من باب التسلية، عندئذ قامت الوزارة بكشف حقيقة "صلاح الموجي"، وكيف أنه متهم في عدد من القضايا: مخدرات، ومشاجرات، وضرب.
ولا يستطيع الكائن السيساوي أن يكمل نضاله بإدانة الجهة التي أرادات خطف انتصار "البطل"، وعندما فشلت نشرته تاريخه الاجرامي؛ لأن الكائن السيساوي جبان بالفطرة، وهذه واحدة أيضاً من خصائصه!
الكائن السيساوي، عندما يفتقد لمبرر للدفاع عن السيسي، يلوذ بالعاطفة، وبأنه انحياز منه للجيش، وللبيادة، ولخير أجناد الأرض، وذلك على مظنة أن المذكور هو ضابط الجيش الوحيد، ثم لا يجد حرجاً في تجريم عقيد بالجيش تم سجنه ست سنوات لمجرد أنه قرر خوض انتخابات رئاسة الجمهورية، ثم يشارك في الهجوم على واحد من قيادات الجيش، وهو الفريق أحمد شفيق، لمجرد أن أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية، وتجري استباحته مع أنه من خير أجناد الأرض، وصاحب بيادة أيضا، وشارك في حرب أكتوبر، في حين أن السيسي لم يشارك ولو في حرب الناموس.
والكائن السيساوي يدرك، على غيبوته، أنه على الباطل، فلا تجده أبداً، يدافع عن انحيازاته بالدليل والإقناع، ولكنه يهرب إلى السب والشتم، فلا يوجد عنده ما يقوله.
الكائن السيساوي، إن تحمل عنه يلهث وإن تتركه يلهث!