في أول جمعة من شهر
نيسان/ إبريل تحتفل
مصر وعدد من بلدان العالم العربي بيوم اليتيم، الذي أطلقه أحد
المتطوعين في إحدى دور
الأيتام المصرية عام 2003، إلا أن الاحتفال يخفي وراءه
الكثير من الأوضاع المزرية، والأخبار السيئة عن وضع الأيتام في مصر.
وفي السنوات الأخيرة،
زادت المخالفات داخل دور الرعاية الخاصة بالأيتام لتشمل الانتهاك الجسدي والنفسي
والاستغلال الجنسي، والمادي، خاصة في بلد يبلغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون شخص،
وترتفع فيه نسبة الطلاق.
ويوجد نحو 472 دارا
للأيتام على مستوى الجمهورية، إلا أن أكثر من 75 بالمائة من هذه الدور تستحق
الإغلاق، وفق تصريحات وزيرة التضامن الاجتماعي في نيسان/ أبريل 2017، حيث
تفتقر لأبسط معايير الحياة الكريمة، والمعاملة الإنسانية بدعوى قلة الموارد
البشرية والمادية.
وانتشر مقطع مصور على
وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2014 لمدير دار مكة للأيتام بحي الهرم في القاهرة، وهو يقوم بتعذيب أطفال صغار بالعصي والضرب المبرح، ما أثار حفيظة الرأي العام
المصري، وفتح الباب أمام انتشار عشرات المقاطع المصورة الأخرى منذ ذلك الحين.
ويبلغ عدد الأيتام في مصر
نحو 5 مليون طفل يعيشون مع أسرهم أو في دور رعاية متخصصة، وفي كل عام تغلق
وزارة التضامن الاجتماعي بعض دور الأيتام بسبب مخالفات متنوعة تتعلق بتعريض
حياة الأطفال للخطر.
"منظمات بعيدة ودولة غائبة"
يقول مدير مركز هشام
مبارك للقانون، مصطفى أبو الحسن، إن "منظمات المجتمع المدني بعيدة عن القيام
بدورها تجاه الأيتام؛ نتيجة التضييق على منظمات المجتمع المدني، وسيطرة الدولة على
العمل الأهلي، ومنع التمويل وتعطيل المبادرات مما يؤدي إلى تقليص دورها وخاصة الخدمي
منها".
وأكد
لـ"
عربي21" أنه "لا يوجد أي نوع من أنواع الرقابة الحقيقية من قبل
وزارة التضامن الاجتماعي على دور الأيتام، بل على العكس، الأيتام تنتهك حقوقهم، ولا
تتحرك إلا عندما يثار الأمر على وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي".
وانتقد في الوقت ذاته
استغلال بعض الجمعيات "الأيتام للمتاجرة بهم، والتربح من ورائهم من خلال تلقي
الدعم والتبرعات، حيث تنتشر إعلاناتها في الفضائيات والصحف، ولا نعلم أين تذهب تلك
الأموال الضخمة التي تجمع من جيوب المصريين، فلا توجد رقابة جادة وواضحة من وزارة
التضامن تكون لمتابعة هذه الدور".
أيتام بلا كفيل
خبيرة الصحة النفسية
والإرشاد الأسري، عبير طلعت، أكدت بدورها أن "اليتيم في مصر لا يتلقى
أدنى مستوى من الرعاية خاصة منذ عهد المخلوع مبارك، حيث كانت تهيمن
وزارة التضامن الاجتماعي على كبريات دور الأيتام بهدف التربح والتكسب على حساب
معاناة الأيتام".
وأضافت
لـ"
عربي21" أن "الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأهلية تمكنت من ضم
بعض الأيتام لكفالتها، إلا أن العديد منها أغلق الآن؛ ما أدى إلى زيادة معاناة
الأيتام، بل أصبح كل المصريين في عداد الأيتام على مائدة الانقلاب".
تراجع دور الدولة
ويرى عضو لجنة التضامن
الاجتماعي، بالبرلمان المصري، خالد حنفي، أن دور الأيتام في مصر ليست على قدر
المأمول، قائلا: "وضع الأيتام في دور وزارة التضامن الاجتماعي بحاجة إلى
المزيد من الرعاية والاهتمام، وتطوير هذه الدور".
وأوضح
لـ"
عربي21" أن "الأيتام بحاجة إلى مظلة اجتماعية أكثر شمولا بحيث
يشعروا بوجود اهتمام من الدولة، والأكثر خطورة هؤلاء الأيتام المشردون في الشوارع،
وهم بلا شك من الفئات الأكثر احتياجا".
وفيما يتعلق بالانتهاكات،
قال إن "الكثير منها هو سلوك فردي من بعض الأشخاص في بعض دور الأيتام،
بالإضافة إلى عدم وجود رقابة بشكل كاف لجعل تلك الدور تؤدي عملها، فبعض المشرفين
لديهم مشاكل وعقدات نفسية".
دور أيتام وأشياء أخرى
وعلقت الكاتبة الصحفية،
إلهام عبدالله، بالقول: "هناك أكثر من 6 مليون طفل يسكنون دور الأيتام، وهم
يعانون من الانتهاك الجسدي والنفسي، حيث تطالعنا وسائل الإعلام المختلفة يوميا
بأنماط جديدة من الجرائم الوحشية داخل دور الرعاية لم تكن مألوفة من قبل، ورغم سيل
التصريحات الحكومية المتكرر يوميا التي تزعم أنها تراعي الفئات المهمشة، إلا أن
الحقائق في دور الرعاية ترصد زيادة حجم العنف والجريمة الذي يرتكب ضد
الأيتام".
وانتقدت في تصريحات
لـ"
عربي21" "غياب دور الحكومة في مراقبة دور الأيتام، والإشراف
عليها بما يضمن حياة كريمة للأيتام"، مشيرة إلى أنه "منذ وصول السيسي
لسدة الحكم في مصر، والمجتمع المدني يعاني من إجراءات النظام التعسفية ما أدى إلى
إغلاق العديد من دور الأيتام والجمعيات الأهلية تحت مسمى دعم وتمويل
الإرهاب".
وذهبت إلى القول بأن
"نظام السيسي استغل بعض هذه الدور كمعتقل للأطفال الذين يتم القبض عليهم بتهم
سياسية انتقاما من أهاليهم المعارضين"، لافتة إلى "استغلال بعض مسؤولي الدولة وأصحاب المؤسسات الخيرية
المنح والتبرعات والعطايا التي يتم التبرع بها لصالح الأيتام".