بعد حوالي ثلاث سنوات من انطلاق عاصفة الحزم لتمكين السلطة الشرعية في
اليمن، يواجه التحالف العربي والأطراف اليمنية الموالية للشرعية مأزقا يتمثل في التحرك البطيء نحو حسم المعركة. فلا تزال العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى مدينة تعز والمنطقة الشمالية الشرقية، في أيدي الحوثيين. يتوسع ذلك المأزق في مشهد الاضطرابات التي تؤججها القوات غير النظامية في عدن والمدعومة إماراتيا، وأعني الحزام الأمني. وتكتمل صورة هذه المخاطرة المتزايدة للسعودية بجنوح الحالة الإنسانية في اليمن؛ إلى كارثة عالمية أعلنت عنها المؤسسات الدولية والصليب الأحمر.
منذ أن بدأ التحالف عملياته في اليمن، أظهرت العلاقات
السعودية الإماراتية تقاربا أكبر، حيث كان بروز ابن سلمان مع هذه الحرب قبل توليه ولاية العهد، أمرا لافتا أولى له ابن زايد اهتماما كبيرا.
ويبدو أن تولي ابن سلمان قيادة العمليات قد أفهم الإمارات رغبة ابن سلمان في رسم مستقبل سياسي مختلف بالنسبة له. لقد أدرك محمد
بن زايد وهو الأمير الذي من الطبيعي أن يكون واعيا لأمور تحول السلطة في دول الخليج، حيث باتت معالم دولة أحفاد عبد العزيز واضحة بعد إعلان محمد بن نايف وليا للعهد وابن سلمان وليا لولي العهد، لهذا أسرعت الإمارات لمساندة ابن سلمان الذي كان وليا لولي العهد في وقته، وزجت بالكثير من قواتها في التحالف العربي لتحقيق أمرين: التقرب من ابن سلمان وكسبه في صف التوجهات الإماراتية المنافسة لقطر، وفرض واقع ميداني في اليمن الذي يطمع الإماراتيون بتثبيت أقدامهم في الجزء الجنوبي منه. ساعد في ترويض الإمارتيين لابن سلمان علاقة محمد بن نايف مع قطر، وبالتالي سيسهل إقناع ابن سلمان بأي شيء ما دام ذلك الأمر مرتبطا بمنافسه محمد بن نايف، وأعني هنا إقناعه بأي شيء متعلق بقطر.
لقد تحولت إرادة السعودية القوية في اليمن بداية الحرب إلى ذلك الأسد مسلوب الارادة، وذلك بفعل إقحام المملكة في أزمة قطر. لقد كانت هذه الأزمة لإرباك السياسي السعودي كي يشعر بحاجته لمن يسانده، ودور المساند أتقنه الإماراتيون بالفعل، وبالتالي حصلوا على رضى كبير من السعودية، أدى ذلك بابن سلمان للتغاضي عما تقترفه الإمارات من بلطجة في اليمن. فعلى المستوى السياسي فرضت الإمارات أسماء محافظين في عدة محافظات يمنية بدلا من محافظين محسوبين على الإصلاح، كما أنشأت الإمارات الحزام الأمني الذي يقوم بدور السلطة، بل يتحداها في أحيان كثيرة، والأحداث الأخيرة في عدن شاهدة على ذلك.
يمكن أن نقول إن خطام المملكة أضحى بيد ابن زايد في اليمن، حتى إن ما أسمته حكومة ابن دغر انقلابا؛ لم تعلق عليه السعودية، بل أثنت على من دبر هذا الانقلاب، حيث قال سفير السعودية في اليمن إن تحالف الإخوة أرجع الأمور إلى نصابها، وكأن الحزام الأمني وهاني بن بريك لا تصدر أوامر تحركهم من الإمارات!! المملكة الآن في اليمن هي أداة إماراتية مع الأسف الشديد.