نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي يريد الظهور في ثوب رجل الحرب، الذي نجح في كسب المعركة على الإرهاب.
وأشارت إلى أن الأمر المثير للاستغراب هو أن هذا الرئيس، الذي عجز عن الوقوف في وجه الأزمات التي تمر بها بلاده على غرار الفقر المدقع، أقام حملة انتخابية سخر لها أموالا ضخمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الجيش المصري حقق خلال الأسبوعين الأخيرين سلسلة من الانتصارات في إطار الحملة ضد الإرهاب. وقد نجح الجيش المصري في القضاء على 20 مشتبها به وإحباط عملية انتحارية، علاوة على تدمير 180 مخزن أسلحة. خلال مطلع السنة الجارية، وأعلن الرئيس المصري عن انطلاق عملية "سيناء 2018"، التي جند في إطارها عشرات الآلاف من الجنود، لتنتهي بمقتل 70 عنصرا متطرفا واعتقال 2000 آخرين.
وأكدت الصحيفة أن النظام المصري حاول استعراض قوته أمام الشعب المصري من خلال عرض حصيلة عملية "سيناء 2018" العسكرية. في خضم هذه الأحداث، يستعد المصريون لاستحقاق انتخابي رئاسي، وتحديدا في أواخر الشهر الجاري. ويبدو أن عبد الفتاح السيسي، الذي يشغل منصب الرئاسة منذ سنة 2013، في طريقه للفوز بولاية جديدة. وفي هذا السياق، لسائل أن يسأل، "كم ستبلغ نسبة الأفراد الذين سيصوتون لفائدة الرئيس المصري الحالي في الانتخابات؟".
اقرأ أيضا: "الحركة المدنية" ترفض سياسة السيسي بالملفات الاستراتيجية
وأشارت الصحيفة إلى أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة انتهت بفوز السيسي بنسبة 97 بالمائة. ولضمان بقائه على رأس السلطة، حاول السيسي كسب أصوات المصريين عبر افتتاح مركز قيادة قوات مكافحة الإرهاب شرق القناة في سيناء، فضلا عن الخضوع لاختبار طبي. بالإضافة إلى ذلك، تعامل السيسي مع خصومه السياسيين بشكل صارم، حيث هدد يوم الخميس الماضي، بتوجيه تهمة الخيانة العظمى لكل شخص يجرؤ على انتقاد عملية سيناء العسكرية.
وأوضحت الصحيفة أنه وخلال الأسابيع الماضية، تعرض أغلب المرشحين للانتخابات الرئاسية للاعتقال. وعلى الرغم من أن منظمة هيومن رايتس ووتش انتقدت حملة الاعتقالات التي شملت أغلب منافسي السيسي، إلا أن السلطات المصرية لم تطلق سراح هؤلاء المعتقلين.
من جهتهم، اضطر المعارضون لإبداء رأيهم حيال موجة الاعتقالات بأسلوب ساخر. ولم ينج من حملة الاعتقالات إلا موسى مصطفى موسى، الذي تمكن في وقت قياسي من جمع حوالي 47 ألف توقيع تؤهله للترشح للسباق الرئاسي. وخلال هذا الأسبوع، رفض موسى إجراء مناظرة تلفزيونية مع منافسه.
وأضافت الصحيفة أن مصر تعاني من العديد من المشاكل على غرار الفقر واضطهاد حقوق الأقليات، علاوة على قمع حرية التعبير والصحافة. وفي حين أن السيسي تلقى إمدادات عسكرية بقيمة 708 مليون يورو من طرف الحكومة الألمانية، إلا أنه يفتقر للرؤية الواضحة إزاء سبل معالجة الاضطرابات، التي تشهدها شبه جزيرة سيناء وخاصة المنطقة الواقعة بين العريش وقطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة أن النظام المصري شن منذ سنة 2013 حربا حامية الوطيس ضد تنظيم الدولة بدعم من إسرائيل. وقد أسفرت هذه الحرب إلى حد الآن عن مقتل 1000 جندي في صفوف القوات المسلحة المصرية، علما وأن هذا العدد يعد محدودا مقارنة بعهد الرئيس المصري الأسبق، جمال عبد الناصر. فخلال الفترة الممتدة بين سنتي 1962 و1967، خسر الجيش المصري قرابة 20 ألف جندي جراء المشاركة في حرب اليمن.
وأفادت الصحيفة أن السيسي وجد نفسه مجبرا على تقديم تبريرات بشأن العدد الكبير من الجنود الذين لقوا حتفهم خلال الحرب ضد الإرهاب وكيفية نجاح تنظيم الدولة في تنفيذ هجوم إرهابي استهدف مسجدا وخلف 300 قتيل. ونظرا لعجزه عن ذلك، أطلق السيسي يد الجيش لتنفيذ هجوم مكثف ضد العناصر المتطرفة في شبه جزيرة سيناء.
اقرأ أيضا: التباين بين دعاية السيسي وموسى يكشف حقيقة المنافسة
وذكرت الصحيفة أن السيسي طالب أهالي سيناء بعدم التذمر من الممارسات القمعية للقوات الأمنية. وفي هذا السياق، أفاد الرئيس المصري مخاطبا أهالي سيناء: "لم يبلغ القمع أقصى حدوده بعد". وعلى الرغم من كل هذه الإخفاقات، إلا أن السيسي يحظى بدعم خارجي خاصة على الصعيد الاقتصادي.
وفي الختام، بينت الصحيفة أن السيسي حاول تحسين وضع بلاده الاقتصادي عبر إنشاء صندوق "تحيا مصر". ومن المثير للسخرية أنه وفي حين يعيش ربع الشعب المصري في حالة فقر مدقع، دعا الرئيس المصري المواطنين للتبرع لفائدة هذا الصندوق.
إسرائيل تغير بوصلة تحالفها مع تركيا نحو اليونان والعرب
كيف تجرأ السيسي على ترسيخ السلام والأمن مع إسرائيل؟
دبلوماسي إسرائيلي: صفقة الغاز تعكس شعور السيسي بالأمان